بايدن في قمة جدة: واشنطن لن تترك الشرق الأوسط للصين وروسيا وإيران

انطلقت ظهر اليوم السبت في السعودية قمة “جدة للأمن والتنمية” التي تجمع قادة 9 دول عربية مع الرئيس الأمريكي جو بايدن في المحطة الأخيرة من جولته بالشرق الأوسط. ويضم لقاء القمة زعماء دول مجلس التعاون الخليجي الست ومصر والأردن والعراق.

وألقى القادة المشاركون في القمة كلمات تناولت مجمل الأوضاع في المنطقة العربية والقضايا المشتركة مع الولايات المتحدة، وقال ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إن هناك حاجة لتوحيد الجهود لدعم الاقتصاد العالمي، مؤكدًا أن الاجتماع يأتي في الوقت الذي تواجه فيه المنطقة والعالم تحديات كبرى.

وأشار ولي العهد السعودي إلى أن التحديات التي تعرض لها العالم بسبب جائحة كورونا والأوضاع الجيوسياسية تستدعي تضافر الجهود الدولية.

وأضاف أن تبني سياسات غير واقعية من خلال إقصاء مصادر الطاقة الرئيسية سيؤدي إلى تضخم غير مسبوق، مردفًا “مستقبل الطاقة الذي ننشده يتطلب رؤية واضحة ومتكاملة”.

ودعا ولي العهد السعودي، إيران إلى التعاون مع دول المنطقة وعدم التدخل في شؤون الدول الأخرى والتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

“لن ننسحب من المنطقة”

من جانبه، قال الرئيس الأمريكي جو بايدن إن إيران تعمل على زعزعة الاستقرار في الشرق الأوسط وأضاف “نواصل جهودنا الدبلوماسية للضغط على البرنامج النووي الإيراني، وحريصون على عدم امتلاك طهران سلاح نووي”.

وأكد بايدن خلال كلمته في القمة، أن الولايات المتحدة ستظل شريكًا عاملًا ونشطًا ومتعاونًا في الشرق الأوسط، مشددًا على أن واشنطن لن تنسحب أو تبتعد عن المنطقة وتترك الفراغ للصين وروسيا وإيران.

وأعلن بايدن أن بلاده ستقدّم تمويلًا بقيمة مليار دولار للأمن الغذائي بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

وأكد الرئيس الأمريكي أن بلاده عازمة على القضاء على “مصادر الإرهاب”، وأنها ستظل شريكًا للمنطقة في مواجهة التحديات، مشددًا على أن مصلحة الولايات المتحدة في التعاون مع المنطقة ولن تتركها.

وأشار إلى أن المنطقة شريان بالنسبة للسلام العالمي، وقال “سوف يكون هناك أعضاء جدد في التعاون بين دول المنطقة بما فيها إسرائيل”.

وفيما يخص الوضع في اليمن، قال الرئيس الأمريكي إن الهدنة في اليمن وصلت إلى أسبوعها الخامس عشر وقال “سنعمل على حل الأزمة هناك”.

التعاون لحل القضايا

وقال أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، إن اجتماع اليوم ينعقد وسط تحديات أمام المجتمع الدولي لتعزيز التعاون لإيجاد حلول للقضايا العالمية.

وأكد أنه لا أمن ولا استقرار ولا تنمية في ظل النزاعات، موضحًا أن احتكام أطراف النزاعات للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة يجنب الشعوب الكثير من الضحايا والمآسي.

كما أكد أن للولايات المتحدة دورا محوريا في الخليج والشرق الأوسط، مشيرًا إلى أن الاستقرار في منطقة الخليج ضروري ليس لها فحسب بل للمجتمع الدولي بأسره.

وفيما يتعلق بالطاقة النووية، أكد أمير قطر حق دول المنطقة في استخدام الطاقة النووية للأغراض السلمية وفقًا للقواعد الدولية، مؤكدًا موقف بلاده الثابت بتجنيب منطقة الخليج والشرق الأوسط عمومًا مخاطر التسلح النووي.

وقال الشيخ تميم “لن ندخر جهدًا في العمل مع شركائنا في المنطقة والعالم لضمان التدفق المستمر لإمدادات الطاقة”.

وعن العلاقات مع واشنطن، أكد أمير قطر أهمية العلاقات الخليجية والعربية عمومًا مع الولايات المتحدة وضرورة الحفاظ عليها وتعميقها.

تسوية القضية الفلسطينية

وقال الشيخ تميم إن الدول العربية أجمعت رغم خلافاتها على مبادرة سلام عربية ولا يصح التخلي عنها لمجرد أن إسرائيل ترفضها، وأوضح “لا يجوز أن يكون دور العرب اقتراح التسويات ودور إسرائيل رفضها والزيادة في التعنت كلما قدّم العرب تنازلات”.

وأضاف أمير قطر “نتطلع إلى دور فعال للولايات المتحدة في الدعوة إلى مفاوضات جادة لتسوية القضية الفلسطينية”، مشيرًا إلى أن التوتر سيظل قائمًا ما لم تتوقف إسرائيل عن انتهاك القانون الدولي عبر بناء المستوطنات وتغيير طابع القدس وفرض الحصار على غزة.

وفيما يتعلق بالوضع في سوريا، قال أمير دولة قطر في كلمته أمام القمة إنه لا يجوز قبول الأمر الواقع واستمرار الظلم الفظيع الذي يتعرض له الشعب السوري. وثمّن أيضًا الهدنة بين الأطراف اليمنية معربًا عن أمله في استمرارها حتى التوصل إلى حل للأزمة.

من ناحيته، أكد العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، أنه “لا أمن ولا ستقرار في المنطقة دون حل للقضية الفلسطينية وإقامة دولة على حدود 67”. وقال في كلمته أمام القمة “يجب أن يشمل التعاون الاقتصادي الأشقاء في السلطة الفلسطينية”.

تحديات سياسية وتنموية

وقال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في كلمته، إن القمة تأتي في لحظة استثنائية من تاريخ العالم والمنطقة العربية، وأكد أن المنطقة “تعاني من تحديات سياسية وتنموية ومخاطر انتشار الإرهاب”.

ودعا إلى ضرورة أن يكون لدول المنطقة إسهام ملموس لمواجهة التحديات المعاصرة، وقال “حان الوقت لتضافر الجهود لإنهاء الصراعات والحروب الأهلية في منطقتنا”.

كما دعا إلى ضرورة تكثيف الجهود المشتركة لحل نهائي لعملية السلام لا رجعة فيه، مشددًا على التوصل لتسوية عادلة وشاملة للقضية الفلسطينية على أساس حل الدولتين.

وطالب الرئيس المصري باحترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها، وجدد الالتزام بمكافحة الإرهاب والتطرف بكافة أشكاله.

كما طالب بضرورة إعادة صياغة القوانين التي تحافظ على الأمن المائي، وقال “ندعم كل جهد من شأنه تطوير التعاون وتنويع الشراكات لمواجهة أزمتي الغذاء والطاقة”.

وتابع الرئيس المصري “حان الوقت لوضع حد للحروب الأهلية التي أتاحت المجال لبعض الدول للتدخل في شؤون الدول العربية والاعتداء العسكري على أراضيها”.

من ناحيته، قال رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، إن بلاده تسعى لتعزيز بيئة الحوار في المنطقة بما يخدم مصالح الشعوب، واقترح إنشاء بنك للشرق الأوسط للتنمية والتكامل.

من جانبه، قال ولي عهد الكويت الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح إن دول مجلس التعاون الخليجي تأمل أن تكون هذه القمة بداية انطلاقة جديدة لمعالجة قضايا المنطقة.

وأضاف أن التحديات التي تمر بها المنطقة “تتطلب منا المزيد من التشاور والتعاون لمواجهتها”، مؤكدًا أن دول مجلس التعاون ماضية في تعزيز الشراكة الإستراتيجية مع الولايات المتحدة.

لقاءات ثنائية قبل القمة

واستبق بايدن القمة بلقاءات ثنائية بدأها بلقاء مع رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، وأتبعه باجتماع مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وكان آخر لقاءاته الثنائية مع رئيس الإمارات محمد بن زايد.

وأكد بيان أمريكي عراقي مشترك أهمية الالتزام المتبادل بالشراكة الثنائية بين البلدين وفقًا لاتفاق الإطار الاستراتيجي، مشددًا على أهمية تشكيل حكومة عراقية جديدة تستجيب لإرادة الشعب، وأكد أيضًا أهمية تقوية المؤسسات العراقية وتمكين قوات الأمن من تحقيق الاستقرار بالعراق والمنطقة.

وكانت رويترز قد نقلت عن مسؤول أمريكي قوله إن بايدن سيبحث في جدة تكامل القدرات الصاروخية والدفاعية بين دول الشرق الأوسط. وتأمل واشنطن أن تصدر منظمة أوبك إعلانا في الأسابيع المقبلة بزيادة إنتاج النفط، وفق المسؤول.

وقال مسؤول كبير في الإدارة الأمريكية إن بايدن سيعلن خلال القمة، تخصيص الولايات المتحدة مليار دولار في صورة مساعدات جديدة على المديين القريب والبعيد للأمن الغذائي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

وقال المسؤول إن زعماء دول مجلس التعاون الخليجي سيلتزمون أيضًا بتقديم 3 مليارات دولار على مدار العامين المقبلين في مشروعات تتماشى مع الشراكات الأمريكية في البنية التحتية العالمية والاستثمار.

وبعد زيارته تل أبيب والأراضي الفلسطينية في أولى جولاته بالشرق الأوسط منذ توليه الرئاسة، وصل بايدن الجمعة إلى السعودية واجتمع بالعاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز وولي العهد الأمير محمد بن سلمان ومسؤولين سعوديين كبار آخرين.

وبعد محادثات الرئيس الأمريكي مع المسؤولين السعوديين، تعهدت واشنطن والرياض بمنع إيران من الحصول على سلاح نووي، وبالحفاظ على استقرار أسواق الطاقة العالمية.

المصدر : الجزيرة مباشر + وكالات

تعليقات

عن Houda Karmani

شاهد أيضاً

بتصميمات كورية شمالية وروسية.. معلومات تفصيلية عن قدرات إيران الصاروخية

أطلقت إيران أمس السبت صواريخ وطائرات مسيرة محملة بالمتفجرات على إسرائيل رداً على غارة استهدفت …