تسببت الغارات الجوية التي نفذها سلاح الجو المصري داخل الأراضي الليبية، بنشوب خلاف بين القاهرة والجزائر، وفقاً لما ذكرته صحيفة Mondafrique الفرنسية، الجمعة 22 يونيو/حزيران 20177.
وأشارت الصحيفة أنه على خلفية هذه الواقعة، من المقرر أن يجتمع وزراء خارجية كل من الجزائر ومصر وتونس يومي 5 و6 يونيو/حزيران الجاري في العاصمة الجزائرية “لتقييم الوضع” الليبي، وفهم أسباب الخطوة أحادية الجانب التي أقدمت عليها القاهرة.
وكان المتحدث باسم الجيش المصري، العقيد تامر الرفاعي، قال إنه “لم يتم إعلان توقف” العمليات العسكرية لبلاده ضد ما أسماها بـ”مواقع تدريب الإرهابيين” في ليبيا. وقال يوم 30 مايو/أيار المنصرم إن “كل من يخطط للإرهاب ضد مصر عليه أن يعلم أنه ليس بعيداً عن يد القوات المسلحة المصرية أيّاً كان موقعه أو مسماه”، بحسب ما ذكرته وكالة الأناضول.
قلق جزائري
ويأتي الانزعاج من الضربات المصرية داخل التراب الليبي، بسبب عدم التشاور مع بقية الدول المعنية بالأزمة الليبية، وتحديداً تونس والجزائر.
وتشعر الجزائر بالقلق من غارات الطائرات المصرية، لا سيما وأنها لا تزال تنتهج مبدأ عدم التدخل العسكري في ليبيا رغم استنفار جيشها على طول الحدود المتاخمة للجارة المضطربة.
وكانت الجزائر قد رفضت في السابق تدخل فرنسا عسكرياً في مالي سنة 2013، كما أنها ترفض أيضاً أي تدخل عسكري أجنبي في ليبيا.
ونقلت صحيفة Mondafrique عن مصدر مقرب من وزارة الشؤون الخارجية الجزائرية بأن الجزائر “تفكر ملياً في الخسائر التي يمكن أن تتكبدها فيما بعد نتيجةً لأي تدخل عسكري سريع وغير عقلاني في دولة متوترة”.
وأضاف المصدر أن “الجزائر تؤمن بلغة الحوار والعودة إلى طاولة المفاوضات، كما أنها تشجع على اتخاذ الحلول الدبلوماسية. أما بالنسبة للتدخل العسكري، الذي يخدم مصلحة طرف على حساب آخر، فسيزيد الوضع تعقيداً مما يصعب مهمة الخروج بحل في المستقبل”.
احتجاج على الغارات
وأكد مسؤول دبلوماسي جزائري -بحسب الصحيفة الفرنسية- أن “الجزائر احتجت ضد إجراءات السيسي التي اتخذها في ليبيا”. وفي الوقت عينه، طالبت الجزائر في بيان رسمي وضع حد للضربات الجوية المصرية التي تطال أهدافاً في التراب الليبي.
ومن جانبها، أشارت وكالة رويترز إلى تحليلات تتحدث عن أن الضربات الجوية المصرية داخل الأراضي الليبية خطط لها مسبقاً، لزيادة الدعم لحليف السيسي الرئيسي في ليبيا القائد العسكري خليفة حفتر وما يعرف بالجيش الوطني الليبي الذي يقوده، وترى أن هجوم المنيا اتخذ ذريعة لشنها.
من جانب آخر، استنجدت أحزاب سياسية ليبية بالجزائر طالبة الحماية تزامناً مع الضربات الجوية المصرية الأخيرة، حيث اتصل قادة هذه الأحزاب بأحمد أويحي، أحد ركائز قصر المرادية الرئاسي في الجزائر.
وأكد مصدر جزائري أن “رئيس حكومة الوفاق الوطني الليبي، فايز السراج، اتصل شخصياً بأحمد أويحي”. وأضاف أن “الجزائر قلقة بشأن الدعم المصري العسكري المكثف للمشير خليفة حفتر، نظراً لأن الجزائر ترى أن هذا الرجل غير جدير بالثقة، كما أنه يمكن أن يتسبب في تعميق الأزمة الليبية مما يؤثر سلباً على كامل المنطقة”.
ومن جانبها، لا ترى الجزائر حلاً للأزمة الليبية سوى في دمج الإسلاميين، الذين ترفضهم القاهرة وواشنطن في معادلة السلام في ليبيا.
ولكن لنجاح ذلك، يجب أن تتوافق وجهات النظر بين الجزائر ومصر فيما يتعلق بمستقبل ليبيا. أما في الوقت الحاضر، فاكتفت الجزائر بإقناع المصريين باحترام ما جاء في خارطة الطريق.
وتجدر الإشارة إلى أن جزءاً من مستقبل ليبيا ستتضح ملامحه يومي 5 و6 يونيو/حزيران في العاصمة الجزائرية.
هاف بوست عربي