قال رئيس الحكومة، كمال المدوري، اليوم الجمعة، إنّ تغيرات متسارعة نعيشها اليوم على المستوى الجيوسياسي والمناخي والتكنولوجي والتي تتطلب منا جميعا تظافر الجهود والتزاما جماعيا بتعزيز الحوار البناء.
وأضاف لدى اشرافه على افتتاح فعاليات الدورة 38 من أيام المؤسسة، بأحد نزل مدينة سوسة، تحت عنوان “المؤسسة والتحولات الكبرى التأقلم والفرص المتاحة”، أننا أمام تحولات عميقة في المشهد الاقتصاد العالمي تعكس سرعة التحولات الجيوسياسية الكبيرة وانحياز وتفتت التجارة العالمية مما دفع عديد البلدان إلى تقييم استراتيجياتها التجارية والاستثمارية وإعادة النظر في شراكاتها وتدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر وهو ما يتطلب منا حسن استقرار هذه التحولات على علاقات تونس التجارية ومرونتها الاقتصادية وموقعها الاستراتيجي والقدرة على بلورة سياسات فعالة وناجعة وتنويع الشراكات للتغلب على هذه التحديات والاستفادة من الفرص الناشئة.
وتابع نتطلع مع الأشقاء الليبيين وانطلاقا مما يجمع البلدين من روابط حضارية عريقة وكل مقومات بناء شراكة استراتيجية متميزة إلى تحقيق التكامل الاقتصادي وتعزيز الاندماج بين البلدين من خلال حفز دفع الاستثمارات المشتركة في المشاريع الكبرى والمتجددة وتوفير الضمانات والتسهيلات الضرورية لضمان حرية تنقل البضائع والأشخاص وتوسيع مجالات التعاون إلى مختلف الميادين الاقتصادية والثقافية والاجتماعية والصحية بما يخدم مصالح الشعبين الشقيقين وفق رؤية مشتركة تنطلق من تشخيص دقيق للتحديات والتطلع إلى بناء مستقبل يقوم على التعاون المستدام بين البلدين.
وذكّر أنّ تنظيم هذه الأيام يتزامن مع انعقاد اللجنة المشتركة التونسية الليبية للتجارة التي تنطلق غدا بطرابلس.
ولفت المدوري إلى أنّ دعوة رئيس الجمهورية، قيس سعيد، إلى بناء نظام انساني جديد قوامه نظام مالي عالمي متضامن ومدمج خاصة وأن المجتمع الإنساني بدأ يتشكل بطريقة جديدة ويتجاوز النظام الدولي القديم ويجد هذا التغيير صداه ببلدنا من خلال التوجه نحو وضع مقاربة تنموية وطنية جديدة تحددت أرضيتها ضمن الدستور لتكون متجانسة ومندمجة وشاملة تؤسس لعقد مواطني جديد واقتصاد يخلق القيمة المضافة ومواطن العمل اللائق والمستدام وتكريس قيم العدالة الاجتماعية والتوزيع العادل لثمار التنمية وحفز الاستثمار وضمان التكامل بين العمومي والخاص.
وأكد المدوري أنّ اللحظة الوطنية التي نعيشها اليوم تؤشر في مختلف ما تطرحه من فرص وتحديات إلى تحقيق شروط انتقال تاريخي تحددت ملامحه منذ تاريخ 25 جويلية 2021 لحظة توثق بين مراكمة الإصلاحات ووضع رؤية استراتيجية مجددة تقوم على توفير كل شروط ومقومات الإقلاع الاقتصادي وتلبية المطالب والانتظارات الاجتماعية والاقتصادية لعموم المواطنين.
ومثلت محاربة الفساد والتوقي منه وفقا للمدوري باعتباره عائقا للتنمية ومصدرا للتعسف وتقييدا للمبادرة ولخلق الثروة ولكون هذا الخيار ضمانة لحفض الاستثمار كأحد أهم أسس هذه المقاربة حيث جاءت في هذا الإطار الدعوة إلى القيام بثورة تشريعية تشمل كافة المجالات الاقتصادية والاجتماعية وإلى العمل على ملاءمة وانسجام الاطار التشريعي والمؤسساتي مع متطلبات بناء اقتصاد تنافسي ومستدام بالإضافة إلى الحرص على تقييم مستمر للبرامج والسياسات العمومية وبتحقيق قدر عال من شفافية المعاملات الاقتصادية وتكريس قواعد المنافسة النزيهة والتصدي لمنظومات الريع غير المستحق وتبسيط الإجراءات والتعقيدات التي تعدّ مدخلا للفساد إضافة إلى مراجعة جذرية لمنظومة الصفقات العمومية كرافعة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية .
وأفاد المدوري بأنّ الدولة تدرك أنّ التحديات التي تواجهها المؤسسات اليوم على الصعيدين الوطني والدولي تتطلب استجابة سريعة ومرنة من قبل المؤسسات والسلط وذلك بهدف التكيّف مع المتغيرات المتسارعة واستكشاف الفرص المتاحة لبلورة حلول مبتكرة ومستدامة قادرة على تعزيز مؤسساتنا ومواكبة التحولات الاقتصادية الكبرى.
وأضاف أن التحولات الكبرى على المستوى العالمي تفرض علينا بدورنا تحديات كبيرة لكنها تحمل في طياتها فرصا يمكن للمؤسسات استغلالها وهي تعتبر محركا أساسيا للتغيير والتطوير والتنمية الاقتصادية والاجتماعية
وفي ظل هذه التحديات نحن مطالبون اليوم بتطوير قدراتنا الوطنية والاستثمار في مواردنا الذاتية بعيدا عن المعالجات الظرفية حيث أن التعويل على الذات هو خيارنا ويتطلب من الجميع العمل الجاد على خلق اقتصاد يقوم على الابتكار ودعم وتنويع الإنتاج المحلي وعلى تعزيز نسيج المؤسسات الوطنية وتوفير الدعم له وتمكينه من القيام بدوره كرافعة أساسية للنمو مذكرا بالآثار السلبية التي لفتها الأزمة العالمية على الاقتصاد العالمي مثل أزمة كوفيد ودعت الدول والشركات إلى إعادة التفكير في استراتيجياتها لتقليل الاعتماد على مناطق معينة كمراكز للإنتاج وأدى هذا الاتجاه نحو تنويع سلاسل التوريد وإتاحة فرص جديدة للدول الناشئة لتحسين تموقعها ولاكتساح مجالات وأسواق جديدة.