الثلاثاء , 8 أكتوبر 2024

27 عاماً على اغتيال أبو جهاد..تفاصيل الجريمة


يصادف اليوم الذكرى السابعة والعشرين لاغتيال مهندس الانتفاضة الاولى، والقيادي الكبير بحركة فتح، خليل الوزير (أبو جهاد).
وكانت جريمة الاغتيال قد شارك في تنفيذها 3 من أجهزة استخبارات الاحتلال، وهي “جهاد الموساد وجهاز الاستخبارات العسكرية (أمان) وجهاز المخابرات “الشاباك” الذي أنيط به مهمة تحديد مكان تواجد أبو جهاد ليلة تنفيذ العملية، وهو الذي قام باعتقال ابن عم أبو جهاد الذين كان يسكن في قطاع غزة وقام بعض المقربين من ابن عمه بالاتصال برجال أبو جهاد في ايطاليا لإبلاغ أبو جهاد، ومن ايطاليا تم الاتصال بأبو جهاد الذي كانت متواجداً في منزله، وكانت المخابرات الإسرائيلية تتصنت على المكالمة فعلمت أن أبو جهاد متواجد في منزله في حي سيدي بوسيعد في العاصمة التونسية.

وبحسب تحقيق بثته القناة الثانية من التلفزيون الإسرائيلي قبل عامين فإنه وفي نهاية عام 1987 أصدر المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر تعليماته للجيش لفحص إمكانية تصفية أبو جهاد. ويقول اللواء احتياط عزرا بنو – السكرتير العسكري لرئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إسحاق شامير “في هذه الحالة كان واضحاً أن هذا الرجل يجب أن يختفي من الوجود”.
وفي مقابلة مسجلة مع رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إسحاق شامير يقول عن أبو جهاد “أبو جهاد كان واحداً من قادة الانتفاضة، صحيح أنه لم يكن في البلاد في تلك الفترة إلا انه كان يقاتل ضدنا”.
وفي صيف عام 1987 وصل بوغي يعلون القائد الجديد لوحدة الأركان إلى مكتب رئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية أمنون شاحاك، وكان ملف أبو جهاد مطروح على الطاولة. وبدأت عملية الاغتيال بالتدحرج، رجال الموساد وصلوا إلى تونس قبل أسابيع من ساعة التنفيذ، رجل وامرأة يتحدثان الفرنسية بطلاقة وبمظهر سياح لبنانيين، أقاموا في أحد الأحياء الراقية، وبدؤوا بدراسة الروتين اليومي لأبو جهاد وتعقب كل حركة في منزله.
كلف بوغي يعلون أيال رغونيس ضابط استخبارات وحدة الأركان انذاك ببناء نموذج لمنزل أبو جهاد، وقالت القناة إن من تحدثت معه عن العملية قال عن نموذج بيت أبو جهاد الذي بني في تل أبيب “قالوا لنا دوما أن المقاتلين عندما وصلوا إلى مكان العملية شعروا وكأنهم كانوا هناك بالسابق”.
تم تحديد تاريخ العملية في شهر أبريل عام 1988 وطاقم التنفيذ كان يضم أكثر من 20 مقاتلاً، وفي مرحلة متقدمة بدأ جنود وحدة الأركان التدرب مع رجال البحرية.. على الرسو على شاطىء واقتحام منزل. أيضا شقيق بوغي يعلون تبرع في أثناء التدريب بمنزله في منقطة حيفا.
في الثالث عشر من أبريل انطلقت القوة في طريقها على متن أربعة سفن حربية غادرت غرباً، إحدتها تقل المقاتلين، والثانية تقل فريق القيادة، بمن فيهم أيهود بارك نائب رئيس الأركان، والسفينة الثالثة كانت تحمل عتاداً استخباراتياً، أما السفينة الرابعة فكانت مشفى متحرك وهو مزود بطائرة إسعاف، ورافقت السفن طائراتٌ من سلاح جو الاحتلال على امتداد الطريق من حيفا إلى تونس التي يصل طولها إلى 2500 كم .. وواصلت السفن الإبحار لمدة ثلاثة أيام.
كشف حاييم مندل نائب رئيس الأركان في جيش الاحتلال أن السفن الحربية غادرت حيفا قبل الحصول على مصادقة المجلس الوزاري على العملية ويقول”عندما أبحرنا كان لدينا مصادقة من وزير الأمن ، ولم يكن لدينا مصادقة المجلس الوزاري، لو لم نحصل على المصادقة كنا سنعود أدراجنا”
في جلسة المجلس الوزاري المصغر فقط وزيرين هما شمعون بيرس، وعيزر فايستمان، شككا، بجدوى عملية التصفية، وأعربا عن خشيتهما من أن تؤدي إلى الإضرار باحتمال إطلاق مفاوضات مع الفلسطينيين.
وفي تلك الأثناء، وقبل 48 ساعة من تنفيذ العملية في تونس توجه رجال الموساد إلى ثلاثة وكالات لتأجير سيارات واستأجروا ثلاثة سيارات وكل السيارات كان لونها أبيض، وكلفت مجموعة الموساد في تونس بتشديد الرصد لمنزل أبو جهاد.
وفي ذلك الوقت وصلت معلومات إلى قيادة العملية في الذين تواجدوا في سفينة عسكرية، وكان يرأس طاقم القيادة نائب رئيس الأركان ايهود باراك آنذاك، وأفادت تلك المعلومات أن أبو جهاد سيسافر بعد 77 ساعة إلى خارج تونس وهو بالعادة يمكث بمنزله قبل السفر بليلة.
وفي ليلة الخامس عشر من أبريل عادت زوجة أبو جهاد إلى المنزل لوحدها تقريبا في الساعة الحادية عشر وكان رجل الموساد الذي يراقب المنزل من الخارج ليس بإمكانه على وجه اليقين أن يؤكد أن أبو جهاد هناك.
قادة عملية الاغتيال على السفينة الحربية كانوا يريدون معرفة “هل أبو جهاد في المنزل؟”، ونقلوا هذا الطلب إلى إسرائيل، لتنفيذ خطة معدة مسبقاً فتم اعتقال ابن عم أبو جهاد في قطاع غزة المحامي فايز أبو رحمة.
وهذا كان فخ، “الشاباك” اعتقل المحامي أبو رحمة وهو مقرب من أبو جهاد.. من أجل دفع مقربيه لإبلاغ أبو جهاد في تونس بالأمر، وفي اللحظة التي رفع فيها أبو جهاد سماعة الهاتف ، تأكد رجال “الشاباك” أن الهدف في البيت.
قادة العملية خلصوا إلى أن قوة وحدة الأركان المكلفة بتنفيذ عملية الاغتيال والتي يقودها بوغي يعلون بإمكانها الانطلاق في طريقها.
وتقول القناة:” حوالي عشرون مقاتلاً من وحدة الأركان نزلوا من السفن إلى الزوارق المطاطية التي يقودها رجال البحرية، وتقريباً حملت الزوارق وحدة الأركان ساعة ونصف “. وصل القوة الإسرائيلية إلى شاطئ تونس واتصل قائد وحدة البحرية الأول برجال الموساد الذين حضروا إلى الشاطئ على متن ثلاثة سيارات بيضاء تسلمتها القوة من رجال الموساد، واستقل رجال وحدة الأركان السيارات الثلاثة متوجهين إلى منزل أبو جهاد”.
وتقول القناة في هذه اللحظات:” تقريباً في الساعة الواحدة قبيل الفجر، ثلاث سيارات، تنطلق في طريقها من الشاطئ عبر الشوارع الهادئة لحي سيدي بوسعيد، والقلق في سفينة القيادة بلغ ذروته في هذه اللحظات بسبب احتمال أن يكون أبو جهاد يقظ ليجهز نفسه للسفر، وقد يكون لديه أشخاص آخرين، رجل الموساد الموجود قبالة البيت كان يتعقب كل حركة في المكان، والسيارات دخلت إلى الشارع المحاذي لمنزل أبو جهاد وبالإمكان سماع صوت التوتر في مقر هيئة الأركان في تل أبيب الذي كان يرتفع بوتيرة سريعة والخط الهاتفي ظل مفتوحاً، والكل يعلم أن الخطوة الأولى حساسة”.
وكانت المرحلة الأولى من العملية تتمثل بقتل حارس أبو جهاد الذي يجلس خارج المنزل بداخل سيارة، وعن قتل ذلك الحارس قالت القناة “المقاتلان اللذان يسيران وحدهما، في الشارع المظلم يبدو وكأنهما سائحان يبحثان عن أحد البيوت في الحي. المقاتل المتنكر بزي سائح وشريكته التي تبدو كسائحة يمران من قرب حارس أبو جهاد، الذي يجلس داخل السيارة، أحدهم يمسك بيده علبة وكأن بداخلها مسدس مزود بكاتم للصوت، و لم يلاحظ الحارس توجيه مؤشر الليزر صوب جبينه، بعد أقل من ثانية سمع رجل الموساد عبر اللاسلكي كلمة نفذ، فتم تحييد الحارس. عندها كان بالإمكان الانقضاض إلى داخل منزل أبو جهاد.”
وثم تبدأ عملية اقتحام المنزل وتمضى القناة بالقول ” المقاتل الذي توجه نحو باب البيت كان يمسك بيده ذارع ميكانيكية تم تطويرها خصيصاً لهذه العملية، وخلال ثواني تم اجتثاث الباب من مكانه”.
ويقول يؤآف غلانت أحد قادة العملية “القصة الحقيقية كانت الدخول من الباب، الخطوة الأولى هي التغلب على الحارس التي نفذها ناحوم ليف برابطة جأش، والخطوة الثانية اقتحام الباب الرئيسي، هاذين الأمرين بالواقع مكنا دخول قوة متفوقة بشكل مطلق من ناحية الكثافة النارية والعددية ومعها عامل المفاجأة”.
وتابعت القناة” في هذه اللحظة أكثر من عشرة مقاتلين يقتحمون البيت وهم يعرفون أنه في الطابق الأرضي توجد غرفة الضيوف وغرفة العمل وكلاهما فارغتين، بينما غرفة نوم أبو جهاد في الطابق العلوي، في هذه الثواني أحد طواقم المقاتلين وصل إلى قبو المنزل فيتم تصفيه اثنين من رجال أبو جهاد ينامان هناك عبر رصاصات من مسافة قصيرة، والآن أربعة مقاتلين يركضون إلى الأعلى عبر الدرج على الطابق الثاني وعلى رأسهم الضابط خيت قائد الطاقم”.
ويقول أحد المشاركين بالهجوم على منزل أبو جهاد “عندما وصلت إلى طرف الدرج فجأة سمع صوت تجهيز سلاح وفجأة شاهدت أبو جهاد قابلته وقد استل مسدسه، وكانت زوجته على يمينه، الضابط الشاب الذي يقف قبالة أبو جهاد أطلق النار عليه من مسافة قريبة، وتنحى جانبا، أما المقاتلان اللذان يقفان خلفه فقد واصلا إطلاق النار على الرجل، لقد أطلقوا عليه سبعين رصاصة.”
وأضافت القناة” قائد وحدة الأركان بوغي يعلون، موجود حتى الآن في الطابق السفلي، وهو لا يعلم على وجه اليقين أنه تمت تصفية الهدف، وبعد سماعه الصوت صعد يعلون وأطلق النار مجدداً على جثة أبو جهاد، ومن ثم نزل المقاتلون إلى الأسفل ومضت أقل من خمس دقائق، من لحظة اقتحام المنزل، حتى اللحظة التي سمع فيها صوت بوغي يعلون في جهاز الاتصال يقول:
“هنا بوغارات،اسم يعلون الحركي، أنهيت، الكل على ما يرام، نحن بالطريق إلى المحطة”.
وتقول القناة الثانية” في هذه الثواني ركض يعلون إلى خارج المنزل، والقيادة تريد أن تسمع منه أمراً واحداً، فيكرر عبر جهاز اللاسلكي:
“هنا بوغارت، المدير انتهى، أكرر، المدير انتهى”.
وتعود القناة لتصف المشهد بالقول” بعد أن أصبح كل رجاله بداخل السيارات وهم ينطلقون بطريقهم بسرعة عودةً إلى الشاطئ، بوغي سمح لنفسه تقديم تفاصيل عبر جهاز اللاسلكي إلى مقر قيادة العملية في عرض البحر وقال:
“رتشارد هنا بوغارت، المدير وثلاثة من موظيفه كلهم ذهبوا بنفس الطريقة كما يبدو إلى العالم الأخر”.
خلال عدة دقائق أرسلت هذه البرقية من السفينة الحربية التي تقل قادة العملية إلى مكتب رئيس الأركان في تل أبيب وجاء في البرقية: “المهمة نفذت والذي يتجرأ ينتصر”.
ومن العمليات العسكرية التي خطط لها أبو جهاد، عملية نسف خزان زوهر عام 1955، وعملية نسف خط أنابيب المياه (نفق عيلبون) عام 1965، وعملية فندق (سافوي) في تل أبيب و قتل 10 إسرائيليين عام 1975، وعملية انفجار الشاحنة المفخخة في القدس عام 1975، عملية قتل ‘البرت ليفي’ كبير خبراء المتفجرات ومساعده في نابلس عام 1976، إضافة إلى عملية دلال المغربي التي قتل فيها أكثر من 37 إسرائيليا عام 1978، وعملية قصف ميناء ايلات عام 1979، وقصف المستوطنات الشمالية بالكاتيوشا عام 1981، وأسر 8 جنود إسرائيليين في لبنان ومبادلتهم بـ 5000 معتقل لبناني وفلسطيني و 100 من معتقلي الأرض المحتلة عام 1982، وخطط لاقتحام وتفجير مقر الحاكم العسكري الإسرائيلي في صور، الأمر الذي أدى إلى مصرع 76 ضابطا و جنديا بينهم 12 ضابط يحملون رتبا رفيعة عام 1982، إدارة حرب الاستنزاف من 1982 إلى 1984 في جنوب لبنان، وعملية مفاعل ديمونة عام 1988 والتي كانت السبب الرئيسي لاغتياله. يذكر أن خليل إبراهيم محمود الوزير (أبو جهاد)، ولد عام 1935 في مدينة الرملة، وغادرها إلى غزة إثر حرب 1948 مع أفراد عائلته، ودرس في جامعة الإسكندرية، ثم انتقل إلى السعودية فأقام فيها أقل من عام، وبعدها توجه إلى الكويت وظل بها حتى عام 1963، وهناك تعرف على ياسر عرفات وشارك معه في تأسيس حركة فتح.
في عام 1963 غادر الكويت إلى الجزائر حيث سمحت السلطات الجزائرية بافتتاح أول مكتب لحركة فتح وتولى مسؤولية ذلك المكتب، كما حصل خلال هذه المدة على إذن من السلطات بالسماح لكوادر الحركة بالاشتراك في دورات عسكرية وإقامة معسكر تدريب للفلسطينيين الموجودين في الجزائر. غادر أبو جهاد الجزائر عام 1965 إلى دمشق حيث أقام مقر القيادة العسكرية وكلف بالعلاقات مع الخلايا الفدائية داخل فلسطين، كما شارك في حرب 1967 وقام بتوجيه عمليات عسكرية ضد الجيش الإسرائيلي في منطقة الجليل الأعلى، وتولى المسؤولية عن القطاع الغربي في حركة فتح، وهو القطاع الذي كان يدير العمليات في الأراضي المحتلة. وخلال توليه قيادة هذا القطاع في الفترة من 1976 – 1982 عكف على تطوير القدرات القتالية لقوات الثورة كما كان له دور بارز في قيادة معركة الصمود في بيروت عام 1982 والتي استمرت 88 يوماً خلال الاجتياح الإسرائيلي للبنان.
تسلم أبو جهاد خلال حياته مواقع قيادية عدة، كان عضو المجلس الوطني الفلسطيني خلال معظم دوراته، وعضو المجلس العسكري الأعلى للثورة الفلسطينية، وعضو المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية، ونائب القائد العام لقوات الثورة، كما يعتبر مهندس الانتفاضة وواحداً من أشد القادة المتحمسين لها. وبعد حصار بيروت عام 1982 وخروج كادر وقوات الثورة من المدينة عاد أبو جهاد، مع رفيق دربه ياسر عرفات إلى مدينة طرابلس ليقود معركة الدفاع عن معاقل الثورة في مواجهة المنشقين المدعومين من الجيش السوري، بعد الخروج من طرابلس توجه أبو جهاد إلى تونس حيث مقر المنظمة ومقر إقامة أسرته، ومن هناك أصبح دائم التجوال بين العواصم العربية للوقوف عن كثب على أحوال القوات الفلسطينية المنتشرة في تلك البلدان.
وكالة سما الإخبارية + الساحة الإخبارية


 

 

 

تعليقات

عن Houda Karmani

شاهد أيضاً

المرسوم عدد 55 لسنة 2022: تخوفات من خسارة المرأة التونسية لمكتسباتها

فادية ضيف كان اختيار تونس عاصمة “المرأة العربية ” لسنتي 2018 و 2019 و عاصمة …