منظّمة البوصلة: تمّ القضاء على تجربة اللامركزية في تونس دون القيام بأي تقييم و التخلّي عنها مرتبط أساسا بالمسار السياسي الذي اختارته البلاد

قال محلّل السّياسات العمومية بمنظّمة بوصلة أمين الخرّاط إنّه تمّ القضاء على تجربة اللامركزية في تونس دون القيام بأي تقييم رسمي سياسيّا أو أكاديميا مبيّنا أنّه كان لا بدّ من هذا التقييم للتمكن من الحديث عن أي تجربة أو حوكة جديدة تهمّ الحكم المحلي في تونس. »
واعتبرالمسؤول بمنظمة البوصلة خلال ندوة انتظمت بالعاصمة اليوم الجمعة ،خصص لتقديم تقرير المنظمة الوارد تحت عنوان  » حصيلة تجربة اللامركزية في تونس، مساهمة في تقييم مرحلة الانتقال الديمقراطي » أنّ التخلّي عن اللامركزية مرتبط أساسا بالمسار السياسي الذي اختارته البلاد بالتخلّي عن جميع مؤسسات الانتقال الديمقراطي مبيّنا أنّ اللامركزية جاءت في إطار خيار الديمقراطية وبالتوازي معها وبالتالي فان نسف المسار الديمقراطي يؤدّي إلى انهيار تجربة اللامركزية.
وقال امين الخراط إنّ منظّمة البوصلة رافقت المسارالانتقالي منذ سنة 2014 وآمنت بخيار الباب السابع من الدستور المتعلّق بالسلطة المحلية وتعتبر أنّ الحكم على المسار بالفشل لا يجوز بالنظر إلى أنّ المنهج الديمقراطي يفترض دراسة النقائص للانطلاق منها وتقييمها محمّلا مسؤولية ما آلت اليه مسألة المركزية في تونس إلى السلطة التي قال انها « نسفت المسار من خلال الحاق الجماعات المحلية بوزراة الداخلية وحل المجالس البلدية بالمراسيم. »
وأكّد أنّ خيار اللامركزية كان خيارا طموحا على مستوى السياسات العمومية بتعميم التراب البلدي على التراب الوطني والصلاحيات الجديدة وتوسيع اطار عمل البلديات وتمكينها من مسؤليات جديدة معتبرا انه لم يقع توفير الامكانيات اللازمة لها للقيام بدورها كما لم يتمّ توفير الموارد سواء المالية أوالبشرية أو النصوص القانونية والأوامر التطبيقية للجماعات المحلية لإنجاح التجربة والقيام بالدور الجديد الموكول إليها وهي مسائل تعرّض إليها التقرير وفق قوله.
وشدّد على أنّه منهجيا لا يمكن الحكم على التجربة بالفشل لأن المجالس البلدية اشتغلت فقط 3 سنوات وفي ظل جائحة كرورنا ودخلت في غموض مؤسساتي منذ 25 جويلية 2021 قبل إنهاء عهدتها، موضّحا أنّ منظمة البوصلة لم تقدّم اليوم توصيات في غياب انفتاح السلطة على مقترحات المجتمع المدني وسعت إلى إنارة الرأي العام وتنبيهه الى مخاطر التوجّه الذي سلكته السلطة.
وقد تمّ التأكيد في التقرير الذي اعدته منظمة البوصلة على أنّ السلطة لم تهتمّ بالمحافظة على أي مكسب حققته البلاد خلال العشرية السابقة ونسفت كامل تجربة اللامركزية في 8 مارس 2023 بحل المجالس البلدية المنتخبة وتركيز الهندسة المؤسساتية للبناء القاعدي المتمثل في مجلس وطني للجهات والأقاليم يتم تصعيد أعضائه من أصغر دوائر بالتقسيم الإداري التونسي.
واعتبرت المنظمة في تقريرها أن تقييم مسار اللامركزية بمكاسبه وعثراته يمثل مهمة أساسية مجددة تاكيدها تموقعها في صف اللامركزية كمكسب أساسي للشعب التونسي وكاستحقاق ديمقراطي .
وجاء في التقرير ان البناء القاعدي يعد « اطروحة مضادة للامركزية على عدة مستويات مترابطة، على اعتبار أنّ اللامركزية تقوم على فكرة المواطنة والمساواة التي انبنت عليها المجتمعات الحديثة في حين يقوم البناء القاعدي على تقوية الروابط القبلية والتقليدية وعدم المساواة بين المواطنين عبر الإيغال في البعد المحلي وهو ما تمّت ملاحظته في نمط الاقتراع وشروط الترشح (الدوائر الضيقة، التفاوت الديمغرافي الكبير بين الدوائر الانتخابية، إلغاء التناصف) وتأكد مع نتائج الانتخابات التشريعية الاخيرة ( ديسمبر2022) والمحلية (24 ديسمبر 2023)
وتناول التقرير في هذا الاطار آلية التصعيد واعتبر انّ البناء القاعدي يحصر إمكانية التمثيل الوطني بالمرور حتما بالمستوى المحلي أين يتم الانتخاب المباشر الوحيد في إقصاء للأحزاب بما يمنع وجود برامج ورؤى وطنية متنافسة وهو ما يختلف جذريا عن المجتمعات الديمقراطية أين يمثل المستوى المحلي فضاء تتدرب فيه القيادات السياسية قبل أن تتجاوزه لمستويات تمثيلية أكبر .
وتمّ التأكيد على أنّ اللامركزية هي تنظيم للصلاحيات داخل السلطة التنفيذية تقوم على تفويض صلاحيات للجماعات المحلية تمارسها حسب مبدأ التدبير الحر وليست نظام حكم أما البناء القاعدي فهو نظام سياسي يقوم على مركزة مطلقة للسلطة بيد رئيس الدولة و » وظيفة تشريعية » منتخبة حسب نمط اقتراع على الأفراد في أصغر الدوائر.

وات

تعليقات

عن Houda Karmani

شاهد أيضاً

رئيس الجهمورية يبحث مع وزير الداخلية الوضع الأمني العام في البلاد ويؤكد على فرض احترام القانون على الجميع

تناول رئيس الجمهورية قيس سعيّد لدى استقباله، يوم الأربعاء بقصر قرطاج، لوزير الداخلية، كمال الفقي، …