قال بسّام معطر، رئيس الجمعية التونسية من أجل نزاهة وديمقراطية الانتخابات (عتيد)، “إنّ تنقيحات القانون الإنتخابي أحدثت تغييرات كبيرة على التّوجه العام لمنظومة الحكم واستجابت في جزء منها لمطالب المجتمع المدني، بإصلاح هذا القانون، بهدف إضفاء مزيد من الشفافية على انتخابات مجلس نواب الشعب”، موضّحا أنّ هذا القانون “انطوى في جانب كبير منه، على شروطٍ مجحفة وصعبة التحقيق وقد تؤدّي إلى نتائج عكسيّة، وربّما تؤدّي إلى نظام رئاسوي بحت”.
واعتبر معطر في تصريح لوكالة تونس افريقيا للأنباء، أمس الجمعة، في قراءة لتنقيحات القانون الانتخابي الصّادرة بالرائد الرّسمي، مساء أمس الخميس، أنّ تخفيض عدد أعضاء البرلمان من 217 إلى 161 نائبا، “أمر جيّد”، مضيفا أن شروط الترشح التي نصّ عليها التنقيح وخاصّة منها المتعلقة بنظافة السّجل العدلي وهي من المطالب التي أكد عليها المجتمع المدنيّ، “هي نقطة مضيئة في هذا القانون”.
وأشار إلى أن الإشكال الكبير، يبقى في مسألة التزكيات، إذ أنّ جمع 400 تزكية متناصفة (بين إناث وذكور)، 25 بالمائة منهم دون 35 سنة، عن طريق التعريف بالامضاء، “ينطوي على مشقّة كبرى للمترشح ويطرح الكثير من الأسئلة عن ماهية الأشخاص الذين يمكنهم القيام بهذا الأمر”، مشيرا إلى أنه من الممكن أن تتفشّى ظاهرة شراء التزكيات التي يمكن أن تفرز برلمانا غير الذي نأمله.
كما نبّه رئيس جمعية (عتيد) إلى النقطة المتعلقة بسحب الوكالة من النائب، مبيّنا أنّ هذا الأمر “معمول به في تجارب قليلة في العالم ويطبّق عادة في المجالس البلديّة وليس في البرلمان”.
وأوضح أن شروط سحب الوكالة تنطوي على “مخاطر كبرى”، إذ أنّ جمع عريضة لعُشر الناخبين في دائرة انتخابية معيّنة، “صعب جدّا”، باعتبار أنه من المفترض أن دائرة انتخابية تضم 60 ألف ناخب، بما يستوجب أخذ موافقة 6000 منهم لسحب الوكالة، بنفس طريقة التزكية (أي التعريف بالإمضاء)، مضيفا أن هذا “إن حدث ونُفّذ، فإنّه سيكون في إطار موجّه ضدّ نائب معيّن أو في إطار تصفية لحسابات ما”.
أما بخصوص اختيار نظام الاقتراع على الأفراد، لاحظ بسّام معطر، أنّه “سيكرّس مزيدا من التّشتت في مجلس النواب”، متسائلا إن كان نظام الاقتراع على الأفراد “سيجعل الناخبين يختارون، حسب البرامج أو الأشخاص؟”، واعتبر أن اعتماد نظام اقتراع بالأغلبية على دورتين، “سيكون له كلفة مادّية إضافية هامّة، نظرا إلى أنّ الاقتراع في الدورة الثانية سيكون بالآليات والتحضيرات ذاتها”.
واعتبر في هذا الصدد أنّ هذا النظام “من الممكن أن يزيد من عزوف الناخبين العازفين أصلا عن المشاركة في الاقتراع وينتج نسب مشاركة ضئيلة وبالتالي غير تمثيليّة”.
كما انتقد رئيس جمعية (عتيد)، مسألة تقسيم الدّوائر الانتخابية، موضحا أنه لم يكن هنالك شرح من رئاسة الجمهورية لكيفية التقسيم وأسباب اختيار هذا التقسيم دون غيره.
واعتبر أنّ “الانفراد بتنقيح القانون الانتخابي يُضعفه ولا يجعله أفضل، على الرغم من النقاط الجيّدة الواردة به، نظرا إلى أنه أحادي الجانب وغير تشاركي”.