انطلقت مساء اليوم السبت بمدينة الثقافة الشاذلي القليبي بالعاصمة، فعاليات الدورة الثانية والثلاثين لأيام قرطاج السينمائية، وسط إجراءات أمنية مشدّدة في محيط مدينة الثقافة.
وواكب حفل الافتتاح الرسمي بمسرح الأوبرا وزيرة الشؤون الثقافية الدكتورة حياة قطاط قرمازي وعدد من أعضاء الحكومة وسفراء دول شقيقة وصديقة ونجوم الفن السابع من تونس ومن العالم العربي وافريقيا.
وتزيّن المدخل الخلفي لمدينة الثقافة بالسجاد الأحمر وصولا إلى مسرح الأوبرا، حيث أقيم حفل الافتتاح الرسمي لهذه الدورة وسط حرص كبير على الالتزام بالإجراءات الصحية.
وأعلنت وزيرة الشؤون الثقافية الدكتورة حياة قطاط القرمازي عن الافتتاح الرسمي لهذه الدورة الثانية والثلاثين لأيام قرطاج السينمائية. وأشادت الوزيرة بالإجراءات التنظيمية التي رافقت هذه الدورة التي حملت شعار “نحلم… لنحيا”، قائلة إن هذه الدورة تستعيد بها الحياة الثقافية توهجها مع تراجع وباء كورونا، مؤكدة حرص الوزارة على تواصل الحياة واستمراريتها. وأكدت على أهمية هذه التظاهرة السينمائية الإفريقية والعربية ودورها في التعريف بالسينما الجادة والملتزمة طيلة أكثر من نصف قرن من الزمن.
ولم تفوّت الدكتورة حياة قطاط القرمازي الثناء على جمهور السينما في تونس، قائلة إن “الجمهور هو مصدر قوة المهرجان وفخره”، مبرزة أهمية الثقافة في “تنمية الفكر وضمان تقدم المجتمعات وفي تحصين الناشئة والشباب والمجتمع”. وعبّرت أيضا عن التزام الوزارة بالعمل على مزيد إسناد السينما وكل ضروب الفن والفكر والإبداع.
وأكد المدير العام لأيام قرطاج السينمائية رضا الباهي على عراقة المهرجان ودوره في تنمية السينما العربية والإفريقية والترويج لها، مبرزا أن الهيئة المديرة عملت على استعادة الأيام لمختلف أنشطتها وفقراتها من مسابقات وندوات رغم جائحة كورونا.
وشدّد رضا الباهي على أن هذه الدورة تعتبر “دورة تحدي الكورونا”، قائلا “نحن اتخذنا كل الاحتياطات من أجل سلامة جمهورنا”.
نللي كريم نجمة الدورة
وسجّلت سهرة افتتاح الدورة الثانية والثلاثين للمهرجان حضور ضيفة الدورة النجمة السينمائية العربية الممثلة المصرية نللي كريم التي تولّت وزيرة الشؤون الثقافية تكريمها بمنحها التانيت الذهبي. كما تميز حفل الافتتاح بحضور النجمة السينمائية التونسية والعربية هند صبري التي ألقت كلمة بمناسبة تكريم المهرجان لفقيدة السينما مفيدة التلاتلي. وقد كانت كلمة مؤثرة استحضرت فيها هند صبري مآثر المخرجة المبدعة مفيدة التلاتلي وعلاقتها المتميزة بفريق العمل المرافق لها، كما كانت كلمة مشحونة بالحب وبقيم الاعتراف بالجميل من ممثلة متميزة إلى مخرجة متميزة، حيث ذكرت ببداياتها في عالم السينما وبينت أنها سجلت دخولها إليه بفضل مفيدة التلاتلي التي منحتها أول فرصة واختارتها بطلة لفيلمها “صمت القصور” ( 1994) الذي حاز عديد الجوائز وتم اختياره مؤخرا ضمن أفضل مائة فيلم في القرن العشرين.
وكرّمت إدارة المهرجان خلال هذه السهرة التي قدمها المخرج والممثل نجيب بلقاضي، مجموعة من ضيوف هذه الدورة هم الناقد السينمائي باب ديوب والمنتج والموزع اللبناني الصادق أنور الصبّاح والناقد والصحفي خميس الخياطي والمخرج نصر الدين السهيلي والمختصّة في القيافة والتجميل السينمائي هاجر بوحوالة والممثل البحري الرحالي والممثلة شاكرة رماح والتقني حسن التبي.
وتمّ خلال حفل الافتتاح تقديم لجنة تحكيم المسابقة الرسمية، إذ ستحتكم مسابقة الأفلام الروائية إلى لجنة متكونة من 6 أشخاص يرأسهم السينمائي الإيطالي “اينزو بورسلي”. أما مسابقة الأفلام الوثائقية فهي أيضا متألفة من 6 أشخاص ترأسهم السينمائية “كلوي عائشة بورو” من بوركينا فاسو.
ويتسابق 56 فيلما على جوائز المهرجان، منها 12 فيلما روائيا طويلا و13 فيلما وثائقيا طويلا و21 فيلما قصيرا، بالإضافة إلى 10 أفلام في مسابقة السينما الواعدة.
وتسجّل السينما التونسية حضورها في المسابقة الرسمية بـ 14 فيلما، منها 3 أشرطة في مسابقة الأفلام الروائية الطويلة (“فرططو ذهب” لعبد الحميد بوشناق، “مجنون فرح” لليلى بوزيد و”عصيان” للجيلاني السعدي)، و3 أشرطة في مسابقة الأفلام الوثائقية الطويلة (“حلال سينما” لأمين بوخريص، “أبي فيم أفنيت شبابك؟” لأكرم عدواني و”مقرونة عربي” لريم التميمي) وكذلك 5 أفلام قصيرة هي “في بلاد العم سالم” لسليم بلهيبة و”فريدا” لمحمد بوحجر و”سواد عينيك” لطارق الصردي و”سياح خارج الموسم” لماهر حسناوي و”يا عمّ الشيفور” لبية مظفر.
أما الأفلام التونسية الحاضرة في مسابقة السينما الواعدة فهي “فالصو” لمين غزواني و”أمل” لآمال كراي “pomme d’amour ” لدنيا غضاب.
السينما التشادية تفتتح الأيام
وتابع عدد قليل من عشاق السينما، من بين الجمهور الذي كان حاضرا وغادر جله فضاء مسرح الأوبرا إثر حفل الافتتاح، عرضا للفيلم الروائي الطويل “LINGUI, LES LIENS SACRES” (لينغي، الروابط المقدّسة) للمخرج محمد صالح هارون من التشاد، وهو فيلم يدوم 90 دقيقة تمّ عرضه ضمن المسابقة الرسمية لمهرجان كان السينمائي (2021). وفي كلمة للإعلام قبل بداية السهرة ثمن المخرج اختيار عمله لافتتاح الدورة معتبرا أن فيلمه يحمل رسالة سياسية بالأساس واعتبر أنه من الذكاء اختياره ليكون فيلم الافتتاح خاصة وأنه يتطرق إلى موضوع يعتبر من المحرمات في بعض المجتمعات.
وتدور أحداث الفيلم في ضواحي مدينة “نجامينا” في تشاد، حيث تعيش أمينة وحدها مع “ماريا”، ابنتها الوحيدة البالغة من العمر خمسة عشر عامًا، امرأة انهارت في اليوم الذي اكتشفت فيه أن ابنتها حامل، لكن تقاليد بلدها لا يُدين الإجهاض فيه بالدين فحسب، بل بموجب القانون أيضًا، فتجد أمينة نفسها في مواجهة معركة الحياة.
وات