الثلاثاء , 8 أكتوبر 2024

سوريا لا تصلح عشيقة للجنرال

نبيه البرجي


لعلنا نسأل الله لماذا وضع رؤوس الذئاب على اكتافنا. ذئاب بالكوفية و العقال اذا ما لاحظنا ذلك الشبق الابدي الى الدم، واللحم البشري، والرماد. ماذا يحصل في سوريا وماذا سيحصل غير ذلك؟
لا يعنينا النظام ولا تعنينا المعارضة. تعنينا سوريا وماذا تبقى منها، فإلى اين يريد العرب الاشاوس ان يذهبوا بتلك البقية الباقية، بعدما بدأت تتبدى تفاصيل السيناريو الذي يتم اعداده في واشنطن وبدفع واضح من اللوبي اليهودي؟


الآن، الجنرال ديفيد بترايوس الى الواجهة . قطعت عليه امرأة الطريق الى البيت الابيض كونه الجنرال الذي تمت مقارنته مع دوغلاس ماك آرثر( بطل الباسيفيك) ودوايت ايزنهاور( بطل النورماندي)، فهو من ابلى البلاء الحسن، كمخطط وكقائد ميداني، في العراق وافغانستان (تأملوا جيدا في التجربتين) قبل ان يعين مديرا لوكالة الاستخبارات المركزية.
كتب ديفيد ميتشوم ساخرا « كيف يمكن لاي جنرال ان يدخل التاريخ من دون عشيقة؟». في اميركا، العشيقة دمرت الجنرال الذي اذا استقال سريعا من الـ «سي.آي.اي». لم يجد جون كيري، او من يقفون وراءه ، افضل من بترايوس لادارة الحرب المقبلة في سوريا. دماغ ميداني واستخباراتي في آن، وبالرغم من رفض رئيس هيئة الاركان الجنرال مارتن ديمبسي الانزلاق الى المتاهة السورية التي قد تكون اكثر تعقيدا من المتاهة الافغانية او المتاهة العراقية…
ما يتردد ديبلوماسيا ان بترايوس قال لكيري الذي التقى بمبعوثين عرب ضنينين بالدم السوري، وبالمستقبل السوري، انه لا يستطيع القيام بأي خطوة وسط تلك الفوضى الهائلة. يفترض اعداد خطة اخرى، وبالتالي بناء وحدات قتالية متطورة تتفوق، بالاداء كما بالعتاد، على قوات النظام، على ان تتولى الاستخبارات المركزية المساعدة بطرق مختلفة على الارض كما في الجو عبر الاقمار الصناعية، و بطبيعة الحال عبر الطائرات دون طيار، ودون ان تكون هناك مشكلة لوجيستية مادامت القواعد الاردنية والتركية مشرعة امام الحليف الاميركي..
المشكلة التي صدمت الاخوان العرب ان بترايوس استمهل كيري (والعرب) ما بين تسعة اشهر وعام للانتهاء من الاعداد للعملية الصاعقة التي تنتهي بتقويض النظام. والطريف ان يأتي التعليق سريعا من آلان بيرغر اذ سأل ما «اذا كان الروس والايرانيون سيفرشون امامكم السجادة الحمراء للوصول الى دمشق؟”.
لكن جون ماكين هو من قال لكيري انه اذا كان يريد لورقته حول حل المشكلة الفلسطينية ان ترى النور، ما عليه سوى ان يدخل، وبالملابس المرقطة لا بالقفازات الحريرية، من البوابة السورية. تتفكك سوريا، وتخفت كل الاصوات المعترضة ليتم تهريب الصفقة في قعر حقيبة كما يحدث عادة في تهريب الافيون او الماريغوانا…
لن يتورط باراك اوباما بصورة علنية. اوحى بأنه يريد ان يغسل يديه من الغبار (لا من الدم) في الشرق الاوسط. ولكن حين يستدعى ديفيد بترايوس، واثر ذلك اللقاء المثير الذي جمع العرب و الاتراك والاميركيين، لا بد ان تكون هناك خطة على الارض وينبغي تنفيذها بأي ثمن، وعلى اساس ان الولايات المتحدة ستعمد الى تصعيد الوضع في اوكرانيا بحيث يحجب الدخان الاسود الرؤية في موسكو،ما يتيح لها و لحلفائها العمل بهدؤ على المسرح السوري.
ولكن الم يسرّب فلاديمير بوتين لنظيره الاميركي انه مستعد لارسال وحدات من الجيش الروسي الى سوريا اذا ما لاحظ ان الاميركيين يحاولون احداث اي خلل في قواعد اللعبة، وهذا ليس مجرد كلام. ثمة ديبلوماسيون روس يؤكدون انه لن تبقى هناك خطوط حمراء اذا ما عهد الى بترايوس باعداد وتنفيذ الخطة إياها..
يحكى الآن عن لحظات حرجة في البيت الابيض الذي يتعرض لضغوط مكثفة. ثمة عرب وابلغوه انه اذا ما سقطت سوريا في يد الروس والايرانيين فلن يكون هناك موطىء قدم للاميركيين في المنطقة، وهؤلاء العرب التقوا مع الاسرائيليين في ضرورة تعطيل الاتفاق المبدئي الذي حصل بين طهران و السداسية الدولية، وعلى اساس ربط ملف الصواريخ الباليستية الايرانية بالملف النووي، وهذا هو رأي الجنرال الاسرائيلي غابي اشكنازي الذي لا يرى مجالا لاي صفقة “الا اذا حطمنا اسنان الايرانيين بالكامل”.
في لحظة ما، بدا في فيينا وكأن ثمة من يدفع المفاوضين الغربيين الى المربع الاسرائيلي، اي تفكيك البرنامج النووي الايراني بالكامل، على ان يتزامن ذلك مع وقف المشاريع الخاصة بتصنيع الصواريخ الباليستية ، وكان على طهران ان ترفع لهجتها ثانية، حتى ان مرشد الجمهورية آية الله خامينيئي الذي سبق واعطى الضوء الاخضر للخيار الديبلوماسي عاد ليقول ان المفاوضات لن تفضي الى اي نتيجة، حتى اذا ما لجأ الغرب الى المواجهة ، فلتكن المواجهة…
لا ندري ما هي دقة المعلومات(الديبلوماسية) التي تقول ان بترايوس سيزور قبل آخر الشهر الحالي كلا من انقرة وعمان،وقد ينتقل الى الحدود السورية. لكن الثابت ان اوباما يحتسب خطواته بمنتهى الدقة، اذ على مدى السنوات الثلاث المنصرمة، اثبت بوتين انه ليس مستعدا للتراجع قيد انملة، رافضا المقايضة بين اوكرانيا وسوريا. الاثنتان حيويتان جدا بالنسبة الى الامن الاستراتيجي لـ«روسيا المقدسة» ، فهل من مصلحة الاميركيين تفجير الشرق الاوسط لكي لا يبقى حجر على حجر.
هذا هو السؤال الذي يبنى عليه الآن؟ سوريا لا تصلح عشيقة للجنرال…

شارل أيوب

تعليقات

عن Houda Karmani

شاهد أيضاً

النظام القانوني لتصنيف العقارات

الاعداد : معز بسباس متفقد رئيس للديوان الوطني للملكية العقارية ( فرع المنستير ) 1- …