حثّ المفوّض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، زيد رعد الحسين، الحكومة التونسية، على « مواصلة الإلتزام بمسار العدالة الإنتقالية واتخاذ جميع الخطوات اللازمة لضمان حق الضحايا في معرفة الحقيقة والعدالة وجبر الضرر وضمانات عدم التكرار وذلك وفقاً للقواعد والمعايير الدولية ».
ورحب المسؤول الأممي في بيان أصدره مكتبه امس الأربعاء، بافتتاح أول جلسة في تونس للنظر في قضايا الإنتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان المرتكبة في الفترة بين جويلية 1955 وديسمبر 2013.
كما هنّأ الحكومة والشعب التونسي على « إصرارهم من أجل تحقيق العدالة، بينما تعثرت دول أخرى كثيرة في ذلك، لا سيما في شمال إفريقيا والشرق الأوسط » وقال في سياق متصل: « إنها فعلا لحظة تاريخية، تبدأ من خلالها تونس مرحلة جديدة في مكافحة الإفلات من العقاب ».
يذكر أن الدوائر المتخصصة تنظر في الملفات المحالة إليها من قبل هيئة الحقيقة والكرامة، والمتعلقة بالجرائم ضد الإنسانية والإختفاء القسري والقتل والتعذيب والعنف الجنسي وانتهاكات أخرى جسيمة لحقوق الإنسان ارتكبتها الأنظمة السابقة على مدى فترة 60 سنة تقريبا. ووفقا لقانون العدالة الإنتقالية، تطبق هذه الدوائر القواعد والمعايير الدولية لحقوق الإنسان.
وبحسب البيان ذاته، سجلت هيئة الحقيقة والكرامة منذ إحداثها في 2014، نحو 65 ألف مطلب تم تقديمها من قبل الضحايا، ربعهم من النساء. وقامت الهيئة بإجراء 49 ألف جلسة استماع فردية و14 جلسة استماع علنية، واعتمدت استراتيجية للملاحقة القضائية تمكنها من تحديد أنماط الإنتهاكات وسلاسل الأوامر التي تسمح بحدوث انتهاكات جسيمة وممنهجة.
وكان مجلس نواب الشعب قد صوّت في مارس 2018 على عدم التمديد في ولاية الهيئة لمدة عام، « مما أثار اعتراضات شديدة واحتجاجات من جانب العديد من السياسيين والأكاديميين والمحامين وعامة الشعب »، حسب بيان المفوض السامي للأمم المتحدة المكلف بملف حقوق الإنسان والذي جاء فيه أيضا أن الضحايا وأسرهم تواصلوا في أعقاب ذلك، مع مكتب المفوضية في تونس « وأبدوا إحباطهم وقلقهم العميق بشأن ما قد يحدث للشكاوى التي قدموها وما قد يحدث للمسار برمته، » حسب زيد رعد الحسين الذي قال إنه يشاطرهم هذه المخاوف.
وفي إشارة إلى توصّل هيئة الحقيقة والكرامة والحكومة التونسية إلى « اتفاق يمكّن الهيئة من إكمال مهمتها، بما في ذلك إحالة ملفات الإنتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان والمتبقية إلى الدوائر الجنائية المتخصصة »، أعرب المفوّض السامي عن أمله الشديد في أن « يتيح ذلك لمسار العدالة متابعة سيره بسلاسة، صوب تحقيق أهدافه ».
كما أشاد بمسار العدالة الإنتقالية في تونس والذي أعتبر أنه « يعد مثالا إيجابيا للغاية ونموذجا يحتذى به بالنسبة إلى بقية دول العالم، بصفة عامة، وشمال إفريقيا والشرق الأوسط، بصفة خاصة. »
شاهد أيضاً
وزير الداخلية: مكافحة العنف لا تقتصر فقط على المقاربة الأمنية
قال وزير الداخلية خالد النوري، اليوم الثلاثاء، إنّ النجاح في مكافحة العنف والتوقي منه والحدّ …