معز بسباس
متفقد رئيس الملكية العقارية بالمنستير
ان التبتيت أو البيع الجبري يخضع لقواعد قانونية خاصة تتطلب من مدير الملكية العقارية و دائرة البيوعات العقارية لفائدته الإلتزام بها.
إلا أن في بعض الأحيان تكون لحافظ الملكية العقارية سلطة تقديرية لترسيم ذلك التثبيت وذلك مثلا بعدم التقيد بجميع مقتضيات الفصل 377 من م.ح.ع و الإستئناس بكراس الشروط.
ولكن نجد بعض الفصول الخاصة التي تناولت التبتيت بصفة صارمة و ثابتة حتى تحافظ على مبدأ الاستقرار في التشريع وعلى سبيل المثال نذكر منها الفصول 480-481 و 458 من م.م.م.ت التي تناولت موضوع آثار البيع الجبري على سبيل المثال.
وسوف لن نتناول بالدرس ترسيم حكم التبتيت ككل وإنما سوف تتطرق لعنصر متفرع منه وهما:
1- أحكام و إجراءات إشهار آثار ترسيم التبتيت
2- إجراءات وأحكام إشهار الرهن القانوني
1-أحكام وإجراءات إشهار اثار ترسيم التبتيت
أ-احكام وإجراءات المفعول التطهيري للتبتيت
ينص الفصل 481 من م.م.م.ت على ما يلي : “بيع عقار بالمزاد العلني عن طريق المحكمة أو حسب الإجراءات التي إقتضاها الفصل 450 يطهر ذلك العقار قانونا من جميع الإمتيازات و الرهون الموظفة عليه وبصفة عامة من جميع الترسيمات المتعلقة بالديون ولا يكون حينئذ للدائنين الحق في القيام إلا بالنسبة إلى ثمن التبتيت.ويتولى مدير الملكية العقارية بعد ترسيم محضر التبتيت ومن تلقاء نفسه التشطيب على الترسيمات المشار إليها بمجرد ما يدلى له بما يثبت تأمين ثمن التبتيت و المصاريف والأجور المنصوص عليها بالفصل429 بعد طرح المبالغ التي قد يكون للمبتت له حق قانونا في إستخلاصها أو في اخذها من الثمن “.
*في حالة تأمين ثمن البتة:
فحسب الفقرة الاولى من هذا الفصل فإن التبتيت يطهر العقار قانونا من جميع الامتيازات والرهون الموظفة عليه ومن جميع الترسيمات المتعلقة بالديون
كما أنه حسب الفقرة الثانية من الفصل 481 من م.م.م.ت فإن لمدير الملكية العقارية إن يقوم من تلقاء نفسه وبعد ترسيم التبتيت بالتشطيب على الرهون والترسيمات المتعلقة بالديون وذلك بشرط بعد الإدلاء بما يثبت له تأمين ثمن التبتيت وبذلك
وحسب المفهوم العكسي وفي صورة عدم الإدلاء بما يفيد تامين ثمن البتة فإنه لا يمكن تطهير العقار من الترسيمات المتعلقة بالديون.
*حالة عدم تأمين ثمن البتة:
لكن عدم الإدلاء بما يفيد تأمين ثمن البتة لا يوقف ترسيم التبتيت بل نجد المشرع وجد مخرجا لذلك وذلك بحفظ الحق بوسيلة وهي ترسيم رهن قانوني يغطي ثمن البتة والمصاريف لصالح المعقول عنه والبائع صفة.
حيث نص الفصل 458 من م.م.م.ت: “على مدير الملكية العقارية أن يتولى من تلقاء نفسه عند ترسيمه لمحضر التبتيت و لصالح المعقول عنه أو البائع صفة أو من انجر له حق منهما ترسيم رهن على العقار توثقة في أداء ثمن التبتيت وعند الاقتضاء
المصاريف والأجور المسعرة إن لم يدل إليه بما يثبت ذلك أو تأمينه”.
اذن هل يجوز التشطيب على الترسيمات المتعلقة بالديون بمجرد اتمام ترسيم رهن قانوني؟
نجد أن المشرع لم يعطل ترسيم التبتيت لعدم الإدلاء بما يفيد تأمين ثمن البتة وذلك بأن أرفق ترسيم التبتيت برهن قانوني يضمن حق المعقول عنه لكن في هذه الحالة هل يجوز التشطيب على الترسيمات المتعلقة بالديون بمجرد اتمام ترسيم هذا الرهن القانوني؟
لقد نصت الفقرة الثانية من الفصل 481 من م.م.م.ت: “يتولى مدير الملكية العقارية بعد ترسيم محضر التبتيت……في إستخلاصها أو في أخذها من الثمن”.
بحيث أن مدير الملكية العقارية يشطب على الترسيمات المتعلقة بالديون في حالة واحدة وهي التي يدلى بما يثبت الادلاء بما يفيد تأمين ثمن التبتيت وذلك بصريح عبارة النص القانوني واما في الحالة المعاكسة والتي لم يدل المستفيد بما
يفيد تأمين ثمن البتة فإن مدير الملكية العقارية لا يقوم بالتشطيب على الترسيمات المذكورة.
*حالة الاعتماد على محضر إتفاق على التوزيع أو حكم صادر بتوزيع ثمن التبتيت:
إلا أن الفصل 480 من م.م.م.ت ينص على مخرج آخر للتشطيب على الترسيمات المتعلقة بالديون حيث ينص الفصل المذكور على مايلي : “محضر الاتفاق على التوزيع أوالحكم الصادر في شأن التوزيع يأذن بالتشطيب على جميع الترسيمات المتعلقة بالديون…”.
حيث يتم التشطيب على ترسيمات الديون وذلك إعتمادا على محضر إتفاق على التوزيع أوحكم صادر بتوزيع ثمن التبتيت يكون مدعما بشهادة في عدم الاستئناف.
و تبعا لذلك فإن المشرع جعل للتبتيت الغير المدعم بما يفيد تأمين ثمن البتة ثلاثة حلول لقبول الترسيم وهي:
أولا:ترسيم رهن قانوني يشمل ثمن التبتيت والمصاريف بعد ترسيم التبتيت
ثانيا:الإعتماد على محضر إتفاق على توزيع ثمن التبتيت
ثالثا:الإعتماد على حكم صادر بتوزيع ثمن التبتيت
وتبعا لهذه الحلول الثلاثة القانونية التي أقرها المشرع كوسيلة لترسيم التبتيت عند عدم الإدلاء بما يفيد تأمين ثمن البتة فهل يجوز لإرادة الأطراف (المدين والدائن) أن تحل محل القانون وذلك في ترسيم تبتيت ينتج عنه إشهار الأثر التطهيري له
وذلك بإستناد طالب التشطيب على الترسيمات المتعلقة بالديون على شهائد رفع يد مسلمة من الدائنين تفيد خلاص دينهم من ثمن التبتيت ويبرؤون ساحة المبتت له منها.
*حالة ارادة الاطراف:
تنص الفقرة الثانية من الفصل 432 من م.م.م.ت: “….على أنه إذا كان الأمر يتعلق بعقار مسجل وكان هناك دائن او عدة دائنين مرسمين فإنه يقع تأمين ثمن التبتيت بصندوق الودائع والأمائن في الشهرين المواليين للتبتيت”.
ففي حالة وجود دائنين مرسمين فإن المبتت له لايؤمن ثمن البتة ولايقوم بخلاص هؤلاء الدائنين مباشرة حيث يكون في هذه الحالة خرق مخالف للإجراءات القانونية للتأمين.
كما أنه في حالة تشطيب الإدارة على الترسيمات المتعلقة بالديون إستنادا الى شهائد رفع يد يكون خرقا للفصلين480 و481 من م.م.م.ت اللذان ينصان على إمكانية التشطيب لا تكون إلا بإستناد على ما يفيد تأمين ثمن البتة أو الإدلاء بمحضر إتفاق في التوزيع أو حكم صادر بالتوزيع.
وهذا الموقف لإن كان مخالفا لإرادة الأطراف فإنه موقف موافق لإرادة الفصلين المذكورين وموافق كذلك لموقف الإدارة إلا أن الاشكال الذي يطرح هو أن إرادة الأطراف تعتبر من النظام العامكما أن الإتفاق يعتبر شريعة المتعاقدين ففي هذه الحالة نلاحظ تضارب بين القانون الخاص والنظام العام مما يطرح نقاش يحال الى المشرع لمعالجة هذه المعضلة وبالتالي إصدار فصل قانوني خاص ينظم هذه المسألة يجعل منها توافق بين النظام العام و القانون الخاص.
*الترسيمات التي لا يشملها المفعول التطهيري لترسيم التبتيت:
إلا أنه وطبقا للفصل 426 من م.م.م.ت فإن الترسيمات الأخرى كالقيود الاحتياطية لحق الأولوية في الشراء داخل منطقة تدخل عقاري أو قيد احتياطي لأمر انتزاع فإنها تبقى سارية المفعول و لا يشملها المفعول التطهيري وبذلك يحل المبتت له
محل المبتت ضده في حقوقه وإلتزاماته .
2-إجراءات وأحكام إشهار الرهن القانوني:
أ-إشهار الرهن القانوني:
ففي حالة تأمين ثمن البتة لدى صندوق الودائع والأمائن فإنه يقع ترسيم التبتيت مع ما يترتب عليه من مفعوله التطهيري وذلك بالتشطيب على الترسيمات المتعلقة بالديون لكن في حالة عدم توفر ما يفيد تأمين ثمن البتة فإن المشرع حفاظا على
حماية الحقوق و إستقرارها فقد أقر وسيلة قانونية لذلك وحتى لا يتعطل تنفيذ حكم التبتيت وهي ترسيم رهن قانوني لصالح المعقول عنه حيث ينص الفصل 458 من م.م.م.ت على ما يلي:”على مدير الملكية العقارية أن يتولى من تلقاء نفسه عند
ترسيمه لمحضر التبتيت و لصالح المعقول عنه او البائع صفقة أو من انجر له حق منهما ترسيم رهن على العقار توثقة في أداء ثمن التبتيت و عند الإقتضاء المصاريف والأجور المسعرة إن لم يدل إليه بما يثبت أداء ذلك أو تأمينه “.
إلا أن ترسيم هذا الرهن القانوني لا يتولد عنه التشطيب على الترسيمات المتعلقة بالديون إلى حين توزيع مبالغ الديون على أصحابها المرسمة حقوقها أو غيرها وذلك بموجب محضر أتفاق أو حكم توزيع وبالتالي يتضح لنا ان الرهن القانوني يعتبر نتيجة لعدم تأمين ثمن البتة لدى صندوق الودائع والأمائن وذلك على خلاف
المفعول التطهيري لترسيم التبتيت الذي يعتبر أثرا فوريا وفقا لما يقتضيه الفصل 432 من م.م.م.ت.
ب-إجراءات إشهار الرهن القانوني و متطلباته:
تنص الفقرة الثانية من الفصل 458 من م.م.م.ت:”ويتولى من تلقاء نفسه (أي مدير الملكية العقارية ) التشطيب على ذلك الرهن إذ قدم له ما يثبت وقوع ذلك الأداء أو التأمين “.
و الأداء هنا يتضمن عنصرين الدفع والتوزيع ,والتوزيع يكون وجوبا عن طريق القضاء و بالتالي يمكن التشطيب على الرهن القانوني بمجرد الإدلاء بالحكم القاضي بالتوزيع.
تنص الفقرة الثانية من الفصل 432 من م.م.م.ت على ما يلي:”على انه اذا كان الأمر يتعلق بعقار مسجل وكان هناك دائن أو عدة دائنين مرسمين فإنه يقع تأمين ثمن التبتيت بصندوق الودائع والأمائن في الشهرين المواليين للتبتيت”.
رغم أن الأجال التي يقرها المشرع في فصوله القانونية تعتبر من النظام العام نجد أن إدارة الملكية العقارية لا تلتزم بأجل الشهرين المذكور أعلاه و ذلك إعتمادا على تبريرها أن المشرع لم يرتب اي أثر أو جزاء لمخالفة تلك الآجال من شانه أن
يمس من صحة محضر التبتيت.
الخاتمة:
إن آثار ترسيم التبتيت تتحوصل في نقطتين أساسيتين يتفاعل من خلالها مدير الملكية العقارية وذلك:
1-بالإيجاب: اي بقبول محضر التبتيت و ما يتطلبه ذلك من التشطيب على الترسيمات المتعلقة بالديون في حالة الإدلاء بما يفيد تأمين ثمن البتة ألاو ترسيم رهن قانوني وعدم التشطيب على الترسيمات المتعلقة بالديون في حالة عدم الإدلاء بما يفيد ثمن البتة.
2-أو بالرفض: وذلك بإثارة أسباب الرفض التي يجب أن تكون قانونية لا تتعارض مع الصبغة الألزامية لمحضر التبتيت كحكم بألا تتجاوز من خلالها إدارة الملكية العقارية ما تفرضه عليها قواعد نظام الإشهار العيني عملا بمبدأ الشرعية.
وهذا الإشهار العيني يتطلب الإلتزام بالقانون من جانب الإدارة ومن جانب دائرة البيوعات العقارية و من جانب المبتت لفائدته حتى يكون عمل قانوني متكامل.