قال المعهد العربي لرؤساء المؤسسات إنه لمواجهة الصدمة الجديدة لتوريد المواد الأساسية وخاصة الحبوب والطاقة، الناجمة عن الصراع الروسي الأوكراني، فان الحل بالنسبة لتونس، التي تخضع لضغوط في الميزانية ولا تملك موارد إضافية، يكمن في المزيد من التنسيق على المستوى الوطني وصياغة وتطوير البرامج الجهوية.
ويمكن لتونس، في ما يهم الغاز، الاستفادة من زيادة الصادرات الجزائرية، عبر التراب الوطني، وزيادة إنتاج الغاز المسال في السنوات القادمة، وفق وثيقة أصدرها المعهد حول » التوجهات الجديدة في مرحلة ما بعد الصراع: تحدٍّ جديد للصمود ».
كما يتوجب على تونس أن تُركز على الاستعداد للموسم الجديد للحبوب، بتشجيع الفلاحين، من خلال مضاعفة أسعار شراء الحبوب، في الموسم القادم، وإنشاء خط تمويل بقيمة 100 مليون دينار، خاص بمحاصيل الحبوب، وتكون هذه الجهود، مصحوبة بمساعدة فنية، خاصة لصغار الفلاحين، مع توفير البذور الكافية.
وفي ظل عدم وجود دعم حكومي مباشر للمؤسسات، لتأمين وارداتها، يجب على المؤسسات التونسية اعتماد طُرق تنظُّم جديدة، وتشكيل تكتلات شراء مركزية، وغيرها من الإجراءات الأخرى، وذلك من أجل توحيد مواقفها، والتخفيف من تأثير الأزمة.
وبالتوازي، يجب اتخاذ إجراءات لتحسين مناخ الأعمال والتقليل قدر الإمكان من العقبات والإخلالات، وخاصة خفض التكاليف المتعلقة بالخدمات اللوجستية (الميناء…)، وتبسيط الإجراءات الإدارية وتسريع الإجراءات الديوانية علاوة على تحسين شروط الوصول إلى التمويل، وفق ما اوردته وثيقة المعهد العربي لرؤساء المؤسسات التي ضبطت اربع توجهات لما بعد الصراع لا سيما تفاقم الركود التضخمي وعولمة جديدة والأمان والحمائية والصمود الشامل.
وتحت عنوان « الاتجاهات الجديدة لما بعد الحرب » ، ابرزت هذه المذكرة أنه في حالة عدم وجود دعم حكومي مباشر للشركات لتأمين إمداداتها، يتعين على الشركات التونسية استكشاف أنماط جديدة للتنظيم والتجميع في شكل مجموعات شراء، وما إلى ذلك، لتوحيد مواقفها والتخفيف من تأثير الأزمة.
وراى المصدر ذاته « انه من المهم، في الوقت نفسه، اعتماد تدابير قادرة على زيادة تحسين مناخ الأعمال وتقليل التشوهات والعقبات، وهي على وجه الخصوص خفض التكاليف المرتبطة باللوجستيات (الموانئ ، وما إلى ذلك) ، وتبسيط الإجراءات الإدارية وتسريع الجمارك الإجراءات وتحسين الوصول إلى التمويل « .
إعادة التفكير في العلاقات مع بلدان الجوار، وفقًا لمقاربة أكثر براغماتية، اقتصاديًا وسياسيًا
وأضاف المعهد العربي لرؤساء المؤسسات انه باعتبار ان الاقتصاد التونسي، يعتمد بشكل كبير، على محيطه الخارجي، سواء في التصدير أو التوريد، وذلك بسبب نظام اقتصادي ضعيف من حيث الاندماج والتكامل، فان مواجهة هذا النظام العالمي الجديد، تتطلب من تونس إعادة التفكير في علاقاتها مع شريكها التجاري الأول (الاتحاد الأوروبي)، كما انه من الضروري إعادة التفكير في العلاقات مع بلدان الجوار، خاصة الجزائر وليبيا، وفقًا لمقاربة أكثر براغماتية، اقتصاديًا وسياسيًا.
ووفق المعهد فان التحدي الذي يواجه تونس، هو إعادة هيكلة الاتفاقيات التجارية المعتمدة، خاصة مع أوروبا والجزائر والصين والولايات المتحدة وتركيا، بهدف تعزيز الاندماج الإقليمي.
كما يمكن للبنك المركزي التونسي النظر في إدراج الروبل واليوان في سلة عملاته، مما يسمح للمشغلين التونسيين في قطاع السياحة بشكل أساسي، قبول المدفوعات بهاتين العملتين. وستسمح هذه الأموال بدفع الواردات الوطنية من المواد الأولية من هذين البلدين (الصين وروسيا)، وستسهل أيضًا جذب السياح من البلدين، باعتبار أن وجهاتهم في الخارج ستصبح محدودة بشكل متزايد.
تحسين الصمود الشامل
ويُعدّ تنشيط الحوار الاجتماعي متعدد الأطراف، وتفعيل المجلس الأعلى للتنمية الاجتماعية، من أهم شروط تحسين الصمود الشامل، وبالتالي، يمكن لتونس، التي تتمتع بمجتمع مدني نشيط، أن تتطلع إلى مستقبل أفضل.
أما الأهداف من حيث التنمية المستدامة، والبيئة، فستكون موضع جدل، رغم تكريس التوجه نحو الطاقات المتجددة، لأن الأولوية ستكون لزيادة الإنتاج الفلاحي، وضمان الأمن الغذائي، على حساب البيئة والتنمية المستدامة.
وسيتم بالتأكيد مراجعة إدارة موارد المياه، واستخدام الأراضي الصالحة للزراعة، لضمان الاستخدام الأمثل والأقصى، وتونس من أوائل الدول المعنية بالاستغلال الأمثل لهذه الموارد واستخدام هذه الأراضي الزراعية غير المستغلة لأسباب إدارية وقانونية، وفق المعهد العربي لرؤساء المؤسسات.
وات