ذكر رئيس المعهد العربي لرؤساء المؤسسات، الجمعة 08 ديسمبر 2023، خلال كلمة افتتاحية ألقاها بمناسبة انعقاد أشغال الدورة 37 من أيام المؤسسة بمدينة سوسة تحت عنوان “المؤسسة والطابع غير الرسمي..التهميش والحلول العالقة”، أنّ هذا “القطاع غير الرسمي” يؤثر على ثلث اقتصادنا، أي ثلث الناتج المحلي الإجمالي ويوظف نسبة 45% من السكان حسب عدة تقييمات وبالتالي فهو يشكل المصدر الرئيسي للدخل لقرابة نصف التونسيين.
وبيّن البياحي أنه اقتصاد ذو إنتاجية ودخل منخفض ويعكس أشكالاً مختلفة من عدم المساواة الاقتصادية والاجتماعية والجهوية كما يرتبط بشكل خاص بالتهرب الضريبي والظلم وفساد المجتمع، والمنافسة غير العادلة وعدم احترام حقوق العمال وكذلك عدم الالتزام بالقوانين والقواعد المعمول بها.
واعتبر البياحي أن “اللارسمية” هي سم حقيقي يريد الانتشار على نطاق واسع ويخلق ورماً سرطانياً حقيقياً في الجسم الاقتصادي للبلاد ويجب القضاء عليه لأن القطاع غير الرسمي يعرّض للخطر استدامة الشركة واستمرارية الدولة واستقرارنا الاجتماعي والعدالة بصفة عامة ويهدد بتقويض ثقتنا وكذلك ثقة مواطنينا في مؤسساتنا كما يعيق بشكل دائم إمكانات نمونا الاقتصادي فضلا عن كونه مصدرا للفساد.
وقال البياحي نحن ندرك اليوم تماماً عجز أنظمة الحكم الحالية عن فهم هذه الظاهرة خاصة مع انتشارها على كافة مستويات مجتمعنا وبأشكال مختلفة داعيا إلى ضرورة مكافحة هذا القطاع بكل جدية عبر توفر الإرادة السياسية القوية في المقام الأول والدعم الشعبي الكامل والتطبيق الصارم والعادل لسيادة القانون وتعزيز الشفافية وتبسيط الإجراءات واللوائح وتقليل التفويضات التي تعتبر المصدر الرئيسي للمحسوبية والفساد، إلى جانب تطبيق الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية والتنظيمية التي قد تبدو غير عادلة ولكن يجب بالضرورة أن تكون مصحوبة بتدابير قادرة على حماية الفئات الأكثر ضعفا، حتى تضمن العدالة، وفقه.
واعتبر البياحي الشركات التونسية الخاصة، والمملوكة لعائلات، أولى ضحايا هذا النشاط غير الرسمي والتي بالنسبة لغالبيتها فعالة وتنافسية على الرغم من هذا السياق، لأنها “تطورت بصبر على مدى عدة أجيال وهي تقاوم من أجل الاستمرار وتدرك تمامًا أن من مسؤوليتها أيضًا مكافحة النشاط غير الرسمي من أجل دولة أفضل، وحياة أكرم للمواطنين” كما جاء على لسانه.
ومع ذلك يقول لا تزال هذه الشركات الخاصة تتعرض للتشهير على الرغم من أنها تخلق وحدها الثروة وفرص العمل طويلة الأجل متابعا بالقول ” دعونا نعمل معًا لبناء دولة أقوى وأكثر عدالة وكفاءة”.
وأشار رئيس المعهد العربي لرؤساء المؤسسات أنّ اختيار موضوع هذه الدورة من أيام المؤسسة فرض نفسه لأهميته ولضرورة تسليط الضوء عليه أكثر بعد أن كنا نتعامل معه بطريقة هامشية.
وأكد أنّ هذه المواضيع المركزية والمتعلقة بـ “الطابع غير الرسمي” و”عدم المساواة” تتجاوز الحدود الجغرافية، وتؤثر على حياتنا وعلى حياة مئات الملايين من الأشخاص حول العالم.
وأضاف البياحي أنّ خطورة هذا الظاهرة أصبحت أكثر وضوحا بالنسبة إلينا هذه السنة، بسبب الوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي الذي لا تمر به بلادنا فحسب، بل ما يمر به العالم، والذي تفاقم بسبب وضع جيوسياسي غير مسبوق مبينا أنّ هذا هو السياق والإطار العام، والمعقد بشكل خاص، والذي سيتم التعامل معه خلال هذه الدورة.
وذكر البياحي أن العالم يعيش منذ ثلاث سنوات فترة استثنائية من الأزمات والاضطرابات السياسية والجيوسياسية العميقة والتي ستترك أثرا عميقا لا يمحى ومنها أزمة كوفيد 19 واندلاع الحرب الروسية الأوكرانية منذ 2022 وصراع الشرق الأوسط في فلسطين المحتلة والذي أعاد فرض نفسه من جديد وبشكل غير مسبوق، وفق قوله، في 07 أكتوبر الماضي وأغرق هذه المنطقة والعالم أجمع في حالة من عدم اليقين ملاحظا أنه مهما كانت نتيجة هذه الحرب فلن يعود الأمر كما كان من قبل حسب تعبيره.
وبالإضافة إلى هذه الأحداث نجد القضايا البيئية والتي زادت الوضع سوء كتغير المناخ وندرة الموارد الطبيعية، وأهمها المياه.
وقال إن هذه الأحداث أثارت تساؤلات حول أسس النظام الاقتصادي الدولي الذي اعتدنا عليه، وعلى العيش بطريقة مريحة وربما بأنانية في بعض الجوانب.
وذكّر البياحي أن المعهد العربي لرؤساء المؤسسات سبق وأن نبّه خلال الدورة السابقة لأيام المؤسسة إلى أهمية الأخذ بعين الاعتبار التهديدات الخطيرة التي نعيشها والتي تؤثر على مصالحنا الحيوية وتهدد أمننا الاقتصادي وسيادتنا الوطنية.
هدى القرماني