بلدية مساكن: تجربة نموذجية في مجابهة أزمة كوفيد- 19

بقلم فادية ضيف

إن الواقع الذي اصطدمت به البلديات في بداية أزمة الكوفيد-19 أثناء تلمسها خطواتها الأولي في ترتيب ملامح الحكم المحلي ساهم في مزيد ارتباك خطوات بعض البلديات، لكن في المقابل قدمت  بلديات أخرى تجارب نموذجية على غرار بلدية مساكن التي تسلمت منذ اللحظة الأولى زمام المبادرة لدعم مجهودات المستشفى الجهوي بالمكان بشكل  مباشر في حربه على فيروس كورونا منذ مارس 2020.

للتذكير، مثلت مساهمة البلديات في مجابهة أزمة كوفيد-19 محور جلسة استماع  للجنة تنظيم الإدارة وشؤون القوات الحاملة للسلاح بالبرلمان في 16 جويلية الفارط  بقصر باردو جمعت ممثلين عن وزارة الشؤون المحلية والبيئة ووزارة الصحة ورئيس الجامعة الوطنية للبلديات التونسية عدنان بوعصيدة الذي انتقد غياب التنسيق بين البلديات من جهة والوزارات المعنية من جهة أخرى بالإضافة إلى الميزانية الضعيفة التي خصصتها وزارة الشؤون المحلية والبيئة للبلديات في هذا الإطار.

فما هو شكل هذا الدعم و مضمونه ؟؟؟

 

المزيد من التفاصيل في هذا الرابط:  Time line “مساكن مسؤوليتنا” من عمل اجتماعي إلى دعم مباشر للمستشفى

 

https://cdn.knightlab.com/libs/timeline3/latest/embed/index.html?source=16dybCs9P9bZpeeoReRaI8YSAkOSrFBsbB65vtAUOKX4&font=Default&lang=en&initial_zoom=2&height=650&fbclid=IwAR01_auhhM0a1Yex7oURT6-KiSSrqDL8NaJ4SIuONR0BzEmjcF27iDSaxeA

 

بعثت اللجنة المحلية “مساكن مسؤوليتنا” للتوقي ومجابهة فيروس كورونا المستجد في اطار ما اعتبرته بلدية مساكن في محضر جلسة بتاريخ 21 مارس 2020 معاضدة لمجهودات الدولة لمجابهة فيروس كورونا وتفعيلا للفصل 78 من القانون الأساسي المتعلق بمجلة الجماعات المحلية.

تتفرع اللجنة الى 6 لجان فرعية وتشمل الى جانب أعضاء  المجلس البلدي ممثلين عن المعتمدية والمجتمع المدني وشخصيات مستقلة بالإضافة الى المستشفى الجهوي بمساكن لإدارة الازمة وتدارس الإجراءات والتدابير الوقائية الممكن اعتمادها لمجابهة تفشي فيروس كورونا.

 

 

في مرحلة أولى كان الخوف والارتباك حسب تعبير العضو بالمجلس البلدي  الدكتور نزار  بالحاج جراد ميزة التعاطي مع أزمة غير مسبوقة  وخبرة منعدمة في التعامل مع الأزمات مؤكدا أن أعضاء المجلس البلدي بمساكن كانوا على علم بالنقائص التي يعاني منها المستشفى الجهوي بمساكن مشيرا الى أن  المرحلة الأولى كان الهدف الأساسي منها هو دعم الإطارات الصحية بكل ما يمكنه من مجابهة هذا الوباء.

 

تجدون في هذا الرابط قيمة التبرعات المالية و العينية التي قدمتها جمعية “مساكن مسؤوليتنا” أثناء أزمة الكوفيد : (رسم بياني)

https://e.infogram.com/38f287d5-700e-4689-b0bb-910361e61853?src=embed&fbclid=IwAR2_aIVlru9U_XJAxByuUb_0Px58W_k9Y4FTKX35tWLATkTfJ_JQBOkWDBg

 

فرض واقع المستشفى الجهوي بمساكن الذي تطور على مستوى الخدمات لكنه بقي يعاني من صعوبات عديدة نتيجة عديد العوامل أهمها تقاعد عدد كبير من اطاراته وعدم تعويضهم بالإضافة الى عدم تجديد الأجهزة القديمة وتوفير الآلات المتطورة

فرض على السلط المحلية بالتنسيق مع المجتمع المدني على راسه الاتحاد المحلي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية مواصلة تنفيذ خطة دعم المستشفى في مرحلة ثانية وثالثة بعد لاقت ارتياحا كبيرا من الإدارة الجهوية للصحة والإطارات الصحية بالمستشفى وفتح المجال لاجتماعات أسبوعية دورية منذ 27 أكتوبر حتى هذه اللحظة يتم خلالها تحديد حاجيات المستشفى بصفة عامة وقسم الكوفيد بشكل خاص كما أكد رجل الاعمال وعضو الاتحاد المحلي للصناعة  التجارة والصناعات التقليدية سفيان القصير.

 

 

كما أشار الى أن اللجنة الصحية وفرت آلة لقيس القلب وأخرى لقسم الولادات وتكفلت بتوفير فريق نظافة وصيانة بالإضافة الى المتطلبات اليومية للمستشفى بقيمة جملية بلغت 164.647 ألف دينار.

أزمة كورونا الأخيرة و كيف كان دور بلدية مساكن ؟؟؟

أفاد عضو المجلس البلدي واللجنة الطبية بمساكن الدكتور نزار جراد انه خلال الأزمة الأخيرة حاولت السلط الجهوية والمركزية تقييد دور البلدية رغم ما حققته تجربتها من نجاحات غير مسبوقة حسب قوله مضيفا أن المجلس البلدي والمجتمع المدني واصل رغم ذلك معاضدة مجهودات المستشفى الجهوي في مواجهة أزمة الكوفيد.

وبالإضافة الى زيادة طاقة استيعاب قسم الكوفيد بتوفير 10 أسرة إضافية و25  مكثف أوكسيجين 10 لتر و 35 مكثف أوكسيجين 5 لتر بالتنسيق دائما مع الاتحاد المحلي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية من خلال جمع التبرعات عبر حسابه البنكي.

مازال قسم الكوفيد بمستشفى مساكن يواجه الكثير من المصاعب تعود أساسا الى النقص الفادح للأوكسيجين والطواقم الطبية التي تعمل ضعف طاقة استيعابها تقريبا رغم أن المستشفى يستقبل الحالات من جميع المعتمديات المحيطة به الى جانب عمادات مساكن (الزاوية وسيدي الهاني والمسعدين والقلعة وحي الزهور وحي الرياض)، وقد استقبل منذ بداية الجائحة في جويلية  2020 أكثر من 300 حالة مقيمة بالقسم الى جانب قرابة 5456 اختبار لتقصي فيروس كورونا.

 

تجدون في هذا الرابط معطيات حول المستشفى الجهوي بمساكن أثناء أزمة الكوفيد: (رسم بياني)

https://e.infogram.com/9c3a2859-59ef-4465-a390-257ea7a7f39a?src=embed&fbclid=IwAR3XASYqW_pOe9EbUYK90gM9mJrx__l9AK51qIczW131npP1-pgDfg5Nl_M

 

هذا الواقع دفع بالسلط المحلية الي اعلان انتداب إطارات شابة والتكفل بها والتنسيق مع السلط المركزية لتوفير آلة تصنيع أوكسيجين، وعلى الصعيد الوقائي نظمت بلدية مساكن بالتنسيق مع منظمات شبابية محلية على غرار الكشافة وجمعيات ناشطة بالمدينة حملة تسجيل لتلقي لقاح كوفيد على مدار العشر الأيام الأخيرة من شهر جويلية تم على اثرها تسجيل قرابة 6000 مواطن بمعدل 600 مواطن كل يوم.

 

فوج الكشافة بمساكن

الهلال الأحمر التونسي بمساكن 

 

وتكفلت بالتنسيق مع الاتحاد المحلي للصناعة والتجارة والصناعات بتجهيز مركز التلقيح ضد الكوفيد بمساكن بتوفير جميع الأدوات والتجهيزات الضرورية بالإضافة الى الوجبات اليومية للطاقم.

 

تجهيزات مقدّمة للمستشفى الجهوي بمساكن                                                                            تجهيزات مقدّمة للمستشفى الجهوي بمساكن

 

يعتبر مدير المستشفى الجهوي بمساكن مختار العايدي ان ازمة الكوفيد 19 عرّت واقع المستشفيات العمومية المزري مشيرا الى الدور الرئيسي الذي تلعبه وزارة الصحة، ولكن هذا لا يمنع حسب تعبيره أن يكون للبلديات والمجتمع المدني دورا فعالا لا فقط في مجابهة أزمة الكوفيد بل أيضا المساهمة في تحسين وتطوير المستشفيات بالتنسيق مع السلط المركزية والجهوية المعنية على غرار التجربة الناجحة في مساكن بالتدخل الناجع للبلدية والمجتمع المدني حسب قوله.

 

 

  مختار العايدي مدير المستشفى الجهوي بمساكن

 

من جهته، يؤكد كاتب عام ودادية أعوان الصحة بمساكن توفيق بوهلال أن المستشفى يعاني من نقص فادح على مستوى الإطارات الطبية وغياب أطباء الاختصاص وفي رده على اقتراح تركيز “قسم جراحة”، أشار توفيق بوهلال أن ذلك يحتاج الى إعادة النظر في هندسة مبنى المستشفى وإعادة بنائه بما يتناسب مع متطلبات المرحلة القادمة مشيرا الى أن تعاطي السلط المحلية مع الإطارات الصحية كان فعالا ورغم ذلك لم تحاول المس من استقلالية الرأي للمشرفين على المستشفى ولعبت دورا أساسيا في تقريب وجهات النظر وتذليل الصعوبات التي واجهت وتواجه هذه المؤسسة العمومية خلال السنة الأخيرة.

تبقى القوانين الغير المفعلة لقانون الجماعات المحلية والمعركة الغير المعلنة من المركزي على المحلي أهم سمات مرحلة تأسيس ملامح الحكم المحلي في تونس وتعتبر تجربة بلدية مساكن التي اخترقت قطاعا يعتبر في المخيال الإداري والسياسي للتونسي حكرا على المركزي ونجاح السلطة المحلية في تذليل الصعوبات وتحسين الخدمات داخل المؤسسة الصحية بل وتبني خارطة طريق استثمارية في المستقبل هو دليل آخر على أهمية الدور الذي يمكن أن تلعبه البلديات في المرحلة القادمة بالتنسيق مع المجتمع المدني وتظافر الجهود بعيدا عن الحسابات السياسية الضيقة في التنمية المحلية.

و السؤال هنا “الى أي مدى ستسمح السلط المركزية بذلك ؟؟؟”

 

أنجز هذا العمل في اطار برنامج “مراسلو الديمقراطية المحلية” تحت اشراف المنظمة الدولية للنظم الانتخابية “IFES  “.

 

 

 

 

تعليقات

عن Houda Karmani

شاهد أيضاً

رئيس الجمهورية يستقبل وزير الشؤون الاجتماعية

-استقبل رئيس الجمهورية قيس سعيّد، امس الخميس بقصر قرطاج، عصام الأحمر، وزير الشؤون الاجتماعية. وأكد …