دراسة لمنظمة « بوصلة »: نقص استثمار الدولة التونسية في مجال الرعاية الصحية وقطاع الصحة العمومية يعاني من مشاكل هيكلية خطيرة

أظهرت نتائج دراسة حديثة بعنوان « التقشف، المرض المزمن للصحة العمومية » أعدتها منظمة « بوصلة » نقص استثمار الدولة التونسية في مجال الرعاية الصحية ومعاناة قطاع الصحة العمومية من مشاكل هيكلية خطيرة خلال العشرية الأخيرة. وأفاد المشرف على إنجاز هذه الدراسة محلل السياسات العامة في منظمة « بوصلة » حسام شمام، خلال حلقة نقاش عقدت الثلاثاء بمقر المنظمة، أن هذه الدراسة التي اعتمدت على جل المؤشرات الوطنية التي تخص الصحة في تونس خلال العشر سنوات الماضية، بينت أن الإنفاق على الصحة العامة في تونس في سنوات ما بعد الثورة لم يواكب النمو السكاني وهو ما يتجلى بوضوح من خلال تراجع نصيب الفرد من الإنفاق من 170 دولار سنة 2013 إلى 144,3 دولار سنة 2018.
وأشارت الدراسة إلى تسجيل تراجع في ميزانية وزارة الصحة خلال سنة 2022 بنسبة 16 بالمائة مقارنة بسنة 2021، في الوقت الذي تعاني فيه تونس من تفاقم التحديات الصحية وتفشي عدة أمراض معدية تتطلب مواجهتها إمكانيات مالية هامة. ويبلغ الاستثمار في قطاع الصحة العامة الحد الأدنى مما جعل الإطارات الطبية وشبه الطبية بمؤسسات الصحة العمومية غير قادرين على توفير العلاج اللازم في الوقت المناسب بسبب نقص في المعدات والأدوية وتدهور البنية التحتية وعدم تكافؤ توزيع الخدمات الطبية العامة بين مختلف المناطق.
ويبقى الوصول إلى القطاع الصحي الخاص رهين توفر الإمكانيات المالية والامتيازات الجهوية، حيث تتمركز 90 بالمائة من العيادات الصحية الخاصة في المناطق الساحلية، وهو مايحول دون الوصول إليها من قبل العديد من المواطنين القاطنين في المناطق الداخلية. ولفتت الدراسة الى أن سياسة التقشف التي اعتمدتها تونس في العشرية السابقة تسببت في اضعاف هياكل الصحة العمومية وتعميق الفوارق الجهوية بين مختلف مناطق البلاد، حيث يمكن رصد انخفاض عدد المستشفيات الإقليمية العامة من 33 إلى 31، بينما لم يتم تشييد سوى مستشفى جهوي وحيد و58 مركزا صحيا أساسيا.
وبالرغم من أن طاقة الاستيعاب بالمستشفيات قد شهدت ارتفاعا بنسبة 6 بالمائة بين عامي 2017 و2019، إلا ان معظم هذا النمو سجل في القطاع الخاص بنسبة 17 بالمائة، مقابل 3 بالمائة في القطاع العام.
وبحسب الدراسة ذاتها تعاني منظومة الرعاية الصحية في تونمس من عديد المشاكل الأخرى، مثل عدم التواصل مع المرضى الذين غالبا ما يشعرون بعدم احترام لكرامتهم عند طلب الرعاية في القطاع العام، حيث تظهر روايات الشهود المتعددة في وسائل الإعلام وأثناء الحوار الاجتماعي حول الصحة، نقاط ضعف في عملية استقبال المرضى وعدم احترام سرية المريض وخصوصيته والصعوبات التي تواجه المرضى في الحصول على معلومات حول صحتهم وحقوقهم.
وأوصت الدراسة بضرورة تخصيص المزيد من الموارد لقطاع الرعاية الصحية العام من خلال تخصيص عائدات ضريبة المستهلك (رسوم الاستهلاك) مباشرة لفائدة الرعاية الصحية، وفرض هذه الضريبة على المنتجات الضارة بالصحة والبيئة. ودعت الى تخصيص ما لا يقل عن 15 بالمائة من الميزانية الوطنية في الرعاية الصحية العامة وتوجيه هذه الإيرادات في الاستثمارات في الموارد البشرية عبر انتداب مكثف للعاملين افي القطاع الصحة من مختلف الاختصاصات وتوزيعها على مختلف المناطق بشكل منصف.
وطالبت بضرورة تكثيف الاستثمار في مجال الصحة في المناطق الداخلية من خلال بناء المستشفيات والمصحات وحوكمة التصرف في الأدوية لتفادي حالات الفساد والافراط في الاستهلاك، فضلا عن معالجة مشاكل سوء الادارة والفساد من خلال اضفاء الشفافية على الشراءات وتوزيع الموارد ورقمنة هذه العمليات.

وات

تعليقات

عن Houda Karmani

شاهد أيضاً

وزير الفلاحة يؤكد أن الظرف على المستوى الفلاحي صعب وخاصة في ما يهم الموارد المائية

أكد وزير الفلاحة والصيد البحري والموارد المائية، عبد المنعم بالعاتي، على هامش زيارة عمل أداها …