البكالوريا في تونس أهم الامتحانات الوطنية فهي الشهادة الرئيسية التي تفتح بوابة التعليم العالي للناجحين على مصراعيها. ولشهادة الباكالوريا لدى عموم التونسيين قيمة اجتماعية مرموقة فهم يعتبرونها أفضل درجات الترقية الاجتماعية وأول بوابات الحصول على وظائف يأملونها خاصة لأولئك الذين ينحدرون من عائلات محدودة الدخل إذ تمكنهم من تحسين الظروف المعيشية وزيادة الاستقرار الاقتصادي للأسرة.
وتوجه اليوم الأربعاء، 140 ألفا و213 تلميذا إلى المراكز الكتابية لامتحان بكالوريا دورة 2024، لاجتياز الاختبارات الكتابية للدورة الرئيسية التي تتواصل أيام 5 و6 و7 و10 و11 و12 جوان الجاري على أن يقع الإعلان عن نتائجها يوم 25 جوان 2024.
يعود تاريخ البكالوريا، كشهادة علمية تتوّج سنوات الدراسة بالتعليم الثانوي إلى سنة 1808 بفرنسا، لمّا أصدر نابليون بونابرت أمرا يتعلّق بتنظيم هذه الشهادة واعتبارها رتبة علمية. غير أن تنظيم اول دورة للباكالوريا في تونس يعود الى سنة 1891 اي 10 سنوات بعد دخول الاستعمار الفرنسي الى البلاد.
أجريت أول دورة للبكالوريا في تونس في “المعهد الصادقي” دون سواه، وهو واحد من أقدم وأشهر المؤسسات التعليمية في تونس، تأسس في عام 1875 على يد الوزير خير الدين التونسي، وكان له دور ريادي في تقديم التعليم الحديث.
وكان امتحان البكالوريا، آنذاك، من حيث التنظيمُ والبرامُج والمواد والمواضيع مطابقا للبكالوريا التي تنظّم بفرنسا.
ولم يتجاوز عددُ الناجحين التونسيّين في الدّورة الأولى 6 تلاميذ، وتواصل الأمرُ على هذا النّسق ليرتفع عدد الناجحين من التونسيّين إلى 18 في دورة 1912 و140 في دورة 1953، وفق ما اوردته مدونة المفكرة البيداغوجية التي أعدها كل من هادي بوحوش ومنجي عكروت وهما متفقدا تعليم ثانوي.
في سنة 1950، أحدثت بكالوريا فرنسيّة تونسيّة بمقتضى أمر مؤرّخ في 26 جانفي 1950، وذلك تطبيقا لأمر أصدرته السّلطات الفرنسيّة بعد الحرب العالميّة الثانية، يتعلق باختبارات البكالوريا في المستعمرات الفرنسية، والذي يُجيز إجراء اختبار في اللغة الوطنيّة لتلك البلدان.
وفي سنة 1957، أي بعد مرور سنة على الاستقلال، أحدثت شهادة تونسيّة تسمّى ” شهادة بكالوريا التعليم الثانويّ”، بمقتضى أمر من الوزير الأكبر، رئيس الحكومة. وصدر في التاريخ نفسه قرار وزاريّ يتعلق بنظام هذه الشّهادة التي تتوّج الدّراسة بالتعليم الثانويّ. وكان وزيرُ المعارف آنذاك الأستاذ الأمين الشّابّي.
وجرتْ الدّورة الأولى في نهاية السّنة الدّراسيّة 1956-1957، يوم 31 ماي 1957.
وحافظ امتحان البكالوريا المحدثة على التنظيم الذي كان معمولا به في عهد الحماية، ولم تطرأ عليه تغيّيرات جذريّة.
و يتكوّن الامتحان من جزأين اذ كان امتحان شهادة البكالوريا يُجرى على مرحلتين، تمتدّان على سنتين دراسيّتين، جزء أوّل أو جزء تأهيليّ يجتازه في نهاية السّنة تلاميذُ “القسم الأوّل” بالمعاهد والمدارس الثانوية والأقسام المساوية لها في التعليم التقني وجزء ثان يجرى في موفّى القسم النّهائيّ لشعب لفلسفة والعلوم الطبيعيّة والرّياضيات والأقسام المساوية لها في التعليم الفنّيّ. ولا يجوز اجتيازُها إلا للنّاجحين في الجزء الأوّل أو الجزء التأهيليّ.
وتنتظم اختبارات الجزء الاول والثاني في دورتين، تكون الدّورة الأولى في نهاية السّنة الدّراسيّة، وتعرف بدورة جوان، وتُنظّم الدّورة الثانيّة في بداية السّنة الدّراسيّة المواليّة، وتُعرف بدورة أكتوبر، وتُمثّل الدّورةُ الثانية فرصة لمنْ لم يسعفه الحظّ في دورة جوان.
وتشتمل على اختبارات كتابيّة وأخرى شفويّة: يُدْعى المترشّحون إلى إجراء اختبارات كتابيّة، وفي صورة قبولهم في تلك الاختبارات، يُدعوْن إلى إجراء اختبارات شفويّة.
ورغم عدم توفر المعطيات الإحصائيّة لدورة 1956 -1957 للباكالوريا التونسية غير ان بعضُ وثائق وزارة التربية تحدّثت عن 289 محرزا لشهادة البكالوريا في دورتها الاولى وفق ما اورده معدا المدونة.
وات