يناقش كراس المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية في عدده التاسع، محور « العنف الجندري ضد النساء »، من خلال ورقات بحثية تناولت مختلف أوجه العنف المسلط على النساء من وجهة نظر فلسفية وعلى مستويات متعددة وحاولت تقديم مقترحات عملية وقانونية للوقوف في وجه هذه الظاهرة.
وبينت الدكتورة أم الزين بن شيخة الأستاذة الجامعية في اختصاص الفلسفة بجامعة تونس، لدى تقديمها للعدد الجديد لكراس المنتدى اليوم الجمعة في حلقة نقاش بالعاصمة، ان مقاومة العنف الجندري ضد النساء ليس فقط مسؤولية الدولة والمؤسسة القضائية والمجتمع المدني بل هو أيضا مسؤولية فلسفية بامتياز مؤكّدة ضرورة الاشتغال على خطة تربوية واجتماعية تتأسس على فلسفة مغايرة قائمة على العدالة الاجتماعية والاعتراف واللاّعنف.
وفي ورقتها حول « المرأة والعنف السياسي »، بينت الأستاذة المبرزة في اختصاص الفلسفة أن للعنف ضد المرأة حلول وقائية تبدأ بالتربية حسب ما يلائم الأطفال والمحدثين من معرفة علمية بالناحية التشريحية للجسد في مراوحة مع أبعاده الانثروبولوجية والفلسفية داخل ما يسمى بالتربية الجنسية وتوظيف الخطاب الإعلامي لنشر ثقافة جندرية تقوم على الاعتراف وتنبذ التمييز والتحقير الجندري وبعث صناديق اجتماعية لإغاثة ضحايا العنف الجنسي وتكوين وحدات أمنية وفرق تدخل لنجدة الحالات الاستعجالية .
ولفت باحث الدكتوراه في الفلسفة المعاصرة وجيه الطرابلسي في بحثه حول موضوع « خطاب الكراهية ضد النساء » إلى أن « خطورة الكراهية ضد النساء اليوم تكمن في كونها سلطة تمارس عبر عدة أشكال منها السلطة الفيزيولوجية والأخلاقية والاجتماعية والسياسية »، وتتجلى هذه الكراهية في الواقع من خلال السّلوك الأخلاقي العام على مستوى الممارسات العنصرية بين الأفراد من الجنسين، من خلال السلوك الاخلاقي العام الذي يمارسه المجتمع ضد المرأة »
وبرر الطرابلسي وجود خطاب الكراهية ضد النساء « انطلاقا من تصور معين للأنثى مبني على جملة المعتقدات الموروثة التي رسمت الصورة السيئة عن المرأة وجعلتها في موضع أدنى من الرجل ومن ثمة في موقع الخضوع لسلطته ».
واستند إلى إحصائيات وزارة المرأة والأسرة وكبار السن والتي كشفت عن تسجيل 392 حالة عنف ضد المرأة ، 74 بالمائة منها مصدرها الزوج ، مبينا أن هذه الإحصائيات تكشف مدى خطورة النسب المرتفعة للعنف في صفوف النساء والأطفال وتأثيره على المشهد الاجتماعي في تونس، إضافة إلى خطابات الكراهية ضد المرأة على المواقع الإلكترونية التي تستهدف مشاركتها في الفضاء العام عبر الانترنات وتعكس كمية الكره والحقد.
كما بين أن النساء في تونس تعتبر الأكثر عرضة للعنف الرقمي حيث كشفت دراسة استطلاعية أعدها مركز البحوث والدراسات والتوثيق والإعلام أن 89 بالمائة من النساء المستطلعات تعرضن للعنف بجميع أنواعه الرقمي ، وأن 71 بالمائة من مرتكبي العنف هم من الرجال وأن 60 بالمائة من النساء اللواتي يستعملن فيسبوك لا يشعرن بالأمان في الفضاء الرقمي.
أما الأستاذة المساعدة في الفلسفة بالمعهد العالي للدراسات التحضيرية في العلوم الإنسانية بتونس حياة حمدي فقد كشفت في ورقتها البحثية حول « العنف السياسي ضد النساء »، هذا النوع من العنف وإن كان ظاهرة عالمية إلا أنه أشد وقعا في البلدان التي تغيب فيها الديمقراطية أو تلك التي تعيش فترات الحروب والصراعات وفترات الانتقال الديمقراطي، مفسّرة ارتفاع منسوب العنف ضد النساء في تونس ب »رفض الاختلاف وشيوع ثقافة الرأي الواحد ».
وذكرت بدراسة أنجزتها رابطة الناخبات التونسيات استنادا إلى استطلاع للرأي بتاريخ 23 أكتوبر 2021 حول العنف السياسي ضد المرأة في تونس والتي كشفت أن نسبة النساء المشاركات في الحياة السياسية خلال السنوات الأخيرة تراجع بشكل كبير، والسبب الرئيسي هو تزايد العنف المسلط عليهن، حيث أن 90 بالمائة من المستجوبين قد أكدوا وجود عنف سياسي ممارس على النساء الناشطات في المجال السياسي تراوحت بين عنف لفظي بنسبة 79 بالمائة وعنف جسدي بنسبة 64 بالمائة وعنف معنوي بنسبة تقدر ب 53 بالمائة.
وبينت ضرورة مراجعة كل التشريعات والقوانين التي لا تقر بالمساواة التامة وتعزيز التربية على المواطنة وعلى قيم المساواة والاحترام والاعتراف.
وات