انطلقت صباح اليوم الجمعة بالعاصمة، فعاليات المؤتمر الدولي حول “الاستقرار السياسي الليبي : رؤية استشرافية لمستقبل الأجيال القادمة ” الذي ينتظم ببادرة من المركز الدولي للدراسات الإستراتيجية الأمنية والعسكرية في تونس، ومؤسسة شمال إفريقيا لرعاية الشباب في ليبيا، وذلك بحضور أطياف سياسية ليبية مختلفة، وممثلين عن بعثة منظمة الامم المتحدة في ليبيا، وعن مجلس حكماء ومشائخ ليبيا، وعن البعثات الدولية والاقليمية ، الى جانب برلمانيين وشخصيات وخبراء من الاتحادات الافريقية والعربية والدولية.
ويهدف المؤتمر الذي يتواصل على امتداد يومين (09 و10 فيفري) ، الى التشاور والنقاش بهدف صياغة توصيات وأفكار تساعد على بلورة رؤية مستقبلية سياسية وإقتصادية واجتماعية ، من شأنها أن توفر دعامات الاستقرار والسلم الاجتماعية والتنمية في ليبيا ، وذلك عبر تشريك كافة الطيف السياسي والشعب الليبيين ، من اجل توحيد الرؤى، وارساء مقومات التنمية المستدامة والحوكمة الرشيدة ، ودعم مؤسسات الدولة، بعيدا عن الصراعات الداخلية والنزاعات بين الفرقاء السياسيين.
كما يمثل المؤتمر مناسبة لتشخيص المعوقات التنموية والأسباب التي يمكن أن تزعزع الأمن والتماسك الاجتماعي، ولتحديد مسارات دعم الوحدة الوطنية في ليبيا ، التي تظل حسب المشاركين “دعامة الاستقرار السياسي والاقتصادي، ومنطلقا لتطوير الحياة الاقتصادية والاجتماعية، وتنقية المناخ السياسي، خدمة للأجيال القادمة وترسيخا لدولة ليبية قوية وفاعلة في محيطها الاقليمي والدولي”.
وقدمت بدرة قعلول رئيسة المركز الدولي للدراسات الدولية والاستراتيجية منهجية عمل يمكن أن تساعد على تركيز مقومات الاستقرار السياسي في ليبيا ، عبر تشريك كافة أطياف المشهد السياسي والمدني الليبي، مع الأخذ بعين الاعتبار المتغيرات الحاصلة على الساحتين الاقليمية والدولية على جميع الأصعدة السياسية والاستراتيجية والاقتصادية أيضا.
وفي تصريح لوكالة تونس افريقيا للأنباء بينت بدرة قعلول “أن استقرار ليبيا السياسي والاقتصادي هو مطلب تونسي أيضا لضمان استقرار المنطقة المغاربية والعربية ككل ، وارساء مقومات السلام فيها ، وأن أمن ليبيا مرتبط بأمن دول الجوار، وهو ركيزة أساسية للمنظومة الامنية والاستراتيجية للدولة التونسية”.
كما أشارت الى ان “العمل قائم مع كافة الأطراف السياسية والاقتصادية في ليبيا لتقريب وجهات النظر ، والحد من الانقسامات، وتحديد الاولويات التي من شانها ان تدفع بليبيا قدما نحو الاستقرار والتنمية، لاسيما العمل سويا لوضع رزنامة عاجلة لتنظيم انتخابات تشريعية ورئاسية في أقرب الآجال.”
وفي سياق حديثها عن الملف الليبي اشارت بدرة قعلول الى “نجاح هذا المؤتمر في لم شمل الفرقاء السياسيين في ليبيا، لاسيما الممثلين عن الجنوب الليبي، الذين يمثلون ورقة سياسية كبرى ولديهم اهمية استراتيجية كبرى باعتبار موقع منطقة الجنوب المتاخمة لدول جنوب الصحراء” وفق تعبيرها.
واضافت قولها “لتونس وليبيا علاقات محورية مهمة وكلاهما يمثل العمق الاستراتيجي والامني للآخر”.
من جهته قال عضو اللجنة التحضيرية للمؤتمر الدولي والناشط السياسي الليبي خالد غويل ، أن “استقرار ليبيا يبدا من المصالحة الوطنية بين مختلف الاطراف الليبية، ومن خلال اعادة النظر في العلاقات مع مختلف مكونات المجتمع الدولي المتدخلة في الشأن الليبي ، لتصبح علاقات قائمة على الاحترام المتبادل والتعاون المشترك، بعيدا عن كافة أنواع التدخل في الشان الداخلي لليبيا، وهو ما يتطلب مصالحة سياسية ايضا حتى يتم القطع مع الاجندات الاجنبية التي تعيق تحقيق الوحدة الوطنية وتعمق الهوة بين أفراد الشعب الليبي”.
واضاف في هذا الصدد ” نريد شراكة حقيقية مع المجتمع الدولي مبنية على احترام السيادة الوطنية وعدم التدخل في الشان الداخلي الليبي “.
من جانبه عبر عضو مجلس النواب الليبي صالحين عبد النبي عن امله في التوصل الى اتفاقات تحقق الوحدة الوطنية والامن والاستقرار لليبيا ، بعيدا عن اي تدخلات اجنبية من شانها أن تقوض السلم الاجتماعية ، مشيرا الى أن” ليبيا دولة مكتملة السيادة وعليه لابد من التفكير في آليات لتعزيز الشراكة مع المجتمع الدولي التي تساعد على ارساء مقومات الاستقرار والسلم، وتدفع في اتجاه التنمية المستدامة والتطور الاقتصادي خدمة للاجيال القادمة”.
وكان ممثل مجلس حكماء ومشائخ ليبيا إمحمد زيدان إمحمد قد دعا في كلمته الى توحيد الصف الليبي والانكباب على معالجة المشاكل التي تعيق ارساء الوحدة الوطنية والتنمية الاقتصادية، معتبرا ان الليبيين هم اصحاب القرار وهم ثابتون على عهدهم لتحقيق الوحدة الوطنية الشاملة، التي قال أنها برزت بشكل لافت في الفيضانات التي اجتاحت مدينة درنة وأودت بحياة العديد من الضحايا،حيث كان لافراد الشعب الليبي موقفا مشرفا في التضامن والتآزر بين بعضهم البعض.
من جانبه اعتبر محمد دبرز ممثل المجلس الاعلى للدولة في ليبيا، أن المؤتمر يعد مناسبة لتثمين جهود بلدان الجوار وخاصة تونس لدعم الاستقرار في ليبيا، لافتا الى أن الحوار بين الفرقاء السياسيين اساس التقدم في اتجاه استقرار ليبيا وضمان سيادتها ووحدتها.
واكد حرص المجلس الاعلى للدولة على التواصل مع مجلس النواب الليبي للتعاون من اجل انجاح الاستحقاقات المطلوبة والمشتركة بين الطرفين .
هذا وقد توالت المداخلات الداعمة لوحدة ليبيا واستقرارها ، من ذلك مداخلة مهمان أعصمان الرئيس السابق للنيجر الذي أكد على أهمية تفعيل دور الاتحاد الافريقي والجامعة العربية والمنتظم الاممي لتحقيق الاستقرار في ليبيا وتعزيز التعاون والشراكة مع النيجر في مجالات الهجرة والعلاقات الامنية والعسكرية والاقتصادية ومحاربة آفات مثل التهريب والاتجار بالبشر والارهاب التي تقوض الاستقرار في المنطقة .
واشار في السياق ذاته الى ان الحل من اجل الاستقرار في ليبيا لابد ان ينبع من الليبين انفسهم بمساعدة بلدان شقيقة وصديقة مثل بلدان الجوار ومنها تونس ، معتبرا ان الهياكل الليبية البرلمانية والحكومية في حاجة ماسة لمسارات واتفاقات تساهم في دعم الوحدة الوطنية والاستقرار السياسي، فضلا عن الدور الهام الموكول للمنظمات الاقليمية والدولية وخاصة منظمة التعاون الاسلامي للمساعدة على تحقيق الاهداف المطلوبة .
واعتبر مهمان أعصمان في جانب آخر ان تاسيس جيش ليبي قوي سيكون سدا منيعا امام الاطماع الخارجية، وسندا للدولة لتحقيق الاستقرار، الى جانب الدور الموكول للنخبة في ليبيا للاهتمام بالمسائل الداخلية وفض الاشكاليات عبر طرح افكار ومقترحات قادرة على ايجاد حلول مناسبة للحد من الفوارق وتوحيد الصف الليبي.
هذا وتناول الملتقى الدولي حول الاستقرار السياسي في ليبيا مجموعة من المحاور شملت بالخصوص الاستقرار السياسي والامني في ليبيا ، وانهاء “الوصاية الاجنبية” وارساء شراكات دولية مبنية على الندية و الاحترام والتعاون الى جانب مناقشة دور المراة والشباب في تحقيق السلم الاجتماعية والاستقرار، واهمية المصالحة الوطنية كخطوة من اجل البناء والاستقرار، وذلك عبر مداخلات لعدد من الخبراء والمحللين الاستراتيجيين من تونس والجزائر ومصر والنيجر وروسيا والصين والاتحاد الاوروبي وبريطانيا وجنوب افريقيا .
وات