أوباما محاصر.. الأولوية ليست للحلفاء الإقليميين

الإخفاقات الداخلية وتدحرج فضيحة التجسس على المواطنين منغصّات تلاحق الادارة الأميركية التي اتجهت بالإستدارة للخارج والقفز للأمام هرباً من تداعياتها الداخلية، وسعياً لحرف مسار شعاع الضوء المسلّط عليها. وتمّت المراهنة على جولة وزير الخارجية جون كيري لتشكل منعطفا محورياً ورافعة لترميم ما أصابها من تدهور وضرر.

ادارة الرئيس أوباما تشكّل إمتدادا وليس استثناءاً لسياسة أو منظومة الهروب أسوة بكلّ من سبقها من رؤساء.

ففي الشق الداخلي، تلقّت الإدارة صفعة قاسية مصدرها فشل برنامج الرعاية الصحيّة الشامل من تخطي العقبات التقنية التي حالت دون تطبيقه، واضطراره إلى الإعتذار رسمياً عن اخفاق البرنامج، سيّما وانه ترافق مع إجراء جولة من الإنتخابات المحلية لمناصب على مستوى حكام الولايات، وإدراك بعض مؤيديه من الحزب الديموقراطي تأثير ذلك على مرحلة الانتخابات النصفية المقبلة.

وأتت استطلاعات الرأي لتؤكد انخفاض نسبة شعبية الرئيس بصورة ملحوظة والنيل من إرثه السياسي. وفي السياسة الخارجية، واجهت الإدارة بعض الضغط من زعماء الكونغرس على خلفية الإختلاف في الموقف مع السعودية من ناحية، وكذلك مع مصر من ناحية اخرى ومطالبته ببذل جهد لرأب الصدع؛ إلى جانب ترنّح المفاوضات بين وفد السلطة الفلسطينية واسرائيل خلافاً للتوّقعات والخطط السابقة. ولهذه الأسباب مجتمعة شرع وزير الخارجية جون كيري بزيارة سريعة للمنطقة للقاء كافة الأطراف، للتخفيف من رعب أطراف اقليمية جراء الإنفتاح الأميركي على إيران، وتقليص التداعيات المحتملة على مسار السياسة قبل انقضاء الولاية الرئاسية الثانية.

خروج آل سعود عن السلوك المألوف

درج المسؤولون والخبراء الغربيون على نقد نظام الحكم في الجزيرة العربية وانتمائه للقرون الوسطى وعدم قدرته على التكيف مع متطلبات العصر، بل بأنه خرج من التاريخ. ووصف العرش السعودي بأنه “آيل للسقوط .. مستبد يحكم بالحديد والنار يزرع الرعب والارهاب أينما حلّ، ويدّعي تمثيله للعالم الإسلامي .. ويتبنى آل سعود مبدأ الوهابية، وهو مفهوم غامض وملتبس يبغضه المسلمون المتمسكون بروح الإسلام وجوهره السلمي”.

ولعل أدقّ وصف جريء جاء مؤخرا على لسان “فينيان كانينغهام” المحرر العلمي السابق للمجمع الملكي للكيمياء في جامعة كامبريدج، إذّ قال “غدرت العربية السعودية وحنثت بالشعوب العربية على الدوام .. خدمة للمصالح الامبريالية .. وما برز مؤخرا من أنباء حول لقاء (الامير) بندر بن سلطان مع مدير الموساد تامير باردو سرعان ما تبين انه لقاء عادي يتم دورياً بين الإسرائيليين والسعوديين”.

السعودية، وعلى لسان مسؤوليها، وزير الخارجية ومدير استخباراتها، أرغدت وأزبدت في العلن للإعراب عن عدم رضاها من سياسة الرئيس اوباما حول ملفي ايران وسورية، اللذين يعتبران الهدف الأول بالنسبة لها والاطاحة بقيادتهما. وذهب البعض لإعتبار التصريحات النارية غير المعتادة لآل سعود بأنها تمثل مؤشر على نقطة انعطاف، ربما، لنيّتهم بالإبتعاد عن نفوذ واشنطن، بيد أن الأمر لا يرقى لمرتبة التصادم مع واشنطن أو استقلال في اتخاذ القرار ورسم سياسة خاصة.

وإدراكا منا لعدم ضرورة الخوض في تلك التصريحات المعلنة، سواء لأهمية أو جدّية ما تمثلّه من عدمها، نسوق كلاماً أشد خطورة جاء على لسان مدير الاستخبارات السابق تركي الفيصل، السفير المتجوّل وغير المقيّد بالكياسة الديبلوماسية، القاه في حفل خاص عقد لاعضاء نادي “كوزموس”، نادي نخبة النخب السياسية والاقتصادية، في واشنطن ليلة 6 تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري. والأفكار الواردة هي تدوين لأحد حضور “حفل تكريم تركي الفيصل” كما جاء في الدعوة الموجهة، نحتفظ بهويته بناء على طلبه: “حثّ الفيصل الولايات المتحدة على شنّ غارات جوية وبحرية على سورية والقضاء على سلاحها الجوي ومطاراتها الحربية بغية تحقيق توازن ميداني مع المعارضة السورية”. “ستبذل السعودية كل ما هو مطلوب منها لمنع الدول المجاورة الحصول على اسلحة رادعة، أو ممارسة اي نفوذ لها في كل من العراق والبحرين ولبنان”. “السعودية جاهزة لتمويل أي جهد دولي يرمي إلى زعزعة استقرار الدول المتعاطفة مع ايران”. “تستطيع السعودية الإنفاق دون حدود من أموالها الإحتياطية البالغة نحو 850 مليار دولار”. “ينبغي على الولايات المتحدة وقف أي جهود تسووية مع إيران”. “السعودية تتفهّم امكانية قيام بنيامين نتنياهو بقصف جوّي وبحري ضد إيران ومنشآتها النووية”.

وبعد هذا السرد والوعيد، اوضح تركي الفيصل عداء عميقا يكنّه آل سعود ضد “الشيعة” بشكل عام، دون لبس او ابهام.

جدول زيارة كيري للمنطقة

جدول زيارة كيري المكوكية للمنطقة رتب على عجل لتهدئة الملفات العالقة، ومنها مفاوضات السلطة الفلسطينية التي وجدت نفسها مهانة من نتنياهو وتدور في حلقة مفرغة من المفاوضات العبثية مع استمرار بناء المستوطنات؛ وكذلك اعادة آل سعود الى موقعهم المرسوم كطرف يملى عليه ولا يملي على أحد. كما خصصّ كيري أكثر من لقاء مع بنيامين نتنياهو لتهدئة المخاوف واضعا نصب عينيه المحادثات النووية الجارية مع ايران الواعدة بالتوصل إلى اتفاق يجمّد الأزمة.

برع كيري في جولته العربية باستخدام لغة ومفردات لا تصرف في علم السياسة، مطمئنا الرياض وابو ظبي والدوحة وعمّان والقاهرة بأن “الولايات المتحدة ستقف الى جانب تلك الدول .. ولن ندعها تتعرض للإعتداء الخارجي، سنقف الى جانبهم.” وعاد مرة أخرى للإتفاق الروسي الاميركي حول سورية، أهم نقطة خلافية للدول المذكورة، معرباً عن اعتقاده أن “الخلاف في الرأي حول اتباع تكتيكات محددة في بلورة سياسية للموقف لا تعني بالضرورة وجود خلاف حول الهدف الجوهري للسياسية”، كما صرّح في حضرة وزير الخارجية المصري نبيل فهمي.

الولايات المتحدة لا تخفي قلقها من ابتعاد القاهرة عنها والتقرّب من موسكو، رافقها تقرير استخباراتي اسرائيلي زعم ان روسيا طلبت إنشاء قاعدة بحرية لها في مصر لخدمة أسطولها في البحر المتوسط، مقابل توفيير موسكو أسلحة ومعدات ومساعدات اقتصادية لمصر.

المسؤولون في مصر أوضحوا رغبتهم بالعمل مع أطراف أخرى “إلى جانب الولايات المتحدة” ونيتّهم عقد اتفاق لشراء طائرات مقاتلة روسية من طراز “ميغ-29″ إلى جانب معدات عسكرية أخرى يقدّرها البعض بنحو 15 مليار دولار. كما اعلن عن زيارة وشيكة لوفد روسي آخر رفيع المستوى يشمل وزيري الخارجية والدفاع.

المنطقة في منظور الإدارة الأميركية

يخطىء البعض في تفسير الخطوات الأميركية المتسارعة في المنطقة ورعايتها العلنية لعدد من الملفات بالتزامن بعضها مع بعض على أنه مؤشر على جدّية ادارة الرئيس اوباما في الإنخراط الفعلي في هموم المنطقة، بل ان نظرة الإدارة مغايرة تماماً سيّما وانها عاجزة لا ترى في الملفات الإقليمية فرصة لاستعادة تآكل هيمنتها ونفوذها، وما جولة كيري سوى محطة من محطات التلاقي مع الزعامات المحلية وليس للتشاور معها.

النظرة الفاحصة للتوجهات الأميركية تدلّ دون لبس على انخفاض حاد للرضى عن اوباما في اوساط الشعب الأميركي، إذ أفاد أحد استطلاعات الرأي اجرته شبكة “ان بي سي” للتلفزة ان شعبيته انخفضت إلى نسبة 42%، مقابل اغلبية 51% من المعارضين.

الإستطلاعات الأخرى أيضاً جاءت بنتائج متقاربة: 39% من المؤيدين مقابل 53% من المعارضين. كما أن الفترة الزمنية الراهنة أضحت بالغة الحساسية والأهمية بالنسب للرئيس أوباما، الذي كان يتوق للإنطلاق والترويج لبرنامج الرعاية الصحية الشامل، تمهيدا للحملات الإنتخابية المقبلة، واستغلال أخطاء خصومه في الحزب الجمهوري والرفض العام الذي رافق إغلاق الجمهوريين لمرافق الدولة.

المشهد السابق لتدهور الشعبية يعيد إلى الأذهان حقبة الرئيس جورج بوش الإبن في ولايته الثانية التي حافظت على نسبة مرضية من التأييد، إلى حين اعصار كاترينا الذي ضرب مدينة نيو اورلينز ومحيطها على خليج المكسيك. وبلغت النسبة نحو 38% من المؤيدين عشية شهر تشرين الثاني/ نوفمبر 2005، وأوباما حاليا بلغت نسبته 39%. يذكر ان الرئيس بوش لم يستطع التغلب على تلك النسبة المتدهورة بعدئذ.

ادارة الرئيس اوباما تعي حراجة موقفها في استطلاعات الرأي راهناً، ولديها متسّع من الوقت للتغلّب على مآزقها، بيد ان تقلص دائرة الداعمين من الأميركيين يؤشر على عمق التحدي لتغلبها على النواحي السلبية. استراتيجية الإدارة في الشقّ الداخلي رمت إلى اعتماد برنامج الرعاية الصحيّة الشامل على رأس سلم اولوياتها. التقارير الإعلامية اليومية بما يواجهه البرنامج من متاعب نزلت به إلى درجة التندّر والسخرية، ويتناسب طرداً مع هبوط شعبية الرئيس.

واشار بعض زعماء الحزب الديموقراطي إلى ملاحقة برنامج ينفث سمومه أمامهم وأمام الرئيس أوباما، مما حدى بالخصوم الجمهوريين إلى الإتعاظ بنصيحة نابليون بونابرت حين قال “لا تعيق عدوك وهو يرتكب خطأً”. وفضّل الجمهوريون مغادرة المدينة وأخذ قسط من الراحة عشية موسم العطل الرسمية، تفاديا للتعليق على الأمر.

كما ان انتقادات برنامج الرعاية الصحيّة الشامل لم تقتصر على الخصوم الجمهوريين، بل شملت عدد من اشد الاعضاء الديموقراطيين دعما للرئيس اوباما، على خلفية العقبات التقنية والشهادة التي ادلت بها أمام الكونغرس مديرة برامج الرعاية الصحية والاجتماعية، ماريلين تافنر، وتفسيرها المقلق لأعضاء اللجنة والتي رسخّت فيها مشاعر عدم الثقة، عن غير قصد. وسبق حضور السيدة تافنر سلسلة فضائح مالية تتعلّق بسوء ادارة التمويل والصرف. على سبيل المثال، تحمل برنامج الرعاية الصحية مبلغ 23 مليون دولار لعام 2011 صرفت على تقديم خدمات طبية “لمرضى قضوا منذ زمن”.

الحالة الاقتصادية الحرجة للولايات المتحدة بشكل عام أسهمت بدورها في مفاقمة مأزق الرئيس أوباما، وهو الذي يتطلع لتحسن الأحوال المعيشية التي لا تدعمها الحقائق والأرقام والبيانات الملموسة. وربما يصحّ القول دون أدنى مبالغة بأن الولايات المتحدة تمّر في اسوأ مرحلة لاسترداد عافيتها الاقتصادية منذ الحرب العالمية الثانية، دون توفر بديل في الأفق القريب. وعليه، راى الرئيس اوباما ان عليه ترويج مسألة فرص العمل كأولوية سياسية لتسليط الضوء على جهوده الذاتية. أمّا والانتخابات المقبلة شارفت على مداهمة المشهد السياسي، العام المقبل، وما تنذر به من انتقال التوازن ونسبة الأغلبية في كلّ من مجلس الشيوخ ومجلس النواب إلى الخصوم، تشكّل ضغوطاً إضافية على المرشحين الديموقراطيين وخاصة اولئك الذين تقع دوائرهم الإنتخابية في بيئة أغلبيتها من الجمهوريين، وليس مستبعداً ان نشهد قفز البعض منهم من قارب الرئيس أوباما للمحافظة على مستقبله السياسي والوظيفي. انتقال مركز القيادة في مجلسي الكونغرس الى الخصوم الجمهوريين لم يعد يندرج تحت باب التخمين والتحليل، بل حقيقة يخشى وقوعها، مما سيفاقم ما تبقى للرئيس اوباما من زمن في ولايته الثانية وتصدي خصومه لسياساته سعيا لافشالها والانقلاب عليها.

انعكاسات ذاك المشهد على ملفات المنطقة العربية والاقليم سيبرز سلبا بوضوح إذ ستتدنى أهمية المنطقة للرئيس أوباما المحاصر داخليا عندئذ. ولعل جلّ ما يخشى حدوثه أزمة كبيرة على نطاق دولي تؤدي لانكفائه مجدداً. أمّا الأزمات الصغرى فلن يكلف نفسه الإلتفات اليها وستختفي من الصفحات الأولى لوسائل الاعلام.

يلخص ما تقدّم الحالة الذهنية السائدة في تفكير الرئيس واعوانه حيال المنطقة العربية، اذ يعتقد الرئيس اوباما ان الخلافات السعودية التي برزت للعلن مؤخرا ما هي إلا سحابة صيف سرعان ما تزول. أما المشهد السوري فسيبقى مصدرا للأرق في ظل ترسّخ قناعة صنّاع القرار السياسي بأن الرئيس بشار الاسد باقٍ في منصبه، مما يعني العدول عن تبريرات تقديم المعونات لقوى المعارضة السورية.

أيضا، باستطاعتنا قراءة آلية تفكير الرئيس اوباما بالنسبة للسعودية اذ يراهن على تواضع وقصر ذاكرتها. ويدرك الرئيس اوباما ودائرة مساعديه الضيقة ان تبلور سياسة مصرية أكثر محاباة لموسكو ستأخذ زمناً طويلاً كي تتجذّر، خاصة في مستوى اتمام صفقات الأسلحة، فضلا عن ان القوات المسلحة المصرية في وضعها الراهن تستند إلى التقنيات والمفاهيم الاميركية، مما يستدعي مرور بضع سنوات إلى ما بعد انتهاء ولايته الرئاسية لبذل جهود مناسبة تعيق ذلك التوجه.

في الملف الايراني، تولدّت قناعة لدى الرئيس وأعوانه منذ زمن بعقم الجهود الدولية المدعومة أميركيا للحيلولة دون امتلاك إيران سلاحاً نووياً معينا، بفضل توّفر فائض من الكفاءات والخبرات العلمية والإمكانيات المادية لديها. ولعل ما يجري من تقارب وتفاهم وربما توقيع اتفاقيات دولية ملزمة للطرفين ينظر اليه الرئيس اوباما كمحطة لاخراج الملف النووي من التداول اليومي في الداخل الاميركي، وبعيدا عن اهتمام الناخب العادي بتعقيدات الأمر، عدا عن امكانية ترويج اي اتفاق انه انجاز كبير حققه اوباما في زمن تشح فيه الانجازات.

ويمكن القول عند هذا المنعطف ان الرئيس اوباما لا يولي أهمية كبيرة لمصالح حلفاء اميركا الاقليميين لاعتقاده انهم مجتمعين لا يقدمون مكسبا سياسيا، باستثناء القاعدة المتقدّمة اسرائيل التي تتكّفل الجالية اليهودية ببقاء وديمومة حضورها.

آلية عمل الهيئات الحكومية الاميركية المختلفة ستمضي على وتيرتها الراهنة، فهي ليست بحاجة لادخال تعديلات على انماط علاقاتها مع الدول الإقليمية، ربما باستثناء مصر لسرعة تقلّب المشهد السياسي مما قد يدفع بالرئيس اوباما بالإصطفاف إلى جانب الطرف المناهض للحكومة المؤقتة.

 

آفاق مكوكية كيري

من غير المنتظر ان يطرأ تعديل جوهري على الجولات المكثفة لوزير الخارجية جون كيري للمنطقة، وسيستمر يروّح عن نفسه عملا بمبدأ “الحركة من اجل الحركة” والذي لا ينبغي ان يفسر بأنه اهتمام للرئيس اوباما أو نية جادة لطرح مبادرات حلّ لقضايا مستعصية. وسيُرَحّل الثنائي، أوباما وكيري، اتخاذ قرارات حاسمة لمرحلة او مراحل لاحقة، بينما تنصب الجهود الحقيقية على انقاذ ما يمكن انقاذه للحد من التدهور والدعم تحضيرا للإنتخابات العام المقبل.

سيبقى حضور كيري في المنطقة عاملاً فاعلاً وباعثاً لآمال البعض بأحقية المراهنة على الدور الاميركي الذي لن يتبلور. ملفي ايران وسورية سيفرضا نفسيهما على أجندة كيري جيئاً وذهاباً، أما ما عداهما من اهتمامات اقليمية ستبقى تراوح مكانها دون أفق للحلّ او الاهتمام الى ما بعد نهاية الولاية الرئاسية الحالية.

قراءة أولية في نتائج الانتخابات الأخيرة المحدودة

شهد الموعد التقليدي لعقد انتخابات، أول يوم ثلاثاء في شهر تشرين الثاني/ نوفمبر المنصوص عليه دستورياً، حضوراً قوياً للناخبين في بعض الجولات. وجاءت نتيجتها لتضيف منصب حاكم ولاية فرجينيا لصالح الحزب الديموقراطي، واحتفاظ الحزب الجمهوري بمنصب حاكم ولاية نيوجيرسي، كريس كريستي، الذي لمع نجمه خلال حضوره الثابت في معالجة آثار اعصار ساندي الذي ضرب سواحل الولاية العام الماضي.

وجاء إعادة انتخابه ليجّسد طموحه لدخول الإنتخابات الرئاسية المقبلة عن حزبه.

ولاية كولورادو كانت أمام تصويت حاسم يقضي بزيادة نسبة الضرائب، والذي هزمه الناخبون بقوة؛ فضلاً عن بروز تصدّع في وحدة الولاية إذّ صوّتت 5 مقاطعات من مجموع 11 لصالح الانقسام وتأسيس الولاية رقم 51، سعيا للمحافظة على الطابع والتوجهات المحافظة لسكانها الذين يقطنون مناطق الريف الشاسعة، ويكنّون العداء للسلطة المركزية في العاصمة دنفر.

فوز الحزب الديموقراطي في ولاية فرجينيا لم يأتِ بالسهولة التي رافقت استطلاعات الرأي، بل ان الفارق بين المرشحين كان ضئيلاً، مردّه التحولات الديموغرافية في بعض مناطق الكثافة السكانية المحيطة بالعاصمة واشنطن. حيث تعاني الولاية من مسألة نقاء العرق نظرا لموقعها المركزي إبّان اصطفافها مع الولايات الجنوبية في فترة الحرب الأهلية. بلغت نسبة الناخبين “من البيض” نحو 72% من المجموع العام، وهي النسبة عينها تقريبا التي يشارك فيها سكان الولاية في الإنتخابات المحلية والرئاسية، التي بلغت أوجها عام 2009 بمشاركة 78% من الناخبين البيض.

عوّل الحزبان المتنافسان على استقطاب الأعداد النسائية المتصاعدة لجانبهم، إلاّ أن نتائج الإنتخابات جاءت لتؤكد مشاركة نسبة أعلى من الأقليات والمهاجرين لصالح الحزب الديموقراطي، مما سيبنى عليها نظريات وسياسات مقبلة في الإنتخابات الرئاسية القادمة.

في الجانب المقابل، شهد الحزب الجمهوري بعض الأمل لمستقبله في الولاية إذ جاءت النتائج النهائية لتؤكد معارضة أغلبية بلغت 53% من الناخبين لبرنامج الرعاية الصحية الشامل، مقابل نسبة 45% للمؤيدين؛ مع الاخذ بعين الاعتبار بمناصفة القاء اللوم على الحزبين للتوترات الأخيرة التي أدّت إلى اغلاق المرافق الحكومية: 47% وجهوا اللوم للحزب الجمهوري مقابل 46% حملّوا الرئيس أوباما وحزبه المسؤولية.

خلاصة الأمر ان مراهنة الرئيس اوباما على تحميل خصومه الجمهوريين تعطيل الحكومة لم تؤتِ ثمارها المطلوبة، واستمرار القلق من مستقبل المشهد الساسي للحزب الديموقراطي على ضوء ذلك.

المصدرمكتب الميادين في واشنطن بالتعاون مع مركز الدراسات الأميركية والعربية

 

تعليقات

عن Houda Karmani

شاهد أيضاً

المرسوم عدد 55 لسنة 2022: تخوفات من خسارة المرأة التونسية لمكتسباتها

فادية ضيف كان اختيار تونس عاصمة “المرأة العربية ” لسنتي 2018 و 2019 و عاصمة …