اعتبر عدد من القضاة والأساتذة الجامعيين والمحامين المشاركين في ندوة فكرية بالعاصمة، أن المرسوم عدد 11 المؤرخ في 12 فيفري 2022 والمتعلق بإحداث المجلس الأعلى المؤقت للقضاء يكرس « سيطرة السلطة التنفيذية على القضاء بصفة واضحة كما أنه يلغي الباب الخامس من الدستور المتعلق بالسلطة القضائية ».
وقالت رفقة المباركي رئيسة اتحاد القضاة الإداريين، خلال ندوة نظمتها « المفكرة القانونية » (نشرية تعنى بالشان القانوني) اليوم السبت بالعاصمة حول « استقلالية القضاء في زمن الاستثناء » أن وجود مجلس أعلى مستقل هو من أهم ركائز سلطة قضائية، مقرة من جهة اخرى أن القانون الأساسي للمجلس الأعلى للقضاء يشكو العديد من الهنات والنقائص وأن الهياكل القضائية طالبت بتنقيحه لا بإلغائه وتعويضه بمرسوم قالت انه « غير دستوري يفتقر إلى أدنى مقومات استقلال السلطة القضائية،ويلغي تماما الباب الخامس من الدستور »
واعتبرت أن المرسوم 11 هو تكريس لهيمنة السلطة التنفيذية على القضاء والذي يبرز من خلال تركيبة « المجلس المؤقت الصوري التي اعتبرتها « تخضع لرئيس الجمهورية » الذي يتمتع بحق المبادرة بمراجعة التعيين، مبينة أن رئيس الجمهورية يتحكم في تركيبة المجلس وكذلك في المسار المهني للقضاة وتأديبهم ونقلهم حسب هذا المرسوم
ولفتت إلى أن هذا المرسوم يعطي الرئيس صلاحية إمضاء الحركة القضائية السنوية وحق الاعتراض على النقل كما انه في هذه الحالة لم يعد للمجلس أي سلطة تقدرية وذلك ، « في مخالفة للفصل 106 من الدستور الذي ينص على أن رئيس الجمهورية له سلطة مقيدة »، مشيرة في السياق ذاته إلى أن طريقة التسمية في الخطط القضائية السامية في المرسوم فيها ضرب للترقيات الآلية التي تعتمد معيار الأقدمية
وذكرت في هذا الصدد أن الفصل 19 من المرسوم المذكور ينص على ان » تتم التسمية في الخطط القضائية السامية بناء على ترشيح من المجلس الاعلى المؤقت للقضاء المعني ضمن قائمة تتضمن ستة مرشحين »، و » لرئيس الجمهورية ان يعترض على ترشح أو أكثر، وفي حال الامتناع عن التعيين أو عدم الاستبدال او السكوت عن التعيين في هذه الخطط ، لرئيس الجمهورية التعيين في هذه الخطط ممن تتوفر فيهم الشروط للخطة المعنية ».
وأضافت أن « الأخطر في هذا المرسوم » هي آلية الاعفاء في الفصل 20 من هذا المرسوم، ضد كل من يخل بواجباته المهنية، معتبرة إياها « سيفا مسلطا » على رقاب القضاة الذين سيخافون من إصدار أحكام جريئة، معربة عن الأمل في عدم الوصول الى مظالم كبرى ضد القضاة بواسطة هذه الآلية.
ومن جهته قال الأستاذ الجامعي وحيد الفرشيشي، وهو ايضا من بين مؤسسي المفكرة القانونية بتونس والجمعية التونسية للدفاع عن الحريات الفردية، « إن السلطة التنفيذية في تونس تاريخيا كانت تضرب السلطة القضائية »، منتقدا الخطاب التعسفي والتحريضي لرئيس الجمهورية ضد القضاة « وضد كل الأصوات الحرة » الذي انطلق من 25 جويلية 2021 ويتواصل الآن مع صدور المراسيم.
واعتبر أن المس من استقلالية القضاء ليس فقط ضربا للقضاة، بل فيه مس من مصلحة المتقاضين، مشددا على ضرورة ألا تكون السلطة القضائية مستقلة عن المجتمع العلمي المدني ودون رقابة من قبله على ما يقوم به القضاة وعلى الأحكام الصادرة عنهم
وعبر القضاة الحاضرون عن تخوفهم من أن يكون مجلس الاعلى المؤقت للقضاء سببا في تشتيت وحدة صفهم خاصة مع فتح الباب أمام تعيينات تخضع لرئيس الجمهورية وتوابعه ، معتبرين أن التصور الذي يقوم عليه مجلس القضاء يقوم على فكرة القضاء كوظيفة لا كسلطة ويعطي لرئيس الجمهورية الذي يجمع كل السلطات بيديه، سيطرة كاملة على تسيير القضاء وعلى مصير القضاة في تدرجهم وفي نقلهم وفي مسارهم المهني.
وأضاف أن الرئيس لم يتفص من التزامات تونس الدولية لكن في المقابل لا يمكن ان تكون الحالة الاستثنائية مبررا للمس من حقوق التظاهر والإضراب أو للمس بالمعاهدات الدولية، مشيرا إلى أن السند القانوني الذي يعتمده رئيس الجمهورية ليس معلوما اليوم إن كان المرسوم 117 أو الدستور الذي ألغى أغلب فصوله.
شاهد أيضاً
رئيس الجمهورية يستقبل الرئيس المدير العام للشركة الوطنية العقارية
استقبل رئيس الجمهورية قيس سعيّد، يوم الخميس بقصر قرطاج الرئيس المدير العام للشركة الوطنية العقارية …