النسيان والموت يلفّ المبدعين

راضية عوني 

يختفون تباعا..أولائك الذين أنتجوا فنا وتركوا بصمة وأثرا سريعا ما يندثر وينسى كأنه لم يكن، ذلك أن الذاكرة التونسية ذاكرة سمكة لا تحفظ، كما أنها لم تعترف بهم من قبل حين كانوا أحياء ..ماتوا لأنه وقع تجاهلهم .. يتكرر سيناريو الموت في صفوف الفنانين بنفس الطريقة..ولأن في تونس “بعد ما مات علقولو عنقود”فإن التجاهل ذاته سيتكرر في كل مرة وسيعاد في نسخ أسوأ. .تغمد الله المبدعين الذين فارقونا برحمته وغفرانه.

الأول تفطن إليه جثة نطقت الرائحة لتدل على مكانه الفنان التشكيلي علي عيسى، الثاني الشاذلي الورغي الذي يعرفه الجمهور المسرحي منذ الستينات أما الكرماوي جمال الصحفي بجريدة الشروق وبعد المرض غادر مسرعا دون صخب..

الفنان التشكيلي علي عيسى

تفطن إليه متوفيا اليوم 19 ديسمبر في منزله عن عمر ناهز 83 سنة وهو “الرجل الذي أصبح متحفا” كما وسمه السينمائي الشاب مروان الطرابلسي الذي رصد حياة هذا الفنان  المنعزل عن العالم علي عيسى الذي عاش في عالمه الخاص والاستثنائي، وفي هذا الفيلم أطلع الفنان المشاهدين على وصية مكتوبة بخطّ يده مفادها أنه يهب محرابه ومتحفه ومجمل أعماله التشكيلية والفنية إلى الدولة التونسية التي تقدر بحوالي 3000 عمل فني تشكيلي.

هو من مواليد 30 مارس من سنة 1938 زاول تعليمه الثانوي بالمعهد الثانوي ببنزرت قبل أن ينتقل للدراسة الجامعية بتونس إلى مدرسة الفنون الجميلة بتونس العاصمة في بداية الخمسينات من القرن الماضي، تلقّى أكثر من تكوين أكاديمي بمعاهد وأكاديميات أجنبية على غرار الأكاديمية اللبنانية للفنون الجميلة والجامعة الأمريكية ببيروت أنشأ رواقه الفني الخاص Alyssa بباردو.

حصد خلال مسيرته الفنية الطويلة عددا هاما من التتويجات والجوائز المحلية والعالمية من فرنسا وإيطاليا وكندا ، نذكر منها الميدالية الذهبية للمهرجان الدولي للرسم بتونس (1992) والميدالية الفخرية عن أكاديمية باريس الشرقية للفنون البصرية والتشكيلية (1986) ، وتتويجا ثانيا عن الأكاديمية الدولية بمارينا الإيطالية .

الفنان والحكواتي الشاذلي الورغي

 

 

توفي يوم 18 ديسمبر الشاذلي بسّايحية المعروف بالشاذلي الورغي والراحل من مواليد 14 جوان 1946 بالكاف، وهو عصامي التكوين في المسرح وكانت انطلاقته في الستينات ويعتبر أحد قدماء المسرح التونسي حيث انطلقت تجربته المسرحية سنة 1966، وقد تلقى تكوينا في الفن الرابع صلب فرقة الكاف وفي فرنسا ثم استقرّ في ولاية سوسة ويعتبر أحد المؤسسين للمسرح في الجهة.

وعرف الراحل بأنه حكواتي وممثل مسرحي وتلفزي وقد شارك في العديد من الأعمال التلفزيونية التونسية والأفلام العالمية ولعلّ أبرز أعماله التي بقيت خالدة في ذهن التونسيين هي دوره في فيلم “ريح الفرنان”. لكن في الآونة الأخيرة تدهورت حالته المادية والصحية..

الصحفي جمال الكرماوي

 

 

بعد صراع مع المرض توفي الصحفي القدير والرياضي السابق جمال الكرماوي. المرحوم لعب مع الملعب التونسي لعدة مواسم رياضية ومارس النشاط الصحفي لأكثر من ثلاثة عقود واشتهر بعمود عنوانه “أشياء في البال” في جريدة الشروق إلى جانب أنه اصدر مؤلفا ضمنه مقالاته بجريدة الإعلان.

هو الذي كتب “سلام على الكراسي… في الصباح و في التماس… سلام على الكراسي تحت العاطل والسياسي… سلام على المقاهي سلام على المآسي… شعب متشعب… متعشب… شعب يعود ليلا الى بيته في السيارات الصفراء… و لا يقوم في الصباه… سلام على الزبالة …سلام على الحثالة… سلام على النذالة… سلام بالخراب بالوكالة… طوابير طوابير في كل مكان… جيوب الفقر تنازع فقر الجيوب والساكيون عن الظلم لا يرفعون أصواتهم لا يذرفون دمعة… نشرات الأخبار المرتجفة تنشر الغسيل بالقفازات حتى لا نتوه… حتى لا نفهم..”

المصدر: الأيقونة

تعليقات

عن Houda Karmani

شاهد أيضاً

هل أرهقتك نوبات القولون العصبي؟ إليك أكلات ومشروبات تريحك

إذا كنت ممن يعانون من مشكلة القولون العصبي وتبحث عن أكلات تريح القولون لديك، فعليك …