هدى القرماني
معلقا على نتائج زيارة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون إلى تونس قال أحمد المناعي رئيس المعهد التونسي للعلاقات الدولية أنه يجب أن ننظر إليها على أنها مجرد وعود قد تكون فرنسا غير قادرة على الوفاء بها.
وذكّر المناعي بالوعود التي تلقاها رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي خلال حضوره في قمة مجموعة الثماني G8 سنة 2011 المنعقدة في دوفيل الفرنسية بدعم تونس بـ 20 مليار دولار مشيرا إلى أنه لم يتحقق من هذه الوعود شيء.
واستطرد المناعي القول بأنه يجب أن لا ننسى أن فرنسا ستبقى في السنوات المقبلة البلد الأول في مبادلاتنا التجارية وفي قبولها للتونسيين على مستوى الهجرة فـ 8 بالمائة تقريبا من التونسيين أي حوالي 70 بالمائة من اجمالي المهاجرين التونسيين يعيشون في فرنسا.
ويرى المناعي أن الزيارات التي يقوم بها رئيس الجمهورية خارج تونس أو زيارات الدولة التي يقوم بها الرؤساء إلى بلدنا لا يمكن الانتفاع منها اقتصاديا الا على مدى متوسط وبعيد.
نشر الفرنكوفونية من أولويات فرنسا
وعن الهدف الرئيسي من هذه الزيارة شدّد رئيس المعهد التونسي للعلاقات الدولية على أن فرنسا اليوم تريد المحافظة على مواقعها التقليدية والتاريخية في تونس والتركيز على الفرنكوفونية بإعادة الاعتبار للغة الفرنسية كلغة أساسية خاصة أمام تراجعها في السنوات الأخيرة لفائدة اللغة الانقليزية وغيرها من اللغات.
ومن ناحية ثانية أفاد المناعي أن تونس هي جزء من منطقة كاملة تضم ليبيا وشمال افريقيا عموما وللرئيس الفرنسي طموح إلى أن يلعب دورا أكبر فأكبر في الملف الليبي غير أنه لا يحتاج قدومه إلى تونس للتحدث عن ليبيا يكفيه أن يتصل مباشرة برئيس الحكومة الليبية أو أي مجموعة من المجموعات هناك والتحدث معها في فرنسا وهو ما قام به فعلا.
ومع ذلك يقول المناعي أن ماكرون قد التقى في تونس رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني الليبية فائز السراج.
فرنسا والنفط الليبي
وذكّر المناعي بأن الحرب على ليبيا قد دعمتها فرنسا وشارك طيرانها في قذف المؤسسات وقذف الشعب الليبي وكانت حربا للحصول على أكبر نسبة من النفط الليبي وهو ما تم الاتفاق عليه بين فرنسا ورئيس المجلس الانتقالي السابق مصطفى عبد الجليل بمنح الأخيرة 30 بالمائة من النفط لكن فرنسا حسب قول محدثنا غير قادرة على الوصول إليه نظرا للوضع الغير مستقر بليبيا ولأن تسويق النفط هناك يتم عبر السوق السوداء والجماعات المسلحة قادرة على تسويقه بطريقة خارجة عن كل التقاليد التجارية.
وأضاف رئيس المعهد التونسي للعلاقات الدولية أن ليبيا الآن أمام مرحلة إعادة تركيز أسس دولة وتركيز حكومة وإعادة البناء هذه تكون أسهل لو كانت مباشرة مع نهاية الحرب لكن اليوم الأمر صعب فالشعب مطالب بداية باسترجاع مكانته كشعب لأن ليبيا حاليا بها قبائل وعشائر وجماعات مسلحة الخ..
وتعليقا على إقرار ماكرون بتحمل فرنسا لجزء من المسؤولية في تهديد الحدود التونسية الليبية شدّد المناعي على أن فرنسا كانت على رأس قائمة الدول التي خربت ودمرت ليبيا وهو ما يعتبر جريمة يجب المعاقبة عليها وليس خطأ والفرق بينهما واضح على حد تعبيره.
وأضاف محدثنا ان مشكلة المستعمر بالأمس واليوم أنه لم يعترف بمسؤوليته والاعتراف بالمسؤولية في الجريمة يستوجب الاعتذار.
لن يكون لتونس دور في تركيز الدولة الليبية
وإجابة عن ان امكانية أن يكون لتونس دور في إعادة البناء في ليبيا أكد المناعي أنه ليس لتونس أي تأثير على الليبيين مضيفا أن أطرافا عدة تسعى للتدخل في الملف الليبي من الجامعة العربية إلى مصر والمغرب وتونس وغيرها لكن يقول ان البلد الوحيد القادر سياسيا على التدخل بجدية في هذا الموضوع هو الجزائر نظرا لإمكانياتها وعلاقاتها بالكثير من المجموعات والقبائل الليبية ولكن رفضت الجزائر أن تكون أحد معاول الغرب حسب تعبيره وقد حاولت فرنسا مرارا دفعها للتدخل بشكل أو بآخر الا أنّ الجزائر ترفض ذلك حتى لا تسهّل على الذين يترصدونها الدخول في بلادها.
العلاقات التونسية الفرنسية ممتازة
على عكس ما ذهب إليه رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي بأن العلاقات التونسية الفرنسية إثر زيارة ماكرون إلى تونس ستدخل مرحلة جديدة تساءل السبسي عن معنى كلمة جديدة مشددا على أن العلاقات بين البلدين وفقا للمقاييس السياسية والدبلوماسية هي ممتازة ولا توجد خلافات بيننا حتى أن التبادل التجاري مع فرنسا ممتاز جدا.
وذّكر المناعي بأن العلاقات التونسية الفرنسية انطلاقا من مارس 1956 أي مباشرة اثر الاستقلال ظلت مستقرة و في حالة تحسن باستثناء أزمتين اثنتين شهدتهما العلاقات في كل من معركة بنزرت سنة 1961 ونسبيا سنة 1964 عندما أممت الحكومة التونسية أملاك المعمرين فيما بقيت ممتازة ومستقرة بعد ذلك.
ويضيف أن فرنسا تعيش اليوم أحسن وضع عرفته في تونس إذ يوجد من نواب الشعب ومن أعضاء الحكومة من يحمل الجنسية الفرنسية.
وفي الأخير انتقد المناعي الدبلوماسية التونسية معتبرا أنها منذ 2011 تابعة مائة بالمائة إما لتركيا أو لقطر أو للإمارات أو لفرنسا وللولايات المتحدة الأمريكية مضيفا أنه ليست لدينا دبلوماسية ولا يوجد قرار سيادي هام يمكن أن تتخذه تونس في استقلال تام عن باقي الدول المذكورة مستدلا بالموقف من العلاقات مع سوريا.