سوسة: تقديم “مشروع المحافظة على المناطق الرطبة و تثمينها بسبخة حلق المنزل ووادي السد”

هدى القرماني

عقدت جمعية البحوث والدراسات في ذاكرة سوسة، اليوم الخميس 06 جويلية 2023، يوما إعلاميا لتقديم مشروع “المحافظة على المناطق الرطبة وتثمينها بموقع سبخة حلق المنزل ووادي السد” التابع لكل من بلديتي هرقلة وسيدي بوعلي.

وناقش المتداخلون في هذا المشروع من ممثلين عن قسم الجغرافيا بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بسوسة وعن معهد العلوم الفلاحية بشط مريم ودائرة الغابات بمندوبية الفلاحة بسوسة وكذلك عن بلديتي هرقلة وسيدي بوعلي وبحضور ممثلة عن الاتحاد الدولي لصون الطبيعة (UICN-Med)، تفاصيل المشروع وأهدافه وسط حضور لجامعيين ولمسؤولين في المجال البيئي وناشطين في المجتمع المدني وكذلك عدد من الطلبة.

ويندرج هذا المشروع ضمن برنامج المبادرات الصغرى لمنظمات المجتمع المدني بشمال إفريقيا في مرحلته الثالثة (PPI-OSCAN3) بدعم من الاتحاد الدولي لصون الطبيعة (UICN-Med).

ويعتبر هذا البرنامج، والذي بدأ منذ سنة 2014، مبادرة لدعم المنظمات المحلية الفتية بشمال إفريقيا (تونس وليبيا والمغرب) في مجال حماية البيئة.

وقد انطلق مشروع “المحافظة على المناطق الرطبة وتثمينها بمنطقة سبخة حلق المنزل ووادي السد” منذ فيفري 2023 وسيستمر إلى غاية سبتمبر 2024 ويستهدف بالدراسة الطيور المهاجرة والغطاء النباتي ونوعية المياه بالموقع.

ويسعى الفاعلون في هذا المشروع إلى المحافظة على التنوع البيولوجي ومقاومة التلوث بالمنطقتين الرطبتين وتحسيس السياسيين ومتساكني كل من هرقلة وسيدي بوعلي بأهمية الموقع من ناحية الثراء البيولوجي وتثمين الموارد الطبيعية وأخذ القرارات الممكنة لحمايته تماشيا مع الاتفاقيات الدولية وتحقيقا لأهداف التنمية المستدامة.

وذكرت المنسقة الوطنية لبرنامج المبادرات الصغرى لمنظمات المجتمع المدني بشمال إفريقيا، حكمة عاشور، أنّ قيمة المشروع تبلغ 30 ألف أورو مضيفة أنّهم كمنظمة عالمية يولون أهمية كبرى للمشاريع ذات العلاقة بالمناطق الرطبة.

وأشارت إلى أنهم يركزون في هذا البرنامج على موضوعين رئيسيين وهما التغيرات المناخية والمحافظة على الأصناف المتواجدة.

ولفتت إلى أن تونس تمكنت من الحصول على تمويل لـ 11 مشروعا من بين ما يقارب 40 مشروعا تقوم المنظمة بدعمهم في هذه المرحلة من البرنامج مبينة أنّ هذا الدعم يشمل الإدارة المالية للمشروع وكذلك التخطيط الاستراتيجي له وطريقة التواصل.

ويرتكز المشروع على أربع محاور كبرى تتمثل في المحافظة على هذا الموقع وتهيئته إضافة إلى التكوين والتحسيس بأهمية المناطق الرطبة للمحافظة على التنوع البيولوجي وتطوير أنشطة سياحية إيكولوجية كما أوضح ذلك مدير المشروع ورئيس جمعية البحوث والدراسات في ذاكرة سوسة، خالد عيسى.

وأكّد أن الهدف الأسمى من هذا المشروع إعداد مخطط تصرف مندمج لمنطقة سبخة حلق المنزل ووادي السد وخلق علامة إيكولوجية لمنطقتي هرقلة وسيدي بوعلي.

وقال إنّ من مخرجات هذا المشروع تكوين شبّان أدلاء من منطقتي هرقلة وسيدي بوعلي في المجال الإيكولوجي وتهيئة مسلك إيكولوجي لهذه المنطقة من أجل سياحة بديلة وإبراز مخزون التراث الثقافي والطبيعي للموقع إلى جانب وثيقتين توثقان الثروة الحيوانية والنباتية التي يزخر بها هذا المكان مشيرا إلى أنهم قد توصلوا من خلال الأنشطة التي قاموا بها إلى التعرف على أكثر من 50 نوعا من الطيور.

 

ومن النتائج المرجوة لهذا المشروع أيضا:

– تحديد نقاط الملك العمومي البحري والملك العمومي للمياه.

– إعداد مخطط تهيئة حضري لحماية الموقع من الزحف العمراني.

– تهذيب 4000 متر مربع من الموقع وتشجيرها.

– ادماج المنطقتين الرطبتين في مخطط التنمية للنهوض بالسياحة الإيكولوجية والأنشطة المرتبطة بتثمين الموارد (منتجات الأدراج الفلاحية والحرفية).

– تهيئة البنية التحتية للمنطقتين.

 

من جهته ثمّن مدير تهيئة واستصلاح الشريط الساحلي بوكالة حماية الشريط الساحلي (وزارة البيئة)، مهدي بلحاج، موقع سبخة حلق المنزل ووادي السد معتبرا إياه جزء لا يتجزأ من الشريط الساحلي ومنطقة تفتح على البحر وذات منظومة إيكولوجية وبيئية هامة جدا ويجب العناية بها بالطريقة المثلى.

وتعرّض إلى التغيرات الكبرى التي طرأت على الموقع خاصة بعد فيضانات 1969 مؤكدا ضرورة التأقلم مع هذه التغيرات.

وقال “نحن متواجدون في هذه الندوة كطرف حكومي وسوف نقوم بمرافقة الجمعية لكن لدينا توجه استراتيجي لتكون هذه السبخة مثل بحيرة بنزرت ولدينا برنامج متكامل وشامل وخاصة مستدام في هذا الشأن” كما جاء على لسانه.

وتابع “إلى جانب محور السياحة الايكولوجية يجب أن نفكر في الاقتصاد الأزرق وماذا يمكننا أن نعمل في هذا الاتجاه… ستكون هذه المنطقة مستقبل تونس نظرا لقربها من مطار النفيضة ومن مشروع ميناء المياه العميقة بالنفيضة وستشهد ضغطا اقتصاديا واجتماعيا كبيرا ويجب الاستعداد لذلك وتجهيز الأرضية المناسبة “.

يذكر أنّه قد تم إعلان سبخة حلق المنزل كمنطقة طبيعية ذات أهمية من قبل الحكومة التونسية سنة 1987 فيما تمّ تسجيل الموقع في قائمة المناطق الرطبة ذات الأهمية العالمية في إطار الاتفاقية الدولية للمناطق الرطبة الممضاة في رامسار (إيران) في 2 فيفري من سنة 2012 وذلك من أجل التشجيع على المحافظة والحماية والاستغلال الحكيم للمناطق الرطبة في العالم.

وتعدّ سبخة حلق المنزل ووادي السد إرثا طبيعيا عالميا ومن أهم المناطق الرطبة بجهة الساحل التونسي الجاذبة لمجموعة مختلفة من الطيور المهاجرة وخاصة من فصيلة النحام الوردي، وهي بيئة فريدة تضمّ تنوعا بيولوجيا هاما وتقدّم العديد من الخدمات البيئية الحيوية.

ويقع الموقعان جنوب معتمدية هرقلة وشرق مدينة سيدي بوعلي ويبتعدان عن شمال غرب مدينة سوسة بنحو 25كم.

وتقدر مساحة سبخة حلق المنزل بـ 1450هكتارا ويمكن أن تمتد الى 2050 هكتارا في حالات المدّ، وهي ذات عمق يتراوح بين 0.5 م و1متر.

ويعتبر وادي السد وفقا للباحثين والخبراء أكثر تنوعا وثراء بيولوجيا من سبخة حلق المنزل.

ومن أهم التهديدات والاشكاليات التي تعاني منها المنطقة إلى جانب التغيرات المناخية والظواهر البيئية نجد مشكل تلوث المحيط على مستوى السوائل وكذلك تكدّس الفضلات المنزلية والبلاستيكية وفواضل البناء.

ومن الإشكاليات الكبرى أيضا ظاهرة التوسع العمراني نحو البحيرة والصيد العشوائي بالمنطقة.

يشار إلى أنّ جمعية البحوث والدراسات في ذاكرة سوسة قد تأسست في 12 ديسمبر 2002 ومن أهمّ أهدافها انجاز بحوث ودراسات حول تاريخ وتراث مدينة سوسة، توثيق كل ما يتعلق بالتاريخ والعمل على نشره والتوعية والحفاظ على التراث الطبيعي والثقافي إضافة إلى تبادل الأنشطة مع الجمعيات ذات الأهداف المماثلة بداخل البلاد وخارجها.

تعليقات

عن Houda Karmani

شاهد أيضاً

في اليوم العالمي لإنهاء الإفلات من العقاب في الجرائم المرتكبة على الصحفيين: التأكيد على ضروة تضافر الجهود لوضع حد للاعتداءات

مثلت حماية الصحفيين من جرائم القتل والاختطاف والاختفاء القسري، فضلا عن سجنهم وتعنيفهم ماديا ومعنويا …