أكد المختص في المخاطر المالية، مراد الحطاب، ان ترشيد الامتيازات الجبائية والمالية وتطوير منظومة استخلاص الديون الجبائية المثقلة لا سيما من خلال إلغاء سقوطها بالتقادم، امر يكفل الاستغناء عن التداين المجحف.
وشدّد الحطاب في تعليقه على أهم متطلبات مشروع ميزانية الدولة لسنة 2024، والبالغ حجمها، 8ر77 مليار دينار بزيادة 3ر9 بالمائة عن ميزانية الدولة للعام السابق، ان هذه الخطوات يمكنها دفع البلاد الى تحقيق فائض في ميزانيتها عوضا عن عجز ينطوي على مبلغ ضخم يقارب 12 مليار دينار.
وستحتاج تونس، التي تتطلع الى تحقيق نسبة نمو عند مستوى 1ر2 بالمائة، الى اقتراض ما يقارب عن 2ر28 مليار دينار منها 5ر16 مليار دينار من السوق الداخلية في وقت ستجابه فيه البلاد عجزا في ميزانيتها للعام المقبل يعادل 6ر6 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي.
وذكر الحطاب في هذا الإطار بما ورد في آخر تقرير حول النفقات الجبائية والامتيازات المالية لوزارة المالية، الذي بين ان حجم الامتيازات الجبائية والمالية الممنوحة خلال سنة 2021 كان في حدود 3ر8 مليار دينار.
وتشكل هذه الموارد حوالي 41ر6 بالمائة من قيمة الناتج المحلي الخام و11ر15 بالمائة من حجم ميزانية الدولة وتتوزع بين امتيازات جبائية بقيمة 7ر7مليار دينار وامتيازات مالية بما قدره 642 مليون دينار.
وبيّن الخبير ان هذه الامتيازات تتخذ عدة اشكال أهمها الاعفاء من الضريبة أو الأداء والطرح او الخصم من أساس الضريبة والتخفيض في نسب الاداءات وكذلك تأجيل اجال دفع الضريبة او الأداء.
واعتبر الحطاب ان هذه الاجراءات “تحرم الدولة من موارد مالية هامة في سياقات قد تكرس عدم احترام مبادئ العدل الجبائي فضلا عن تشتّت نصوص الجباية وتعقدها”، مؤكدا انها تفتح في الواقع الباب امام السلطة التقديرية والتقييمات.
ولم تشهد منظومة الامتيازات الجبائية والمالية، على الرغم من تغير السياق السياسي في تونس بعد 2011، اي مراجعة جذرية على غرار تقدير الخسائر والايرادات الجبائية ومواطن الشغل وخارطة الاستثمار وفق الحطاب.
ويؤكد المختص في المخاطر المالية، ان هذه المنظومة تشتغل بشكل او بآخر في سياق يتطلب مزيد التطوير والدقة لاسيما على مستوى ترشيد النفقات الجبائية وتوجيهها نحو مستحقيها.
ويضيف ان مقاربة إعداد قوانين المالية اتّسمت عادة بضعف دعم المستحقين الحقيقيين للتشجيع واهمهم المؤسسات الصغرى والمتوسطة والشركات الناشئة والشركات الاهلية التي تجد بصفة خاصة صدا كبيرا على مستوى احداثها وتمويلها.
وفي جانب اخر، اشار المتحدث الى ان الديون الجبائية المثقلة، اي غير المستخلصة والراجعة للدولة، تصل قيمتها تقريبا الى مستوى عجز ميزانية الدولة.
وبين ان قيمة هذه الديون تناهز 2ر10 مليار دينار، وقد يغني استخلاصها، تونس، عن الحاجة الى التمويلات الخارجية بنسبة 60 بالمائة.
وأكد في سياق متصل، ان ضعف استخلاص هذه الديون وسقوط البعض منها بالتقادم يشير الى محدودية نجاعة منظومة الاستخلاص ووجود إشكالات لم يتم تجاوزها.
ويتعين في سبيل معالجة هذه الظاهرة، إعداد مخطط واضح لسداد ديون الدولة وتطوير إجراءات التتبع فضلا عن تحسين مسارات التوظيف الإجباري ورقمنة التصرف في بقايا الديون الجبائية المثقلة بشكل عام.
وختم الحطاب بالقول: “إنّ صيغة الميزانية الحالية، تبقى نسخة الحلول السهلة وعدم الانخراط في مسار توجهات دعم التنمية على غرار مجابهة الاقتصاد الموازي ومعاضدة الاقتصاد التضامني والاجتماعي واحداث الشركات الاهلية والوقوف ضد ظاهرة الريع التي تختص بها جهات بعينها”.
وات