نجحت الانتفاضة الفلسطينية في تحقيق خمس إنجازات “لا بأس بها”، بصرف النظر عن التطورات الميدانية، ومن أهمها نجاح هذه الانتفاضة في توحيد الشعب الفلسطيني في كافة الأراضي الفلسطينية، هكذا تحدث الكاتب الون افيتار الخبير في الشأن الفلسطيني في مقال له نشرته صحيفة “يديعوت أحرنوت، اليوم الإثنين.
وقال الكاتب، إن “حمية الكفاح المشترك” الذي انقطع مع نهاية الانتفاضة الثانية عادت لتوحد الشارع الفلسطيني، في المناطق الأربعة المعزولة جغرافيا وسلطويا، وهي الضفة وقطاع غزة والقدس وأراضي 48، مضيفا، أن كل منطقة تساهم بنصيبها في التصعيد فيما الجميع “يزحف في ذات الأحراش”، حسب تعبيره.
وبدا هذا الجانب واضحا بالفعل من حيث مشاركة كافة الأراضي الفلسطينية فعلا في الاحتجاجات، وارتقاء شهداء من جميع المناطق، كان آخرهم الشهيد مهند العقبي من النقب المحتل بعد عملية فدائية في بئر السبع أمس.
وأضاف، أن الحركة الإسلامية – الجناح الشمالي شكلت من جانبها نجاحا آخر تمثل في بث العنصر الديني وتعزيزه في الصراع، بعد سنوات من العمل على التحذير من المخاطر التي تحيط بالمسجد الاقصى، ما أدى لتعزيز اجتذاب الأقصى كفاح الجماهير باعتباره عملا مبررا.
ومن المثير للاهتمام عند الحديث عن هذه النقطة، أن قوات الاحتلال كانت هي من بدأت في محاولة إضفاء نزعة دينية على الصراع المستمر منذ عقود، من خلال استهداف الاقصى ومحاولة سحب السيادة الاردنية عنه، وتصعيد اقتحامات المستوطنين له بحماية الشرطة، وإغلاقه في وجه المصلين، هذا عدا عن أعمال الحرق والتخريب التي نفذها المستوطنون دائما بحق دور العبادة في الضفة والقدس وأراضي 48.
أما ثالث الإنجازات بحسب الكاتب افيتار، فكانت استخدام الوسائل القتالية الجديدة، واكتشاف المقاتل الفلسطيني للسكين كوسيلة ناجعة وقاتلة وسهلة المنال والاستخدام، وتتجاوز الأسوار والحواجز، مدعيا أن استخدام هذا السلاح جاء “بإلهام من داعش”.
ولا يعتبر هذا الأسلوب جديدا في العمل المقاوم، لكن المقاومين اعتمدوه بالفعل كسلاح لهم بعد أن نفذت كل وسائل التسليح الممكنة، في وجه إجراءات الاحتلال التنكيلية وجرائم المستوطنين التي لم تتوقف طوال سنوات التي أعقبت تراجع الانتفاضة الثانية، وقد استخدم الاحتلال خلال ذلك أسلحة الحرق كما حدث مع عائلة دوابشة في نابلس ومحمد أبو خضير في القدس، بالإضافة لأسلحة محرمة دوليا في غزة، وفي المواجهات اليومية أيضا مثل رصاص الدمدم المتفجر.
ورأى الكاتب، أن رابع الانجازات تمثلت في أن الجيل الشاب هو من يخوض الانتفاضة الحالية، ويبدي استعداده لحمل شعلة الكفاح المسلح، مضيفا، أن هؤلاء أثبتوا بأن المقاومة المسلحة لم تضعف، وأنهم قادرون على أن يحلوا محل الجيل السابق وترك أثر.
وبدا هذا الحضور الشبابي لافتا بالفعل في العمليات الفدائية ومواقع المواجهات، حيث أبدع الشبان في استخدام أساليب جديدة في مقاومتهم، لا تتمثل فقط في استخدام السكاكين، بل في التأكيد على الاستهتار بجيش الاحتلال وأسلحته، مثل النوم على الارض مقابل الجنود، أو الدبكة خلال إلقاء الحجارة، أو الاحتفال بأعياد الميلاد، أو لعب كرة القدم.
أما خامس الإنجازات بنظر الكاتب، فهي القدرة على تنفيذ العمليات الأخيرة دون وجود قيادة تدير ذلك كما حدث في السابق، منوها إلى أن ما وصفها بـ”كرة الإرهاب” انطلقت في كل صوب من تلقاء ذاتها، وتابع، “بينما خلف الستار (الشبكات الاجتماعية) تختبئ القيادة المنجرة في الخلف”.
ويمثل غياب قيادة وطنية موحدة لهذه الانتفاضة عامل ضعف بنظر مراقبين فلسطينيين، حيث يعتقدون بضرورة وجود قيادة موحدة تحسن استثمار الأحداث الحالية وتحقيق إنجازات ومكاسب حقيقية على الأرض، وقد دعت لذلك أحزاب يسارية فلسطينية مؤخرا.
ويختم الكاتب بالقول، “الإنجازات غير متعلقة بالضرورة بنتائج المعركة أو بموازين القوى، وغير مصنفة دوما تحت معادلة صفرية، يحتمل أن تكون الانجازات الفلسطينية التي سجلت في المواجهة الحالية، ستظهر مرة أخرى في التالية بعدها، وفي ذلك يجدر إعطاء الرأي”، وفق قوله.
قدس الاخبارية