تتويج لأعمال جمعت التراث الرقمي المتعلق بالانتفاضات والتحرّكات الشعبية التي شهدتها تونس خلال الأيام الـ29 الممتدة بين 17 ديسمبر 2010 و14 جانفي 2011، هذا الرصيد المُحمّل بقيمة إخبارية وشحنة عاطفية جاء في معرض توثيقي أنجزه ائتلاف مدني ومؤسساتي بدعم من وزارة الشؤون الثقافية بعنوان « أربعطاش غير درج، أوان تونس »، افتتحه اليوم الاثنين بمناسبة الذكرى الثامنة للثورة رئيس الجمهورية الباجي قايد السبسي.
ويقدم المعرض بمكوناته الأرشيفية الرقمية المسجلة على شاشات تلفزية تم تركيزها في حجرات يتابع عبرها زوار المعرض مقتطفات من نشرات إخبارية نقلتها مختلف الفضائيات العالمية حول حدث إسقاط النظام السابق ومغادرة زين العابدين بن علي للحكم تحت ضغط « الانتفاضات الشعبية »، مادة أرشيفية مكتوبة على مجسمات جدارية أيضا أثثت هذا المعرض عبر تدرُّج لسير التحركات الشعبية مكانيا وزمانيا.
معرض « أربعطاش غير درج، أوان تونس » ضمّ في تسلسله التوثيقي ثلاثة أقسام كبرى: يحمل القسم الأوّل منها عنوان « تحت الرماد اللهيب » أي الفترة التي سبقت أحداث الثورة ومهّدت لقيامها. ويستحضر القسم الثاني للمعرض الأدوار الحاسمة للثورة من تاريخ 17 ديسمبر 2010 إلى 14 جانفي 2011. أما القسم الثالث فيوثّق للأحداث التي تلت 14 جانفي 2011 وتواصلت إلى غاية ماي 2011.
وقد ترجم هذا المعرض الأيام الـ29 للثورة في ثمانية أزمنة تتماثل في ظاهرها، فكل المظاهرات والاحتجاجات تتشابه ولكن لكل تظاهر ميزته الخاصة، وكل مرحلة ترفع الحجاب عن استراتيجية جديدة وتبين تدرّج المطالب وسريان النفخة الثورية في البلاد، هذه الدينامكية الثورية ذات الايقاعات الثماني لم يغفل عنها المعرض من خلال إبرازها في تدوينات صفحات فايسبوكية تم عرض محتواها عبر شاشات مركزة في شكل نوافذ.
ولدى افتتاحه لهذا المعرض وتجوله في مختلف أرجائه، أكد رئيس الجمهورية الباجي قايد السبسي في كلمة ألقاها بالمناسبة على أهمية هذا « المشروع الوطني التوثيقي » في حفظ الذاكرة والتأريخ لحدث فارق في مسيرة الانتقال الديمقراطي في تونس، لافتا إلى القيمة التوثيقية للمواد التي تم تجميعها والتي من شأنها أن تساهم في إبراز الصبغة الكونية للثورة التونسية خارج حدود الوطن.
ومن جهته بيّن وزير الشؤون الثقافية محمد زين العابدين في تصريح لـ »وات » أن المراجعة التاريخية والعلمية لمكونات المعرض تولتها شبكة دستورنا ونخبة من الجامعيين والباحثين الذين اشتغلوا على مضامين هذا المعرض، مشيرا إلى أهمية المجهود الذي قاموا به للتدقيق والتثبت في صدق المعطيات التوثيقية المعروضة والتمسك بمنهج موضوعي في الطرح والبحث ليكون المعرض وفيا لما ثبت من تسلسل في الأحداث ومحركا لشحن عاطفة تؤلف بين الجميع.
وأفاد محمد زين العابدين أن وزارة الشؤون الثقافية دعمت هذا المشروع عبر صندوق التشجيع على الابداع بتخصيص منحة له قيمتها 100 ألف دينار.
وتجدر الإشارة إلى أن معرض « أربعطاش غير درج، أوان تونس » يتواصل بمتحف باردو إلى غاية يوم 31 مارس المقبل، وسيتمّ أيضا عرض نسخة خصوصيّة منه بين شهريْ مارس وسبتمبر القادميْن بحصن « سان-جان » الملحق بمتحف حضارات أوروبا والمتوسط (ميسم) بمرسيليا. وسيحطّ رحاله في نهاية المطاف بمتحف قصر السعيد ليغدو معرضا قارّا هناك.
ويجدر التذكير بأن الائتلاف القائم على إنجاز هذا المعرض يتكون من مؤسسة الأرشيف الوطني التونسي ودار الكتب الوطنية ومكتب المغرب العربي للشبكة الأوروبية-المتوسطية لدعم المدافعين عن حقوق الإنسان ومركز التوثيق الوطني والمعهد العربي لحقوق الإنسان والمعهد الوطني للتراث والمعهد العالي للتوثيق والمعهد العالي لتاريخ تونس المعاصر وشبكة دستورنا والمتحف الوطني بباردو ووكالة إحياء التراث والتنمية الثقافية.
شاهد أيضاً
هيئة الانتخابات توصي بتوضيح علاقة المجالس المحلية المنتخبة ببقية السلط اللامركزية وبالسلط اللامحورية
تضمّن تقرير الهيئة العليا المستقلة للانتخابات حول مسار تركيز المجلس الوطني للجهات والأقاليم، توصيات تعلقت …