الثلاثاء , 8 أكتوبر 2024

تونس عاتبة على العرب.. ومعها الحق كله.. فالاحتفال بانجازها الكبير بجائزة نوبل للسلام لم يلق الاهتمام العربي الذي يستحق.. وامر مؤلم ان تكون باريس المحطة “الوحيدة” لاستقبال وفد اللجنة الرباعية الفائزة وليس العواصم العربية

يشعر التونسيون، شعبا وحكومة، بالكثير من المرارة تجاه اشقائهم العرب، لاسباب عديدة كان ابرزها حالة التجاهل شبه التام لفوز المنظمات التونسية الاربع الراعية للحوار بجائزة نوبل للسلام.

الاشقاء التونسيون يقولون ان الوطن العربي قام ولم يقعد عندما فاز الاديب نجيب محفوظ بالجائزة نفسها في ميدان الادب، والشيء نفسه عندما فازت بها السيدة اليمنية توكل كرمان ضمن مجموعة نساء.

ما دفعنا الى تناول هذا الموضوع هو استقبال وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس الخميس ممثلين عن هذه المنظمات، (الاتحاد التونسي للشغل، الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة، الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان، ونقابة المحامين) ويعتقد ان الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند سيفعل الشيء نفسه في قصر الاليزيه.

لم توجه اي دعوة حتى الآن الى هذا الوفد التونسي من دول عربية، وكان تناول الصحافة العربية، والمشرقية منها بالذات، لهذا الانجاز التونسي المشرف ليس بالمستوى المطلوب، ولا نفهم في هذه الصحيفة “راي اليوم” سر هذا التصرف غير اللائق.

هذه المنظمات التونسية الاربع التي تمثل المجتمع المدني التونسي حق تمثيل، تستحق هذه الجائزة لانها استطاعت “مجتمعة” ان تقدم نموذجا في الحوار الوطني، وسعة الصدر، والمسؤولية الوطنية، عندما نجحت في تجنيب تونس حربا اهلية، وحمامات دم، وقيادة البلاد الى ديمقراطية حقيقية عبر صناديق الاقتراع، وانتخاب برلمان ورئيس للبلاد.

تونس كانت تقف على حافة الانهيار والصدمات الدموية، وتواجه ثورتها السلمية مصير مثيلاتها في ليبيا، ومصر، وسورية، والعراق، واليمن، ولكن حكماء تونس من قادة المجتمع المدني بالذات، والنخبة السياسية، تكاتفوا سويا لمنع هذه الكارثة، وحققوا نجاحا كبيرا في هذا المضمار، ويمكن القول، دون اي تردد، بأن ثورة تونس التي كانت رائدة في انطلاقتها هي الوحيدة التي قادت البلاد الى التغيير الديمقراطي المأمول، بأقل قدر ممكن من الخسائر، واسست لدولة المؤسسات والفصل بين السلطات.

لا نستطيع في هذه العجالة ان ننسى، او نتجاهل، شخصيات واحزاب تونسية عديدة لعبت دورا كبيرا في تحقيق هذا الانجاز، من ابرزها الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي، زعيم نداء تونس، والشيخ راشد الغنوشي، زعيم حزب النهضة، فلولا اصرار الرجلين اللذين يقودان اكبر حزبين في البلاد على التعايش والتفاهم، لما خرجت تونس من عنق زجاجة الفوضى وعدم الاستقرار، وهما يستحقان، الى جانب السيد حمة الهمامي، وقادة احزاب الجبهة الشعبية اليسارية، ان يكونوا جميعا على قائمة هذه الجائزة، بل والشعب التونسي كله.

فانسحاب حزب النهضة من السلطة طوعها، وايا كانت الاسباب، كانت خطوة غير مسبوقة، افسحت المجال لحكومة التكنوقراط الانتقالية برئاسة السيد مهدي جمعة، لقيادة البلاد في تلك المرحلة الصعبة نحو تهدئة النفوس والاستقرار وامتصاص حالة الاحتقان، وترتيب الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، الاكثر شفافية ونزاهة في الوطن العربي بأسره.

فوز تونس ومجتمعها المدني بجائزة نوبل للسلام هو فوز للعرب جميعا، مثلما هو فوز لمبدأي الحوار المسؤول والتعايش، ولذلك نتفهم مرارة الاشقاء في تونس من التجاهل العربي الرسمي بهذا الفوز الكبير، وكنا نأمل ان تكون اول زيارة لوفد اللجنة الرباعية الى عاصمة عربية، وليس باريس، والوقت ليس متأخرا على اي حال.

نختم بالقول: شكرا لتونس وشعبها، وهنيئا لكم وللعرب جميعا، هذا الانجاز الذي يضاف الى سلسلة من الانجازات الكبيرة والمشرفة.

افتتاحية “راي اليوم”

تعليقات

عن Houda Karmani

شاهد أيضاً

النظام القانوني لتصنيف العقارات

الاعداد : معز بسباس متفقد رئيس للديوان الوطني للملكية العقارية ( فرع المنستير ) 1- …