أحمد ونيّس: موقف تونس مشرّف ومؤتمر برلين سيفشل كما فشلت المؤتمرات السابقة

هدى القرماني

انطلقت اليوم الأحد 19 جانفي 2020 بالعاصمة الألمانية أعمال مؤتمر برلين الدولي حول ليبيا بمشاركة 12 دولة بهدف تحقيق وقف إطلاق نار دائم ومحاولة التوصل لاتفاق سلام بين طرفي النزاع الرئيسيين في ليبيا، المشير خليفة حفتر قائد قوات الجيش الوطني الليبي وفائز السراج رئيس حكومة الوفاق الليبية المعترف بها دوليا.

وشارك في هذه الندوة التي تستضيفها المستشارة الألمانية انجيلا ميركل كلّ من الولايات المتحدة، بريطانيا، وروسيا، وفرنسا، والصين، وتركيا، وإيطاليا، والإمارات، ومصر، والجزائر، والكونغو، بالإضافة إلى رئيس المجلس الرئاسي الليبي فائز السراج، والجنرال المتقاعد خليفة حفتر و أربع منظمات دولية ممثلة في الأمم المتحدة، والاتحاد الأوروبي، والاتحاد الإفريقي، والجامعة العربية.

وفي تصريح خاص لموقع “بلادي نيوز” اعتبر وزير الخارجية الأسبق، أحمد ونيّس، أنّ هذا المؤتمر أثار انتباه تونس نظرا لما يمثله من حلقة جديدة في تحديد مصير الأزمة الليبية والخروج من حالة التهديد بـ “الحرب الحاسمة” كما أطلق عليها المشير خليفة حفتر في 12 ديسمبر الفارط.

ورغم أنّ البعض يعلّق آماله على هذا المؤتمر فونيّس يرجّح أنّه سيفشل مثلما فشلت جميع الندوات سابقا قائلا: ” قد يخرج مؤتمر برلين بعد العديد من الحلقات بالجديد ولكن أعتقد شخصيا أنّ هذه الندوة لن تحقّق غايتها الرئيسية في توحيد سياسات الدول الكبرى وانما ستخفق مثل غيرها من الحلقات التي سبقتها”.

ويتابع “صحيح أنّه جمع العواصم الكبرى والبعض من أجوار ليبيا والخصمين الرئيسيين السراج وحفتر ولكن هذا ليس بالجديد إذا ما عدنا الى الندوات التي عقدها مجلس الأمن وجمع فيها أطرافا على نفس الأهمية ولكن لم يقع احترام قرارات المجلس ولم يستطع هذا الأخير التدخّل في فرض احترام قراراته التي اتّخذها في سنة 2011 والتي أكّدت على مبدأ الحياد وعدم تغليب شقّ على شقّ في الحرب الأهلية الليبية إضافة الى تجنّب تدفّق الأسلحة والمقاتلين والأموال من الخارج لأيّ طرف كان”.

ويشير ونيّس الى أنّه قد يكون لهذه الندوة أهميّة في التأثير على الأطراف المتصارعة في ليبيا بتأجيل موعد الحرب وجعل حظوظ الحلّ التفاوضي أقوى ولكن يقول يجب أن لا ننسى أيضا ما أفضت اليه القمة العربية الأخيرة التي انعقدت في تونس في مارس 2019 وأجمع الحضور خلالها على أنّ حلّ الأزمة الليبية لا يكون الا تفاوضيا بين جميع الأطراف دون اقصاء وبمرجعية الوطن الواحد والدولة الواحدة الّا أنّ حفتر خرق الاجماع العربي وهجم على طرابلس خمسة أيام فقط بعد انتهاء القمة.

ويرجع ونيّس ردة فعل حفتر الى أنّ هذا الأخير قدّر أنّ موقفه استراتيجيا يفوق بكثير القدرات العسكرية لخصمه.

التواجد التركي في ليبيا سيعدّل الميزان الاستراتيجي

ويعتقد محدّثنا أنّ العنصر الذي يمكن أن يغيّر الساحة الليبية اليوم ليس مؤتمر برلين بل هو تواجد تركيا وجيشها في ليبيا وهو جيش محترم وله تأثير قويّ في أيّ ساحة يتواجد فيها وفق قوله.

ويرى ونيّس أنّ تدخّل تركيا المكشوف العلني، بعد استنجاد السراج بها اثر اعلان حفتر الحرب على طرابلس، خلافا لغيرها من التدخلات المقّنعة سيعدّل الميزان الاستراتيجي ويدفع منطقيا الفرقاء الليبيين الى الاهتداء للحلّ التفاوضي واستبعاد الحرب.

وتجلّى هذا وفقا لونيّس في موقف حفتر شهرا بعد إطلاق المعركة الحاسمة الذي قبل في 12 جانفي 2020 وقف إطلاق النار.

ويضيف وزير الخارجية الأسبق أنّ السراج قد وقّع في موسكو الثلاثاء الفارط على اتّفاق وقف إطلاق النار أمّا حفتر رغم انّه لم يوقع عليه فقد التزم أدبيا بذلك ولو أنّه تراجع عن ذلك لكان اليوم في مؤتمر برلين في قفص الاتهام.

رغم تغيّبها تونس ستكون حاضرة في مؤتمر برلين

وفيما يتعلق بتغيّب بلادنا عن هذه الندوة فيقول ونيّس تونس ستكون حاضرة بسياستها وبرؤياها وبصوت قويّ ألا وهو صوت الدولة المضيفة لأنّ السياسة الألمانية شبيهة بالسياسة التونسية التي تحترم قرارات القانون الدولي وهذا تأكد منه وزير الخارجية الألماني هايكو ماس لمّا زار تونس في أكتوبر الماضي وتأكدت منه أيضا المستشارة الألمانية انجيلا ميركل خلال مهاتفتها منذ أسبوعين لرئيس الجمهورية قيس سعيّد.

وأوضح ونيّس أنّ الخيار التونسي المتمثّل في مبدأ الحياد والبقاء على نفس المسافة من المقاتلين هو الخيار الأمثل آملا في أن تغلّب الأطراف المتنازعة التفاوض السلمي على الحرب وتجنب بلدها الدمار.

ويشير محدّثنا الى أنّ مصلحة الدولة المضيفة للندوة ليست تعويم هذا اللقاء والاكثار من المشاركين فبقدر ما تكون الأطراف المشاركة قليلة العدد بقدر ما يكون الحوار معمّقا وحظوظ نجاح توحيد الصفوف والتأثير على الخصمين، السراج وحفتر، أقوى.

ووصف ونيّس الردّ التونسي برفض “الدعوة المتأخرة” لمشاركة تونس في هذا المؤتمر بالمشرّف مثلما كانت دعوة ألمانيا رسميا لدولتنا مشرّفة حتى وان كانت متأخرة على حدّ تعبيره.

وأضاف ونيّس يجب أن لا ننسى أنّ ألمانيا وقفت الى جانب تونس قبل الثورة وبعدها ومنحت تونس العديد من القروض والهبات.

من جهة أخرى انتقد ونيّس حالة الفراغ التي تعيشها الحكومة التونسية اليوم قائلا هناك صراع سياسي في تونس والحكومة تقوم بتصريف الأعمال منذ شهر جويلية الفارط وخروج عدد من الوزراء وخاصة وزير الخارجية خميس الجهيناوي وما يملكه من علاقات مميّزة منذ الأيّام الأولى لتنصيب رئيس الجمهورية قيس سعيد خلق فراغا ندفع ثمنه حاليا ولو بقي الجهيناوي في منصبه لاختلف الأمر.

يذكر أنّ المشاركون في مؤتمر برلين اتفقوا مساء اليوم على عدم التدخل في النزاع الليبي مع احترام وقف إطلاق النار والعودة للمسار السياسي واحترام حظر نقل السلاح الى ليبيا مع مراقبة هذا الحظر بأكثر حزم.

تعليقات

عن Houda Karmani

شاهد أيضاً

تستحوذ على غالبية الثروات.. تعرف على مستوطنات الضفة الغربية

تحتل مستوطنات الضفة الغربية المحتلة أكثر من 2400 كيلومتر مربع تمثل ما يزيد على 42% من مساحتها …