الاعداد : معز بسباس
متفقد رئيس للديوان الوطني للملكية العقارية ( فرع المنستير )
نظرا لقيمة ظاهرة البناء العمودي في مجتمعنا و تمشيه مع التطور الاقتصادي للمجتمع المدني و تعقيد اشكالياته القانونية فقد صاغ المشرع ملكية الطبقات في فصول قانونية عدة حتى ينظم هذه الظاهرة و ذلك من الفصل 85 من مجلة الحقوق العينية إلى 102 من مجلة الحقوق العينية و على ضوء إثارة الاشكاليات القانونية الفنية و الواقعية بالندوة و تبعا للفصول المذكورة المنظمة لملكية الطبقات تناولته بالدرس على النحو التالي :
الفقرة الأولى : الأساس القانوني للاستخراج في البناءات ذات الطوابق .
الشرط الأول : شكل العقار عمارة .
الشرط الثاني : توفر أجزاء مشتركة و مشاعة إلى جانب الأجزاء المفرزة
الشرط الثالث : تعدد المالكين
الفقرة الثانية : كيفية الاستخراج
1/الأجزاء المفرزة بصفة أصلية
2/الأجزاء المفرزة بحكم الاتفاق
الفقرة الثالثة : ضوابط التعامل مع الحق المفرز
1/مبدأ عدم قابلية الجزء المفرز
2/مبدأ عدم تغير صبغة الأجزاء المشتركة و المشاعة و قسمتها
3/مبدأ التبعية بين الجزء المفرز و أجزائه المشتركة و المشاعة
فقرة أولى / الأساس القانوني للاستخراج :
نص الفصل 99 م ح ع على أنه ” إذا كانت العمارة مشتملة على طوابق أو شقق و كانت اثنان منها على الأقل ملكا لمالكين مختلفين فأكثر فانه يستخرج من الرسم العقاري الأصلي أو من الرسم العقاري الموحد رسوم عقارية على عدد الأجزاء المفرزة ” .
يكون الاستخراج على أساس الفصل 99 م ح ع بتوفر شروط ثلاثة وهي أن يكون العقار عمارة و أن تتوفر فيه أجزاء مشتركة و مشاعة و أن يتعدد المالكون .
أما إذا توفر الشرطان الأول و الثاني فقط ، فان الاستخراج يكون على أساس الفصل 360 م ح ع .
و يتجه إعطاء لمحة في خصوص هذه الشروط .
الشرط الأول /شكل العقار عمارة :
يشترط في العقار حتى تخضع لملكية الطبقات أن يكون عمارة أو مجموعة من العمارات .
وانطلاقا من الفصل 85 م ح ع ، يمكن القول بأن العمارة هي كل بناء زاد ارتفاعه عن ارتفاع الطابق الأرضي مقسم إلى عدد من الوحدات السكنية المستقلة تمثل شققا و طوابق .
لكن معيار الشقة أو الطابق لا يكفي وحده لتحديد مفهوم العمارة ، بل يتجه تعزيزه بوجوب توفر الأجزاء المشتركة و المشاعة .
الشرط الثاني / توفر أجزاء مشتركة و مشاعة إلى جانب الأجزاء المفرزة :
في غياب تعريف تشريعي للأجزاء المشتركة و المشاعة ، يمكن القول بأنها جميع الأجزاء المشتركة بين جميع الأجزاء المفرزة بحكم الهيكلة المعمارية و التي يعود حق استعمالها لكافة المالكين أو تقتضي طبيعة البناء أو تكون مشتركة .
و يعتبر توفر الأجزاء المشتركة و المشاعة هو المعيار الأساسي في انطباق نظام ملكية الطبقات .
الشرط الثالث / تعدد المالكين :
اشترط الفصل 85 أن يملك الأجزاء المفرزة داخل العمارة شخصان فأكثر ، بقطع النظر عما إذا كان الجزء المفرز الواحد ملكا لشخص واحد أو أكثر .
لكن يجب التأكيد على أن غياب تعدد الملكين لا ينفي عن العمارة صبغتها تلك على اعتبار أن الأجزاء المشتركة و المشاعة توجد لارتباطها بالهندسة المعمارية للعقار التي تفرضها بانشاء أجزاء مفرزة ، و لا يهم في ذلك أن تكون لمالك واحد أو أكثر .
فقرة ثالثة/ كيفية الاستخراج :
تنصب عملية الاستخراج بموجب الفصلين 99 و 360 م ح ع على كل جزء مفرز ، فهذه الوحدة المعمارية تشكل عقارا مستقلا بذاته قانونا و ذلك إزاء بقية الأجزاء المفرزة ( و ليس إزاء الأجزاء المشتركة و المشاعة ) ، و هذه الاستقلالية تؤهله لأن يكون موضوع رسم عقاري مستقل .
و تتسلط عملية الاستخراج على الأجزاء المفرزة بنوعيها :
-الأجزاء المفرزة بصفة أصلية : و تتمثل في الطوابق إذا كانت تمثل وحدة معمارية سكنية و الشقق و المحلات التجارية التي تتكون منها العمارة .
-الأجزاء المفرزة بحكم الاتفاق : و تشمل ما يمكن الاتفاق عليه في إطار ما خوله الفصل 85 فقرة 2 م ح ع 1 باسناده جزء مفرزا مثل بيوت الغسيل التي يمكن الاتفاق على اعتبارها كذلك و تمثل بالتالي وحدة معمارية مستقلة عن بقية الأجزاء المفرزة و يقام لها رسم خاص بها .
إن الرسوم العقارية المحدثة في إطار البناء الخاضع لملكية الطبقات تتعدد بتعدد الأجزاء المفرزة داخل البناء العمومدي حيث أنه يجب أن تتضمن تلكم الرسوم إضافة إلى البيانات المعرفة لهوية العقار من اسمه و مساحته و عدد القطع المكونة له ، على تشخيصه كجزء مفرز ( شقة أو محل ) و موقعه من العمارة ( عدد الطابق الكائن به ) مع النسبة الراجعة له من الأجزاء المشتركة و المشاعة .
أما فيما يخص الأجزاء المشتركة و المشاعة ، فانها تبقى من مشمولات الرسم العقاري الأم مثلما نصت على ذلك الفقرة الأخيرة من الفصل 99 م ح ع و تتولى إدارة الملكية العقارية التنصيص به على توزيع تلك الأجزاء على الأجزاء المفرزة الذي تم على أساس القاعدة الواردة بالفصل 87 م ح ع .
و يشمل الرسم العقاري الأم الأجزاء المشتركة و المشاعة داخل العمارة بما في ذلك تلك المخصصة لمنفعة أحد المالكين ذلك أن منحه حق استعمال خاص لا يمنحه حق تملكها و بالتالي تبقى ضمن مجموعة الأجزاء المشتركة و المشاعة و من مشمولات الرسم العقاري الأم .
إذا ما شيدت فوق الأرض عدة عمارات أو مركبا عقاريا ، فان إدارة الملكية العقارية تتولى استخراج كل عمارة برسم مستقل ثم تقوم بعد ذلك باستخراج الأجزاء المفرزة لكل عمارة برسوم مستقلة .
ويختلف الأمر عندئذ بحسب الصور :
فإما أن تكون العمارة قد شيدت على كامل مساحة القطعة الأرضية ، ففي هذه الحالة يتم الغاء الرسم العقاري الأصلي ( الذي استخرجت منه الرسوم الخاصة بالعمارات ) بعد استخراج القطع موضوع العمارات لتصير هذه الرسوم الأخيرة هي الرسوم الأم لكل عمارة تتضمن الأجزاء المشتركة و المشاعة الخاصة بكل عمارة بعد استخراج الأجزاء المفرزة منها .
و إما أن يتم بناء العمارات فوق جزء من القطعة الأرضية ، عندئذ تكون المساحة المتبقية من الأرضية جزءا مشتركا و مشاعا بين كافة جميع الأجزاء المفرزة لجميع العمارات ( عادة ما تتمثل في حديقة و مربض سيارات ) و في هذه الصورة سيكون هناك رسوم خاصة بكل جزء و رسوم أصلية لكل عمارة يشتمل على الأجزاء المشتركة و المفرزة داخل كل عمارة و رسم أصلي يتضمن الأجزاء المشتركة و المشاعة خارج العمارات من حديقة و مربض سيارات و غيرهما .
فقرة ثالثة /ضوابط التعامل مع الحق المفرز
يتميز البناء العمودي الخاضع لنظام ملكية الطبقات بصبغة مركبة باعتباره يتكون من جزء مفرز و أجزاء مشتركة و مشاعة .
إن ضرورة احترام الازدواجية في الملكية التي أفرزتها هذه الصبغة المركبة أوجب ايجاد قواعد تحكم التصرف في هذه الأجزاء ، و تتمثل هذه القواعد فيما يلي :
أولا / مبدأ عدم قابلية الجزء المفرز للقسمة :
نص الفصل 102 م ح ع على أنه ” لا يمكن تقسيم الجزء الواحد المفرز ” .
وحسب الفصل 58 من م ت ت ت فان التقسيم هو تجزئة الأرض إلى مقاسم يساوي عددها ثلاثة فأكثر .
ولعل مقصد المشرع ذهب إلى الجانب الفني للتقسيم أكثر منه للجانب العددي ، أي تجزئة العقار إلى جزءين فأكثر .
إن منع تقسيم الجزء المفرز لا يمنع بأي حال تعدد المالكين على الشياع داخله و ذلك ما دعمه الفصلا 85 و 94 م ح ع .
ثانيا / مبدأ عدم تغيير صبغة الأجزاء المشتركة و المشاعة و عدم قسمتها :
اقتضى الفصل 87 م ح ع أنه ” لكل مالك أن يستعمل الأجزاء المشتركة فيما أعدت له على أن لا يحول دون استعمال باقي المالكين لحقوقهم ” . فكل مالك لجزء مفرز بالعمارة له الحق في استعمال الأجزاء المشتركة و المشاعة كلها ( بخلاف التملك فيها الذي ينصب على نسبة معينة فحسب )
لكن من جهة أخرى ، فان الفصل 100 م ح ع جاء صريحا في تحجير التصرف في الأجزاء المشتركة و المشاعة . فحق الملكية الذي يتمتع به المالك لهذه الأجزاء لا تخول له حق التصرف فيها بصورة مستقلة ذلك أن الأجزاء المشتركة و المشاعة لا يمكن بأي حال من الاحوال أن تكون في حد ذاتها محلا قابلا للتعاقد عليها .
ثالثا / مبدأ التبعية بين الجزء المفرز و أجزائه المشتركة و المشاعة :
نص الفصل 100 في فقرته الأولى على أن ” كل تفويت أو قسمة أو انشاء حق عيني يتعلق بموضوع الرسم المفرز يشمل قانونا ما يتبعه من حقوق على الأجزاء المشتركة “.
يجسم هذا الفصل مبدأ التبعية الذي يقتضي ضرورة التعامل مع العقارات داخل العمارات على أساس وحدتها المعمارية .
و يبرر هذه التبعية أن التفويت في الجزء المفرز يجب أن يشمل بالضرورة حق الاستعمال المخول لصاحبه في استعمال الأجزاء المشتركة و المشاعة الذي منحه إياه الفصل 87 م ح ع .
و نظرا لمصدرها القانوني ، فان هذه التبعية مفترضة حتى في صورة السهو عن التنصيص على ذلك صلب الصكوك .