الاعداد : معز بسباس
متفقد رئيس للديوان الوطني للملكية العقارية ( فرع المنستير )
1- الملك العام : الأمر العلي المؤرخ 14 سبتمبر 1885
تختلف أصناف العقارات حسب اختلاف نظمها القانونية فيما يتعلق بطرق التصرف فيها واكتسابها .
يخضع الملك العام إلى عدة قوانين تضبط و تنظم مختلف مكوناته و يبقى النص المرجعي الأمر العلي المؤرخ 14 سبتمبر 1885 الذي عرف في فصله الأول هذا الملك كما يلي :
*شاطئ البحر ،
*مجاري المياه على اختلاف أنواعها بما في ذلك الأراضي المكونة لضفافها ،
*العيون المائية على اختلاف أنواعها ،
*المرافئ و المواني و المنشآت التابعة لها ،
*المنارات و العلامات المضيئة و كل المنشآت الرامية إلى إنارة و تشخيص الشواطئ،
*الأراضي و المنشآت المستعملة لاستغلال الممرات المائية و البطاحات المخصصة للمصلحة العامة ،
*الأنفقة المائية و الآبار و المراوي المخصصة لاستعمال عمومي و توابعه ،
*قناة الملاحة و الري و التجفيف المنجزة لمصلحة عامة و الأراضي المتاخمة لها و بقية توابع هذه القنوات ،
*الطرقات و الأنهج و السكك الحديدية و توابعها.
وهذا التعداد لمكونات الملك العام جاء على سبيل الذكر لا الحصر إذ نصت الفقرة الأخيرة من الفصل المذكور على أن الملك العام يشمل كل المنشآت التي لا يمكنها أن تكون ملكا خاص .
وهناك اجماع على أن الملك العام يتكون من العقارات التي على ملك الدولة أو الجماعات العمومية و المخصصة للاستعمال العمومي بطبيعتها أو بفعل تهيئة خاصة أدخلت عليها .
ومن خلال هذا التعريف يتبين أنه يمكن تصنيف الملك العام إلى صنفين ، الملك العام الطبيعي و الذي يشتمل على العقارات التي اكتسحها عامل طبيعي و أخضعها لنظامها القانوني الخاص وفق الاجراءات المعمول بها و الخاصة به كالملك العمومي البحري و الملك العمومي للمياه و الملك العمومي للغابات .
و بالمقابل نجد الملك العمومي الاصطناعي و الذي يشمل عقارات على ملك الدولة أو جماعات عمومية و أحدثت عليها تهيئة خاصة قصد تخصيصها للاستعمال العمومي كالملك العمومي للطرقات و الملك العمومي للتراث و الملك العمومي للمواني البحرية و التجارية و الملك العمومي لمطارات .
ولقد أفرد المشرع كل نوع من أنواع الملك العمومي بقانون خاص لضبط نظامه القانوني و طرق تحديد مكوناته و التصرف فيه و تشترك جميعها في كون استغلال الملك العمومي من قبل الخواص يتم بموجبه لزمة أو بوجه الاشغال الوقتي و في الصورة الأخيرة يكون الاشغال وقتيا و لا يتولد عنه حقوق خلافا للحالة الأولى التي تجسم فيها الاشغال بعقد تحدد التزامات طرفي العقد وهما صاحب اللزمة و مانح اللزمة .
*الملك العمومي للجماعات العمومية المحلية :
و فيما يخص الجماعات العمومية المحلية فقد تم تحديد مكونات الملك العمومي الراجع لها بالقانون الأساسي للبلديات عدد 33 لسنة 1975 المؤرخ في 14 ماي 1975 و المنقح بالقانونين الأساسيين عدد 43 لسنة 1985 المؤرخ في 25 أفريل 1985 و عدد 24 لسنة 1991 المؤرخ في 30 أفريل 1991 و القانون الأساسي للمجالس الجهوية عدد 11 لسنة 1989 المؤرخ في 04 فيفري 1989 و ذلك لكونه يتكون من القطع الراجعة لها بالملكية :
*المستعملة كشوارع أو ساحات أو حدائق عمومية أو طرقات .
*المحتوية على منشآت لتوزيع المياه و الغاز و الكهرباء و منشآت التطهير و غيرها ذات المصلحة العامة كلما عهد بها للبلدية .
*المعدة لاحدى المنشآت المنصوص عليها بمثال التهيئة أو التي هي محل تصريح خاص بالمصلحة العمومية .
*أجزاء الملك العمومي للدولة و التي تحيلها الوزارات المشرفة على ذلك الملك إلى البلدية .
و بقطع النظر عن الأحكام الخاصة بكل نوع من أنواع الملك العمومي فانها تشترك جميعها في الخصائص القانونية التالية و التي تمثل أساس الحماية التي أحاطها بها المشرع :
عدم سريان الحوز المكسب للملكية عليها ، فمهما طال حوز شخص قانوني لقطع أرض مصنفة كملك عمومي لا يكسبه الملكية مهما كان نوع الحوز و مهما طالت مدته ،
عدم قابلبته للتفويت فحتى إن شملت عملية تفويت عقارا تبين لاحقا أنه تابع للملك العمومي فان البيع يعتبر باطلا لا يمكن حجزه أو عقلته بأي وجه من الوجوه .
وهذه الخاصيات تم اقرارها من قبل المشرع التونسي منذ سنة 1885 بموجب الأمر العلي المؤرخ في 24 سبتمبر 1885 و أراد بها حماية المرفق العمومي الذي يؤمنه هذا الملك ، و تجعل هذه الخصائص من الملك العمومي ملكا غير قابل للتسجيل العقاري .
هذا و تجدر الاشارة إلى وجود توجه تشريعي جديد في بعض أصناف الملك العمومي ، تحت تأثير اشتداد المنافسة بين الاقتصاديات و سعيا لتعزيز التنمية ، يهدف إلى فتح فضاءات جديدة للاستثمار و تمكين المستثمرين من الضمانات العينية اللازمة للحصول على قروض على غرار الملك العمومي للمواني التجارية و البحرية .
يعتبر حق الأفراد في اكتساب الملكية من أقوى الحقوق حسب الدساتير و المواثيق الدولية حيث أنه مضمون و يمارس في حدود القانون .
وقد شرع للذوات القانونية المختلفة اعتبارية كانت أم مادية حق اكتساب العقارات و ممارسة سلطات كاملة عليها و لها في ذلك حق استغلالها و التصرف فيها و استعمالها في إطار القانون ، و بذلك يمكنهم تبادلها و تداولها خلافا للملك العام بل يذهب المشرع إلى أبعد من ذلك بأن يتم اكتسابها بالتقادم المسقط ، و لا تتمتع بالحماية التي يتمتع بها الملك العام ، إلا أنها يمكن أن تكتسب هذه الحماية بالتسجيل العقاري و الترسيم بالسجل العقاري .
2- الملك الخـــــــاص :
أ- الملك الخاص للدولة :
و يمكن تصنيف الملك الخاص كالآتي :
لقد تم تعريف الملك الخاص للدولة بالأمر العلي المؤرخ في 18 جوان 1918 في فصله الأول بكونه :
” عبارة عما للدولة من الربع و العقار و الحقوق العقارية سواء كانت في حوزها و تصرفها الآن أو لم يكن كذلك غير ان في امكانها القيام باستحقاقه لكونه بيد أفراد لا حق لهم عليه ، كل ذلك مع مراعاة ما عسى أن يكون للغير مما ذكر من الحقوق الثابتة شرعا “
ويشمل بذلك كل المكاسب و الحقوق المنقولة و غير المنقولة التي ترجع للدولة أو تكتسبها طبقا للقانون وفق أسباب كسب الملكية و الخاضعة للقواعد
العامة و أجاز لها تصرف الأفراد في ممتلكاتهم بالتفويت و التسويغ و غيرها من الطرق الأخرى ، و بذلك فهي خارجة عن دائرة الممتلكات الخاضعة للقواعد الاستثنائية الخاصة بالملك العام .
و يذهب فقه القضاء إلى حد اعتبارها أملاك خاضعة للتقادم المكسب للملكية ، و يمكن للخواص التملك بها بالحوز .
و يمثل ملك الدولة الخاص الفلاحي استثناءا إذ ضيق المشرع في حدود التصرف فيه بأن منع التفويت فيه و حصر أوجه التصرف اللازمة لتأمين دوره الاقتصادي و الاجتماعي في التخصيص بالنسبة للأراضي الموضوعة على ذمة ديوان الأراضي الدولية الذي يتولى استغلالها فلاحيا . أما بقية العقارات الدولية الفلاحية فيتم تسويغها لفائدة الخواص في إطار الاجراءات الخاصة بها بالتنسيق بين وزارة الفلاحة ووزارة أملاك الدولة و الشؤون العقارية .
أما الملك الخاص العمراني للدولة فيتم تخصيصه لفائدة مختلف المصالح العمومية وفق حاجتها كما يمكن التفويت فيه أو تسويغه وفق الاجراءات المعمول بها و المتمثلة في قاعدة الدعوة للمزاحمة في حين أن البيع مراكنة يعتبر استثناءا .
ب- الملك الخاص للجماعات المحلية العمومية :
يشتمل الملك الخاص البلدي على كل الأملاك البلدية التي لم تدمج بالملك العمومي البلدي و قد تم تعريفه بالفصل 126 من القانون عدد 126 من القانون لسنة 1975 المؤرخ في 14 ماي 1975 و المتعلق باصدار القانون الأساسي للبلديات بكونه يحتوي على :
-الأملاك المخصصة لمصلحة عمومية ( الدور ، البلدية ، المقابر ، الأسواق …)
-الأملاك ذات المداخيل ،
و يمكن أن نتبين أن المعيار الذي يميز الملك الخاص البلدي عن الملك العام هو تحقيقه لمداخبل لفائدة البلدية و بالتالي يوفر للبلدية الامكانية لتنمية مواردها المالية و يمثل أداة لديها لتسهم بها في تنمية مجموعتها اقتصاديا واجتماعيا .
و يمكنها التصرف في الأملاك الخاصة المخصصة لمصلحة عمومية بالاستغلال المباشر حسب الحاجة إما في إطار اللامحورية عن طرق هيكل إداري له ميزان مستقل ملحق ترتيبيا بالميزان البلدي دون تمتعه بالشخصية المدنية و ذلك بوجه الوكالة أو في إطار اللامركزية الفنية باحداث مؤسسة عمومية ذات شخصية مدنية و مستقلة ماليا .
و فيما يتعلق بالأملاك الأخرى فيمكنها أن تتصرف فيها وفق الطرق الاعتيادية لدى الخواص بتوظيفها في الحياة الاقتصادية و الاجتماعية للمجموعة المحلية بالكراء أو بالتفويت من أجل تحقيق الجدوى بناءا على دراسات في ذلك واستصدار القرار في ذلك وفق اجراءات المداولة داخل هياكل البلدية و المصادقة من قبل سلطة الاشراف .
ج- الأراضي الاشتراكية :
وهي الأراضي التي في تصرف مجموعة بصفة مشتركة و تقتسم المجموعة التصرف فيها بوجه عائلي أو شخصي ، و بعبارة أخرى هي الأراضي التي على ملك مجموعة كبيرة و ينتفع فيها أفراد هذه المجموعة باستغلالها وفق تقسيم فيما بينهم بحيث تكون الملكية جماعية لكامل الأرض و الانتفاع مجزء .
و لغاية تصفية هذه الأراضي يتم منح المجموعة المتصرفة في الأرض اشتراكية الصبغة الشخصية المدنية بموجب أمر و يتم تحديد الأراضي الاشتراكية بالاشهار عنها بالرائد الرسمي .
و تتم عملية التصفية بتحويل حق الانتفاع الذي يتمتع به أفراد المجموعة إلى حق ملكية باسنادهم القطعة التي يتصرفون فيها و ذلك تحت اشراف الوالي و بمراقبة وزارة أملاك الدولة و الشؤون العقارية عن طريق هيئات التصرف المتمثلة في :
**مجلس تصرف ينتخب من بين أفراد المجموعة ،
**مجلس وصاية محلي برئاسة المعتمد المختص ترابيا و ممثل عن مجالس التصرف و قاض و ممثلين عن الادارة الجهوية و عن الاتحاد الوطني للفلاحة و الصيد البحري ،
**مجلس الوصاية الجهوي برئاسة الوالي المختص ترابيا و يتكون من قاض و الممثل الجهوي لوزارة المالية و المندوب الجهوي للتنمية الفلاحية و المدير الجهوي لأملاك الدولة و الشؤون العقارية و ممثل عن الوطني للفلاحة و الصيد البحري و ممثلين عن مجالس التصرف .
هذا و يجدر لفت النظر إلى أن الأراضي الاشتراكية طالما لم تقع تصفيتها فانها تعتبر وفقا للفصل الأول من القانون عدد 29 لسنة 1964 المؤرخ في 04 جوان 1964 و المتعلق بضبط النظام الأساسي للأراضي الاشتراكية و النصوص المنقحة و المتممة له غير قابلة للحجز و للتفويت و لسقوط الحق بمرور الزمن . وبذلك فهي غير قابلة للتسجيل العقاري على غرار الأملاك العمومية .