الدكتورة ميساء المصري
في (علم الحيل ) وفقا للماوردي او علم السياسة , النفي هو التأكيد , ومن هنا أنطلق بنفي السيد حسن نصر الله لأي بوادر للحرب مع “إسرائيل” رغم تأكيده على إنتهاء الزمن الذي كانت فيه إسرائيل تحسم الحرب من الجو . وبذلك كل الإحتمالات تبقى قائمة .
وبعيدا عن نفي نصر الله , كل المؤشرات تدل أن الأقليم بات على حافة الحرب، مع كل هذه التعقيدات بالمواقف السياسية المحيطة !!مع ان المعادلة السياسية الواقعية تقول ان إسرائيل لم تستطع هزيمة فصيل إيراني في لبنان (حزب الله ) و السعودية لم تستطع هزيمة فصيل إيراني في اليمن و أمريكا لم تستطع هزيمة فصيل إيراني ثالث هو الحشد الشعبي في العراق ناهيك عن وجود فصيل رابع هو الحرس الثوري و فيلق القدس وفصيل خامس هو حماس وحركة الصابرين في غزة وفصيل سابع في سوريا مدعوم من موسكو وفصائل أكبر وأضخم يتحركون بالوكالة من أطراف متحالفة المصالح منها تركيا وقطر وغيرها .ورغم كل هذا منذ عام 1979 ونحن نتابع التشاحن الإيراني الإسرائيلي دون أي طلقة واحدة فما الذي يؤجج هذه الحرب الآن؟؟ خاصة مع وجود الناتو العربي السني . مما يثير تساؤلات حول إسهامات سرية أو ضمنية في المجهود الحربي المشترك من قبل دول عربية مختلفة. والتنسيق والتعاون العسكري الهادئ بين إسرائيل وهذه الدول، الأمر الذي قد يعقد بشكل كبير التخطيط للحرب وخوضها بالنسبة لإيران ووكلائها.
الصيف المقبل سيكون لهيبه ساخنا والمؤشرات القادمة من تل أبيب تؤكد إحتمالية الحرب قبل أو بعد فترة وجيزة من إعلان تفاصيل مهزلة صفقة القرن. ساعة الصفر كانت بتعيين الجنرال حسين سلامي قائدا للحرس الثوري الذي صنف كحركة إرهابية. والحرب إذا ما اشتعلت لن تكون طريقا من اتّجاه واحد، حيث ستنطلق مئات وربما آلاف الصواريخ يوميا بإتجاه مدن ومطارات ومصانع وأهداف عسكرية في فلسطين المحتلة.. من جنوب لبنان.. من سورية.. من إيران.. وربما من قطاع غزة أيضا .
إسرائيل لم تنتصر وخرجت مهزومة من جميع حروبها التي خاضتها منذ هزيمة عام 1967، والحرب القادمة ربما لن تكون إستثناء، لكننا لا نستبعد الهزيمة مرة أُخرى ،الواضح ان إسرائيل عازمة على تجنب الحرب خاصة بعد الوساطة المصرية مع غزة والاحداث الاخيرة ، رغم أن أفعالها تظهر أنها مستعدة لقبول خطر التصعيد لمواجهة هذه التهديدات الناشئة. فمنذ عام 2013، نفذت أكثر من 130 ضربة في سوريا ضد شحنات من الأسلحة الموجهة لـحزب الله ، ومنذ أواخر عام 2017، إستهدفت المنشآت العسكرية الإيرانية في سوريا – دون أن تؤدي، حتى الآن، إلى إثارة مواجهة أوسع نطاقا فهل اسرائيل عاجزة ؟؟.
جاءت المواجهات العربية – الإسرائيلية الكبرى كما في لبنان عام 2006، وغزة عام 2014 نتيجة تصعيد غير مقصود. و كانت بمثابة صيغة لـتخطيط ثالث أكبر . اما الحرب القادمة على الجبهة الشمالية لإسرائيل، سواء بدأت الشرارة من لبنان أو سوريا، ستشمل العديد من الجهات الفاعلة، ومسرح عمليات أكبر، وتحديات غير مسبوقة لإدارة التصعيد، وخوض الحرب وإنهائها – وإمكانية إندلاع حرب إقليمية مستعرة.
قد تكون أهداف الهجوم الاسرائيلي محاولة إضعاف القدرات العسكرية لحزب الله وتداعياتها على تأثيره السياسي على الحكومة اللبنانية وحرمان طهران من الورقة اللبنانية.ومنع تفاقم تسليح حزب الله وتمكن إيران من بناء بنية تحتية عسكرية في سوريا والتخوف من نشر فيلقها الأجنبي الشيعي على حدود إسرائيل.
بعد ان تم عزل جميع الجيوش العربية بحكم العسكر ، وتوقيع معاهدات سلام ، وتحالفات حمائية مع دول الخليج بات التخلص من بعض الأطراف أمرا محتما .
من الممكن الآن أن تندلع الحرب على جبهات متعددة ، في الجو، وفي البر , وفي البحر، وفي مجال المعلومات والنطاق السيبراني من قبل مقاتلين من حزب الله، وإيران، وسوريا، والعراق، وأفغانستان، وباكستان ، وحتى اليمن. وفي هذا الإطار، سوف يخلق النطاق الموسع للحرب المحتملة خيارات عسكرية جديدة لإيران و حزب الله، ويوسع القدرات الإسرائيلية إلى أبعد حدودها.
ويمكن لحرب شمالية جديدة ان تنطوي على سيناريوهات عدة و إمكانية التصعيد أو الامتداد إلى جبهات أو مسارح ثانوية و إضافية. قد تدفع الحرب في لبنان أو سوريا إلى قيام هجمات على إسرائيل من غزة، أو اضطرابات في الضفة الغربية، أو هجمات إرهابية في إسرائيل؛ أو هجمات من قبل الحوثيين على المصالح الإسرائيلية مثل النقل البحري الإسرائيلي في مضيق باب المندب و مهاجمة السفن الإسرائيلية في البحر الأحمر ، بل سيحاولون استخدام القوات البرية للتسلل داخل الخطوط الإسرائيلية والاستيلاء على بعض القرى الإسرائيلية والمواقع العسكرية الصغيرة. لتحقيق تأثيرات استراتيجية.أو هجمات صاروخية على إسرائيل من قبل المليشيات الشيعية في العراق، وضربات إسرائيلية مضادة. وبالفعل، حذّرت بعض هذه الميليشيات، من أن الضربات الإسرائيلية المضادة يمكن أن تسبب هجمات على أفراد أمريكيين في العراق.
كما قد تشن إيران هجمات صاروخية أو تقوم بعمليات تخريبية أو تشن هجمات إلكترونية على منشآت النفط العربية في جميع أنحاء الخليج ردا على الدعم الخليجي اللوجستي لإسرائيل ، مما سيؤدي إلى حدوث تصعيد هناك، وربما حتى إلى تدخل عسكري من قبل الولايات المتحدة لا يعرف عقباه .فالحرب التي قد تندلع في عام 2019 ستكون مختلفةً تماماً عن الحرب في عام 2030.
لكن اسرائيل هل ستركز في حربها على حزب الله ونصرالله ؟ أم على إيران وقائد الحرس الثوري ؟ أم على الميليشيات الشيعية؟ أم على نظام الأسد؟ ام على غزة والحدود الشمالية ؟؟لطالما حاولت إسرائيل تجنب الحروب المتعددة الجبهات التي تتطلب منها تقسيم قواتها. بالمقابل هل سيتحاشى حزب الله القتال في لبنان للحفاظ على أصوله العسكرية هناك، ويتجنب دمار واسع النطاق للبنية التحتية للبلاد، ويتفادى إثارة رد فعل سياسي؟ ام هل ستشن حرب إرهابية خفية أقل خطورة وأقل حدة ضد المصالح الإسرائيلية في جميع أنحاء العالم؟ وهل قد تهدد إسرائيل بنقل الحرب إلى لبنان أو إيران من أجل منع المزيد من التصعيد وتعزيز قوة الردع؟ لا نعلم ماهية التصعيد لكن الأكيد الالأكيدكيد ان القادم لا يبشر بالخير ..