سوسة: مسؤولون يقرّون بالفشل في تطويق آفة الحشرة القرمزية ويطالبون بوضع خطة وطنية لمقاومتها

التأمت اليوم الاثنين جلسة عمل بمقر ولاية سوسة للنظر في وضعية تواجد الحشرة القرمزية على غراسات التين الشوكي بالجهة وأهم التدخلات المنجزة إلى جانب مناقشة الإجراءات المطلوبة في هذه المرحلة للحد من انتشارها.

وقد انتقد مختلف الحاضرين تعامل السلطة مع هذه الآفة وفشلها في تطويقها منذ ظهور البؤرة الأولى في سبتمبر 2021 بعمادة سيدي زيد من ولاية المهدية مطالبين بوضع خطة وطنية ملزمة لكافة الجهات تكون ناجعة وواضحة المعالم.

ووصفت النائب بمجلس نواب الشعب، هالة جاب الله، الخطة الوطنية التي اعتمدتها سلطة الإشراف بغير الناجحة والمتململة والتي لم تتوصل إلى الحلول المناسبة رغم مرور ثلاث سنوات على ظهور أول بؤرة لهذه الحشرة في تونس.

ولفتت النائب إلى الخطر القائم الذي يتهدد زراعات التين الشوكي وعلى دورها الكبير في الحماية من التصحر وفي دورها كغذاء للإنسان وللحيوان وخاصة في الصناعات التجميلية والمكملات الغذائية لاسيما مع تواجد 42 مؤسسة منتصبة في تونس مختصة في هذا المجال ولديها زراعات مهيكلة على امتداد ما يقارب 400 هكتار وفق قولها.

وشددت أنه على وزارة الفلاحة الخروج باستراتيجية محينة تتضمن برنامجا واضحا لكيفية مقاومة هذه الحشرة والقضاء عليها نهائيا.

من جهته أكد رئيس الاتحاد الجهوي للفلاحة والصيد البحري، حسان اللطيف، أنّ ولاية سوسة لم تنجح في مقاومتها لهذه الحشرة قائلا أنّ النقص على المستويين اللوجستي والمادي قد يكون وراء انتشار هذه الآفة في الجهة.

ونادى اللطيف خلال تدخله بضرورة وضع خطة وطنية لا جهوية تكون ثلاثية المحاور وتحتوي على جانب فني قائم على البحث العلمي وآخر تمويلي لوجستي وجانب عملي ميداني.

واعتبر كاتب عام بلدية مساكن الحشرة القرمزية آفة وطنية مقرا بعدم نجاح التدخل في جهة مساكن بوصفها قد شهدت أول بؤرة لهذه الحشرة بعمادة الفرادة الراجعة لها بالنظر في أكتوبر 2022.

وقال “رغم تجندنا واتخاذنا لعدة إجراءات من رشّ وقلع وحرق إلّا أن ذلك لم يمنع من انتشار الحشرة في جهة مساكن”.

وتابع بعد تجربة سنتين من التعاطي مع هذه الآفة نعترف بأنها كارثة وطنية يصعب الحدّ منها ومواصلة نفس التمشي في المقاومة مضيعة للوقت وإهدار للمال العام فلم تعد المداواة مجدية ويجب التوجه نحو اقتلاع وحرق غراسات التين الشوكي المتواجدة حاليا واستبدالها بمنظومة غراسات أخرى بديلة.

من ناحيته أكد والي الجهة، نبيل الفرجاني ضرورة اجتثاث هذه الآفة من جذورها وإيجاد الطرق والإجراءات الكفيلة للحدّ منها داعيا إلى المراقبة المستمرة والتسريع في إيجاد الحلول وضرورة التركيز على البؤر القريبة من المناطق السكنية لما تمثله هذه الحشرة من ازعاج للسكان.

كما أبدى استعداد السلط الجهوية للتعاون والتفاعل مع كل المقترحات والتوصيات ورفعها لسلطة الإشراف.

هذا وقد أعلن المكلّف بتسيير المندوبية الجهوية للتنمية الفلاحية بسوسة، نجيب الفحل، أنّ المندوبية ركزت في تعاملها مع هذه الظاهرة على ضرورة التقليل من سرعة انتشار هذه الحشرة في انتظار ما ستؤول إليه البحوث العلمية المجراة حاليا من أجل التوصل إلى نوعية من التين الشوكي المقاوم لهذه الحشرة.

وأفاد بأنّ هناك توجه نحو جلب حشرة الدعسوقة من المغرب والأردن بالإضافة إلى التفكير في أصناف أخرى يمكنها مقاومة هذه الحشرة.

ولفت المسؤول إلى أن الجهود تضافرت إثر تفشي هذه الآفة في النفيضة إلى محاولة تطويقها وعدم توسعها إلى معتمدية بوفيشة وبالتالي وصولها إلى ولاية نابل.

وأكدّ بأنه قد تمّ تخصيص مبلغ 520 ألف دينار لشراء الأدوية والمستلزمات وكراء آلات ثقيلة للتصدي لهذه الحشرة.

وتعد ولاية سوسة من الولايات شديدة الإصابة بآفة الحشرة القرمزية التي أضرت بغراسات التين الشوكي بالجهة وفقا لما أكدته إيمان الدهماني، مهندس رئيس بالمندوبية الجهوية للتنمية الفلاحية.

وقد تمّ اكتشاف أوّل أعراض إصابة بالحشرة القرمزية في الولاية بمنطقة الحكايمة من عمادة الفرادة الجنوبية التابعة لمعتمدية مساكن في أكتوبر 2022 تمّ على إثرها الانطلاق في عملية المداواة الكيميائية واستعمال وتحضير الحفر لردم التين الشوكي المصاب ومع ذلك توسعت رقعة العدوى.

وأبرزت الدهماني في عرض قدمته خلال هذه الجلسة توزيع المعتمديات حسب نسبة الإصابة فبينت أن كل من معتمديات مساكن، سيدي الهاني، القصيبة الزاوية الثريات، القلعة الصغرى، القلعة الكبرى وأكودة من المناطق شديدة الإصابة بهذه الآفة أما معتمديات سيدي بوعلي وهرقلة والكندار فهي مناطق متوسطة الإصابة وتعد النفيضة (4 عمادات من أصل 13 عمادة) وبوفيشة (عمادة سيدي خليفة) مناطق ذات إصابات خفيفة.

وفي متابعة لعملية المقاومة بالولاية إلى حدود تاريخ 26 أفريل 2024، تمّ التدخل بالمداواة وإعادة المداواة على 300 ألف متر خطي ومداواة بوسائل البلديات لـ 130 ألفا و450 مترا خطيا وقلع وردم أو قلع ومداواة 24 ألفا و590 مترا خطيا والتدخل بالحرق على طول 12 ألفا و390 مترا خطيا.

وقد تمّ التدخل بمختلف الوسائل والطرق المتاحة من تدخلات ميدانية عبر المداواة وعبر القلع حيث تمّ اقتلاع ما يزيد عن 24 كم وكذلك الحرق وقد أثبتت هذه الطريقة نجاعتها خاصة على الجيوب المتواجدة على الغراسات الفتية وعلى الجيوب التي تشهد بدء إصابة علاوة على أنها غير مكلفة بالمقارنة مع القلع والردم، وفقا للمهندسة.

ومن الصعوبات والإشكاليات التي واجهت المندوبية خلال عملية مقاومتها لتفشي هذه الأفة نجد تآكل المعدات الذاتية للمندوبية وإرهاق فرق العمل، عدم تواجب عديد الفلاحين مع عمليات القلع والحرق أحيانا، السرعة الفائقة لتكاثر الحشرة، العوامل المناخية الملائمة لتكاثرها وانتشارها خاصة الرياح وعدم الامتثال لمنع نقل المواشي والتين الشوكي بالرغم من صدور عدة قرارات بالمنع بالإضافة إلى البؤر المتواجدة على حدود ولاية سوسة مع الولايات المجاورة والتي تمثل مصدر إصابة دائم بالنسبة لعمادات ولاية سوسة الحدودية.

وتحدثت المهندسة عن ابرام اتفاقية شراكة مع المركز الجهوي للبحوث في البستنة وفي الفلاحة البيولوجية للبحث عن أصناف مقاومة وأعداء حيوية، انتقاء الأصناف المقاومة، الإسراع في إكثارها عن طريق تقنية زراعة الأنسجة لإعادة زراعة المناطق المصابة وتطوير المكافحة البيولوجية عن طرق الأعداء الحيوية.

هدى القرماني

تعليقات

عن Houda Karmani

شاهد أيضاً

نجلاء العبروقي: حسب الآجال الدستورية لا يمكن تجاوز 23 أكتوبر كموعد أقصى للانتخابات الرئاسية

أكّدت عضو مجلس الهيئة العليا المستقلّة للانتخابات نجلاء العبروقي، أنّه حسب الآجال الدستورية ، لا يمكن …