العثور عليه داخلها كان أكذوبة : الأمريكيون خدّروا صدام بالغاز ثم التقطوا له صورة داخل حفرة

لا تزال أسرار سقوط بغداد، وما أعقبها من أحداث دامية تتوالى بعد 12 عاماً على الاحتلال الأمريكي للعراق، إضافة إلى خبايا السقوط المدوي للتجربة الأميركية في العراق.

بعض هذه الأسرار يكشفها المترجم العراقي فراس أحمد (41 عاماً)، الذي عاد إلى بلاده بعد خمس سنوات من مغادرته إلى واشنطن، حصل أثناءها على الجنسية الأميركية، وفقاً لمشروع الكونغرس الأمريكي الذي صدر في عام 2007 وأقرّ برنامجاً لمنح إقامة دائمة وجنسية للعراقيين الذين عملوا مع الجيش في العراق.

 

لم تكن عودة أحمد إلى منزله في بغداد سهلة، كما توقع، إذ وجد أنّ منزل والده قد تحوّل إلى مقرّ لإحدى المليشيات المسلّحة، بعد ترك أشقائه له بسبب وضع المليشيات اسم أحمد ضمن قائمة المطلوبين بتهمة العمالة والتآمر، ما اضطرّه إلى المبيت في منزل خالة له عدّة أيام، قبل أن يقرر مغادرة العراق من غير رجعة هذه المرّة.

يكشف أحمد بعض خبايا ليلة القبض على الريئس العراقي الراحل صدام حسين، والذي نفّذته قوة خاصة من مشاة البحرية “المارينز” استقدمت من قاعدة عسكرية للمهمات الصعبة في ولاية فرجينيا لاعتقال القادة العراقيين الـ55 المطلوبين آنذاك، بحسب ما يؤكّد أحمد.

يقول أحمد: “بعد يومين من اعتقال صدام حسين جرت حفلة في قصر الرحاب للقادة الأميركيين. وكنت موجوداً لغرض الترجمة؛ إذ كانوا بانتظار سياسيين عراقيين، وعلمت أن الرجل لم يكن في حفرة، وأن الرواية التي أعلنتها الولايات المتحدة كانت مزيّفة، وأن صدام كان داخل سرداب محصّن تحت الأرض، بُني فوقه منزل ريفي متواضع اتخذه مقراً له ومكاناً للاجتماع بعددٍ من المساعدين له، وتم الاستدلال على مكانه بسبب خيانة مرافقه الشخصي الذي اعتُقل وأبلغ الأمريكيين عن مكان وجوده”.

يشير أحمد إلى أن “السرداب أو الغرفة التي اعتقل فيها صدام حسين كانت تحوي قطعتي سلاح خفيف وسريراً وسجادة صلاة ومصحفاً وبعض الأطعمة المجففة وعلبة تبغ. ولم تحصل مقاومة من قبله، إذ أطبق على المكان عشرات الجنود وبدأوا بضرب الباب بأقدامهم، عندها فتح صدام الباب فألقوا مباشرة قنابل مخدرة في المكان أفقدت الرجل وعيه”.

يؤكّد المترجم العراقي أنّ ضابطاً برتبة نقيب في الجيش الأميركي أبلغه أن “الهدف من رواية الحفرة والتقاط صورة له مع حفرة وجدوها قرب المنزل تُستخدم لوضع مضخة الماء المنزلية، كما اعتاد العراقيون في المدن التي ترتفع عن نهر دجلة، كان لإفقاد الرجل هيبته ومكانته”.

ويضيف أن “الجنود الأمريكيين تصرّفوا في هيئة صدام بينما كان مخدراً بالغاز، ولما اقتنعوا بالهيئة التي أرادوها، التقطوا الصور وأرسلوها إلى واشنطن مباشرة”.

وتمكّنت قواتٌ أميركية خاصة من اعتقال الرئيس العراقي صدام حسين في 13 ديسمبر 2003 خلال عملية أطلقت عليها “الفجر الأحمر”، غرب مدينة الدور في محافظة صلاح الدين.

_ويروي المترجم فراس أحمد تجربته التي تكشف الكثير من الأسرار، قبل مغادرته بغداد إلى أربيل للعودة من حيث أتى، إلى واشنطن. ويقول “مع الأسف أنا أعود الآن إلى الذين دمروا بلادي (الولايات المتحدة)، لكن لا حيلة لدي. العراق لم يعد بلداً صالحاً للعيش. الكل يقتل الكل، والمدنيون هم الحلقة الضعيفة”.

ويضيف “بعد كل تلك السنوات لا يزال العراقيون يستخدمون بنى تحتية موجودة قبل الاحتلال، ومن حقهم أن يتساءلوا أين مئات المليارات التي كانت في خزينة العراق؟ وأين أموال النفط؟ وأين أموال الدول المانحة؟”.

ويشير إلى أنه “التقى في ولايتيْ واشنطن ومتشيغان بعدد من القادة الأمريكيين الفاعلين في العراق، ممن عمل معهم سابقاً، وأبلغوه في جلسات خاصة أن غالبية من التقاهم نادمون على احتلال العراق، ويشعرون بالخطأ على تدمير البلاد، ويحمّلون المسؤولية للرئيس الحالي باراك أوباما أكثر من سلفه جورج بوش الابن، صاحب قرار الاحتلال، لأنه انسحب من دون أن يُصلح الأخطاء التي ارتكبت”.

وحول عمله مع القوات الأميركية ضمن الفرقة الأميركية المجوقلة 101 في وسط العراق، بين عامي 2003 و2009، يقول أحمد “فيها الكثير من الأمور المخجلة التي جرت مع شخصيات سياسية حالية، فقد كانت تبيع الوطنيات والمبادئ للناس، بينما كانت في الخفاء تبيع الوطن وأهله للأمريكيين”.

ويضيف “بعض السياسيين الإسلاميين كانوا يتوددون إلى الأميركيين بمقترحات بناء الكنائس أو نُصب تذكارية للجنود الذين يُقتلون في العراق على يد المقاومين، وآخرون طالبوا الاحتلال باستخدام قوة مفرطة ضدّ مدن المقاومة في حينها كالفلوجة، من دون الاكتراث بالمدنيين. وكنت أترجم بعض تلك اللقاءات بشكل مباشر بينهم، وعادة ما كان الجنرالات الأميركيون يوجّهون الشتائم لسياسيين ومسؤولين عراقيين، لكنني لم أكن قادراً على ترجمتها بشكل حرْفي”.

ويكشف عن واحدة من أكثر جلسات الترجمة الخاصة التي جمعت بين جنرال أمريكي باستخبارات الجيش، ورئيس الوزراء السابق نوري المالكي في المنطقة الخضراء مطلع عام 2010، عقب حملة اعتقالات نفّذها المالكي وطالت المئات من العراقيين، وكان الأميركيون، بحسب أحمد، معترضين على سياسة المالكي؛ إذ قال هذا الجنرال للمالكي إن “السنّة سينفجرون يوماً ما وأنتم تشجعون التطرف والكراهية، وليس عندنا استعداد لنكون طرفاً في حرب أهلية جديدة تندلع في العراق”.

وحول أسرار سقوط بغداد، يقول أحمد “ليس عندي الكثير، لكن الذي توصلتُ إليه أن الخيانة لعبت دورها، والأمريكيون حالفهم الحظ أو أن القدر أراد ذلك للعراق”.

ويؤكد أحمد الذي يفكر بتأليف كتاب حول مشاهداته وتجربته السابقة باسمه الحالي فراس أحمد، وهو الاسم الذي اختاره لنفسه خلال عمله مع الأميركيين لأغراض أمنية، أن “غالبية الذين ساعدوا الأميركيين أو سهّلوا مهمتهم في العراق طيلة السنوات الماضية، نالوا الجنسية الأميركية، لكنهم مع ذلك يعانون عزلة وتأنيب ضمير، وهم يرون شلالات الدم اليومية في بلادهم وفشل ما راهنوا عليه”، لافتاً إلى أن ثلاثة عراقيين انتحروا في ولايات أميركية متفرقة “وأنا ما عدت إلى بغداد إلا لأجد راحتي، لكنني قررت العودة؛ فالبعير قد سقط ولا ينفع معه التدليك”.
الشروق الجزائرية

تعليقات

عن Houda Karmani

شاهد أيضاً

المرسوم عدد 55 لسنة 2022: تخوفات من خسارة المرأة التونسية لمكتسباتها

فادية ضيف كان اختيار تونس عاصمة “المرأة العربية ” لسنتي 2018 و 2019 و عاصمة …