دٌعيت إليه الجزائر: لماذا استبعدت تونس من مؤتمر برلين بشأن ليبيا؟

أعلنت الجزائر اليوم الثلاثاء قبول مشاركتها رسميا في الندوة الدولية حول ليبيا ببرلين والمنتظر انعقادها في 19 من جانفي الجاري، بعد أن كانت المستشارة الألمانية انجيلا ميركل قد وجّهت دعوة للرئيس عبد المجيد تبون ليكون طرفا فيها.

ولئن جاءت دعوة الجزائر متأخرة بعد أن كانت قد دعيت إلى هذا المؤتمر إلى جانب ألمانيا، الولايات المتحدة وروسيا والصين وبريطانيا وفرنسا وتركيا وإيطاليا ومصر والإمارات فإنّ تونس الجارة الغربية لليبيا لم تتمّ دعوتها.

وكانت المستشارة الألمانية ميركل قد هاتفت رئيس الجمهورية قيس سعيد في 06 جانفي الفارط وتمّ خلال هذا الاتصال التعرّض إلى مستجدات الأوضاع على الساحتين الإقليمية والدولية، وخاصة الوضع في ليبيا ومسار مؤتمر برلين دون أن تتمّ دعوة سعيّد لحضور هذا المؤتمر.  

وسبق أن ذكرت المكلفة بالاتصال برئاسة الجمهورية رشيدة النيفر أن تونس كانت حريصة على أن تكون ممثلة في مؤتمر برلين منذ أكتوبرالماضي، وأبلغت وزير الخارجية الألماني بذلك خلال لقائه بالرئيس قيس سعيد في الشهر ذاته، لكنها لا تعلم سبب عدم توجيه الدعوة. 

ومن جهته كان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قد أعلن قبل أيام، استغرابه لإقصاء الجزائر وتونس كدولتين جارتين لليبيا من المشاركة في مؤتمر برلين، كما دعت إيطاليا إلى توجيه الدعوة لتونس لحضور هذه القمة.

فلماذا تمّ استبعاد تونس من هذه الندوة الدوليّة وتمّت دعوة الجارة الجزائر؟

في تصريح “للجزيرة نت” اعتبر الدبلوماسي السابق أحمد ونيس أن تغييب تونس عن مؤتمر برلين رغم العلاقات المتميزة بين الجانبين التونسي والألماني، قد يفهم منه وجود قناعة لدى الجانب الألماني بعدم وجود ضرورة لتوسيع دائرة الأطراف المشاركة في المؤتمر. 

لكنه لفت بالمقابل إلى أن الحضور الجزائري الذي ضغطت باتجاهه تركيا، يعود للموقف الرسمي الواضح لهذا البلد والذي خرج عن الحياد الدبلوماسي الذي أبدته تونس، بإظهاره موقفا علنيا معاديا من اللواء المتقاعد خليفة حفتر والوقوف مع حكومة الوفاق الليبية برئاسة فائز السراج.

وكانت الرئاسة الجزائرية قد أعلنت في بيان رسمي إثر لقاء جمع بين الرئيس الجزائري بنظيره الليبي فائز السراج، أن “طرابلس خط أحمر ترجو ألا يجتازه أحد”. 

وطالبت الجزائر المجتمع الدولي ومجلس الأمن باحترام الشرعية الدولية، ووضع حد للتصعيد العسكري بليبيا، منددة بالمجزرة التي ارتكبتها قوات حفتر إثر قصف الكلية العسكرية بطرابلس الذي أدى لسقوط أكثر من 30 قتيلا، واصفة إياه “بالعمل الإجرامي الذي يرتقي لجريمة حرب”. 

وعزا ونيس أيضا تغييب تونس عن مؤتمر برلين لما أسماه غياب الاستقرار السياسي في البلد، بالتزامن مع تعثر تشكيل الحكومة المتواصل منذ أكثر من شهر، مما انعكس سلبا على الحضور الدبلوماسي التونسي بالخارج.

ولم يستبعد الدبلوماسي ذاته، عرقلة دول عربية بعينها الحضور التونسي في برلين، بسبب عداء هذه الأنظمة الشديد للثورة الديمقراطية التونسية “التي باتت نموذجا ناجحا على خلاف باقي الثورات العربية، وسعي حكام هذه الأنظمة المتواصل لتحجيم دورها في العواصم الغربية خاصة”، حسب تعبيره. 

ولفت الدبلوماسي السابق إلى أهمية أن تبقى تونس على الموقف ذاته من جميع الأطراف الليبية المتقاتلة، وفرض الحل السياسي التفاوضي في تواصل لمبدأ الحياد الذي عرفته الدبلوماسية التونسية منذ عقود. 

وخلص إلى أن الحضور التركي في ليبيا قلب المعادلة السياسية والميدانية، وكان له الفضل في تحريك الساحة العالمية من خلال جلب انتباه القوى الكبرى للخطر المحدق في ليبيا.

وكانت تونس التي تسلمت مقعدها بمجلس الأمن، قد شاركت الاثنين الفارط في الجلسة الطارئة للمجلس المنعقدة بطلب من الجمهورية التونسية والمملكة المتحدة وروسيا حول الأحداث الأخيرة في ليبيا، وبحضور الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة غسان سلامة، بحسب بيان للخارجية التونسية. 

وعبرت تونس خلال الجلسة عن “استنكارها الشديد ورفضها المطلق لتواصل سفك دماء الليبيين، مشددة على ضرورة التحرك العاجل لمجلس الأمن لفرض احترام قراراته ذات الصلة بالشأن الليبي”، والدفع نحو تسوية سلمية سياسية للأزمة في ليبيا. 

 

 

تعليقات

عن Houda Karmani

شاهد أيضاً

سمير عبد الحفيظ: في غياب إجراءات التأقلم ستكون الإنعكاسات الإقتصادية والمالية للتغيّرات المناخية هامّة

اعتبرت دراسة خصصت « للإنعكاسات الإقتصاديّة الكليّة للتغيّرات المناخية ورهانات التكيّف باستخدام أنموذج تقييم الإنعكاس …