نفت مديرة معهد الصحافة وعلوم الإخبار حميدة البور وجود اتفاقيات دائمة بين المعهد وبين منظمات أجنبية، وقالت إن الشراكة مع منظمة “كونراد أديناور” الألمانية، التي قطعنا التعامل معها لمساندتها للكيان الصهيوني، مبرمة من أجل أنشطة محددة، لا غير.
وأضافت البور، في تصريح لوكالة تونس إفريقيا للأنباء (وات)، قولها “الوضع اليوم تغيّر، وما قبل طوفان الأقصى ليس كما بعده” وذلك في إشارة إلى بداية العدوان الإسرائيلي على الفلسطينيين في أكتوبر الماضي.
وكان معهد الصحافة وعلوم الإخبار أعلن يوم 2 ماي عن إنهاء التعاون مع منظمة “كونراد أديناور” بعد تحرّك طلابي صلب المعهد دعا إلى فسخ كافة الشراكات مع المنظمات المطبعة والمساندة للكيان الصهيوني، الذي يشن منذ أكتوبر الماضي حربا مدمرة على الشعب الفلسطيني.
وأوضحت البور أنّه لا توجد اتفاقية إطارية مع “كونراد أديناور”، بل إنه يجري إبرام اتفاق تعاون بالنسبة إلى كل نشاط وهو الحال بالنسبة لكل الأنشطة مع المنظمات الدولية، مؤكّدة أنّه لم يقع تنظيم أنشطة مشتركة معها هذه السنة بسبب موقفها الداعم للكيان الصهيوني.
وأشارت إلى أنه وقع إنهاء التعاون تمّ منذ شهر نوفمبر الماضي دون اتخاذ قرار رسميّ، لكن إثر التحرّك الطلابي صدر القرار بصفة رسميّة.
وبينت في المقابل أهمية إيجاد حلول بديلة واتفاقيات بديلة مع مراعاة اختلاف الظرف والموقف من القضية الفلسطينية، وفق تعبيرها.
وجاء تحرّك الطلبة في معهد الصحافة بالتزامن مع ما شهدته جامعات مرموقة في العالم، ومنها جامعات في الولايات المتحدة والمكسيك وباريس وإيرلندا وكندا، من حراك طلابي رافض للعدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة.
وشارك طلبة جامعات تونسية، على غرار جامعات منوبة وصفاقس والزيتونة و”9 أفريل” بالعاصمة، في تحرّكات انطلقت مع نهاية شهر أفريل الماضي وجاب بعضها شوارع العاصمة نصرة للشعب الفلسطيني في كفاحه من أجل استعادة حقّه التاريخي المشروع.
اتفاقيات للمراجعة
وأكدت مديرة معهد الصحافة أنّ أغلب الاتفاقيات المبرمة مع الجهات الأجنبية ارتبطت بأنشطة وزالت بانتهاء تلك الأنشطة، مشيرة إلى أنّ المعهد لديه اليوم أيضا اتفاقية متصلة بنشاط مع منظمة المادة 19 وأخرى مع المنظمة الدوليّة للهجرة وسبقتها اتفاقية مع شبكة “مراقبون” تتعلق بنشاط تمّ تنظيمه.
وأوضحت أنّ معهد الصحافة يشارك أحيانا، إلى جانب الاتفاقيات غير الدائمة التي يبرمها، في أنشطة تضمّ عديد المنظّمات لكن ومنذ عمليّة الأقصى 7 أكتوبر 2023 تغيّر الوضع وليس للمعهد أية علاقة مباشرة مع أية منظمة تدعم الكيان الصهيوني.
وقالت إنّ المعهد مؤسسة عمومية تربويّة منفتحة، وأغلب اتفاقياته مع الوسط الجامعي (عربيّة أو أجنبيّة)، أي اتفاقيات تربّصات مع الوسط المهني، مؤكدة في هذا الشأن وجود اتفاقيات مع عديد الجامعات، غير أنّه اليوم ومع تغيّر الأوضاع لن يكون الانفتاح والتعاون مع المنظمات الدوليّة كما في السابق، وفق تعبيرها.
وأوضحت حميدة البور أنّ كل نشاط للمعهد تجري المصادقة عليه في المجلس العلمي، والأساتذة لهم اطلاع لأنّ الأنشطة المبرمة تجمع أساتذة وطلبة، مضيفة أنّ المعهد يتعامل في اتفاقياته مع المنظمات الدولية في “الإطار الوطني”.
بدورها، أكدت رئيسة جامعة منوبة الأستاذة جهينة غريب أنه لا توجد اتفاقيات دائمة تربط الجامعة بمنظمات أجنبية، وأن أغلبها اتفاقيات تخص أنشطة محددة.
وأضافت في هذا الشأن قولها ” لا تربطنا اتفاقيات مع مؤسسات داعمة للكيان الصهيوني وفي حال وجود شك في وجودها على مستوى بعض المؤسسات أو الهياكل، ندعو المشرفين عليها إلى التحري في شأنها وإلغاءها إن ثبت ذلك”.
من ناحيته، قال ممثل طلبة الماجستير بالمعهد غازي عيدودي إنّ التحرك الطلابي جاء رفضا للعلاقة “المشبوهة” مع “كونراد أديناور” المساندة للكيان الصهيوني وللنادي الفرنكفوني الناشط في المعهد والتابع للاتحاد الدولي الصحفيين الفرنكفونيين، مبيّنا أنّ هذه المسألة خلقت موجة استنكار ورفض لدى الطلبة وانجرّ عنها مقاطعة الامتحانات.
وأشار إلى أنّ مقاطعة الدّروس كانت ناجحة مائة بالمائة وترتب عنها عقد مجلس علمي استثنائي يوم 30 أفريل الماضي وقع خلاله اتخاذ جميع القرارات المتعلقة بحل “النادي الفرنكفوني” ومراسلة المنظّمة الألمانية “كونراد أديناور” رسميا لإيقاف التعامل معها بسبب دعمها الكيان الصهيوني، إضافة إلى النظر في بعض المطالب الأخرى كسحب بعض الدراسات والشعارات التابعة له من المعهد ومن الموقع الرسمي.
وأكّد أنّه حان الوقت للتثبت من جميع الاتفاقيات مع المنظمات الأجنبية التي يرى الطلبة أن وجودها في تونس يهدف الى تسهيل “التطبيع”.
وتابع قوله ” نحن نرفض أية علاقة مشبوهة مع أية منظمة مشبوهة، وما تحقق في معهد الصحافة محمول على باقي الطلبة في بقية الجامعات للتثبت مع جامعاتهم من الاتفاقيات المبرمة واتخاذ موقف إزاء ذلك”.
الموقف نفسه، أكّدت عليه الأستاذة بمعهد الصحافة وعضو بالجامعة العامة للتعليم العالي والبحث العلمي، يسرى الصغير، التي أبرزت ضرورة أن تعمل الجامعات على مراجعة كافّة الاتفاقيات وإنهاء التعاون والشراكة مع أية منظّمة داعمة للكيان الصهيوني.
وذكرت بأنّ التعامل مع “كونراد أديناور” وقع إنهاؤه بمعهد الصحافة منذ شهر نوفمبر الماضي ودليل ذلك عقد “الملتقى العلمي الدولي .. الإعلام في عصر ما بعد الحقيقة” وسط المعهد وبإمكانيات خاصة دون تمويل من هذه المنظّمة.
وأشارت إلى أنّ “كونراد أديناور”، التي قطع معهد الصحافة الشراكة معها، موجودة في مؤسسات أخرى وحان الوقت لمراجعة مثل هذه الاتفاقات.
وقالت إنّ الوضع حاليا تغيّر وهناك منظمات دولية لها اتفاقيات مع تونس ولديها أيضا من يمثلها في مختلف أنحاء العالم، ومن ذلك الكيان الصهيوني، ومن هنا لا بدّ من توحيد المواقف في اتجاه أنّه لا تعامل مع من يتعامل مع هذا الكيان.
وأشارت في هذا الجانب إلى أنّه سبق أن عبّرت عن موقفها الرافض لجرائم الكيان الصهيوني في إطار مؤتمر دولي للتربية انعقد مؤخّرا بالمكسيك باعتبارها أيضا عضو مكتب تنفيذي بالبنية العربيّة الإقليمية الدولية للتربية.
“لا للتطبيع الأكاديمي”
وقال ممثل الحراك الطلابي بمعهد الصحافة شاكر الجهمي إنّ المعهد أجاب عن كافة التساؤلات بشأن الاتفاقيات المبرمة مع منظمات أجنبية.
وأوضح أنّ مطلب الحراك الطلابي كان واضحا، وهو التثبت وعدم إبرام أية صفقة أو أية شراكة مع منظمة أجنبية يمكن أن تحوم حولها شبهة تعامل أو دعم للكيان الصهيوني.
وأكّد أنّه لا يمكن العيش في عالم منعزل عن الخارج، لكن اليوم المعهد في “لحظة مفصلية” بما يعني أنّه يمكن الاستغناء عن هذه الشراكة أو الاتفاقية وتعويضها، وما يؤكّد ذلك تنظيم المعهد للملتقى دون تشريك “كونراد أديناور” كما درج الأمر في السابق.
وقال إنّه لا مجال لترك المعهد فضاء تستغله المنظمات الداعمة للكيان الصهيوني، والتي لها مكاتبها في الأراضي المحتلة، مؤكّدا أنّ موقف إدارة معهد الصحافة ولئن كان جيّدا، إلا أنه كان بالإمكان اتخاذه مباشرة إثر عملية 7 أكتوبر (طوفان الأقصى)، خاصة وأنّ “كونراد أديناور” لا تخفي دعمها الكامل للكيان الصهيوني وموقفها واضح من العدوان على غزة.
وأوضح الجهمي أنّ “كونراد أديناور” خرجت من المعهد تحت ضغط الطلبة وكان بالإمكان تفادي ذلك لو وقع اتخاذ القرار سابقا.
وأكّد أنّ مخيم “شيرين أبو عاقلة” وسط المعهد مستمر لوجود هذه المنظمة وغيرها في جامعات أخرى، وقال من هنا سنواصل الحراك لمراجعة الاتفاقيات والتصدي لكافة أشكال “التطبيع الأكاديمي والوجود الصهيوني المباشر أو غير المباشر عبر الوكلاء والداعمين له في الجامعات التونسية”.
وفي هذا الجانب، أكدت رئيسة جامعة منوبة جهينة غريب على دعم الجامعة التاريخي المبدئي للقضية الفلسطينية، مذكرة برفض الجامعة سابقا عقد منتدى بسبب مشاركة أشخاص من الكيان المحتل.
وأضافت أن جامعة منوبة انسحبت من المنتدى أمام ضغط بعض الجهات الشريكة في التنظيم والداعمة لحضورها.
وقالت إن الردّ تمثل في تنظيم الجامعة منتدى انسانيات في سبتمبر سنة 2022، وكان منتدى عالميا للعلوم الإنسانية والاجتماعية شارك فيه أكثر من 1500 شخص من جامعيين وفنانين من 35 بلدا، من بينهم الجامعات التونسية والجزائرية والمغربية، إضافة إلى عدد كبير من المشاركين من القارة الأمريكية وبلدان المشرق وإفريقيا وأوروبا.
وأضافت أن القضية الفلسطينية وتاريخها وآدابها وفنونها كانت من بين أهم المواضيع، التي حظيت باهتمام خاص في هذا المنتدى.
وأكدت أن الجامعة تتفهم الحراك الطلابي وتثمن إرادة الطلبة في تبليغ أصواتهم ولا تعارضه طالما بقي في إطار الضوابط، أي أنه لا يمس من مصلحة الطلبة ولا يعطّل سير الامتحانات.
وذكّرت في هذا الشأن بأن الحراك داخل أسوار الجامعات التونسية يختلف عن الحراك في الجامعات العالمية.
ولاحظت أن الطلبة في الجامعات الأجنبية يعارضون مساندة بلدانهم للكيان الصهيوني ودعمها للعدوان الحالي على غزة، ويسعى حراكهم إلى الضغط على جامعاتهم وحكوماتهم من أجل تغيير موقفها، في حين يعارض الحراك الطلابي في تونس الاتفاقيات مع منظمات داعمة للكيان، وهو ما يرفضه الجميع تماشيا مع سياسة الدولة الداعمة للقضية الفلسطينية.
وات