قال وزير الداخلية كمال الفقي » لا يمكن لتونس أن تكون حارسا لحدود الآخرين الا بقدر حراستها لحدودها ، ولا يمكنها إلا أن تدافع على حدودها « ، معتبرا أنّ مسألة الهجرة غير النظامية تتطلب تضحيات وتنازلات من قبل الدول الأكثر تطوّرا وثراء في العالم.
وأبرز، في تصريح إعلامي مصور نشرته وزارة الداخلية على صفحتها الرسمية بشبكة الفايسبوك ، أنّ المنتظمات الدولية تحاول أن تغيّر وجهة الحلول، فتعطي خطابا نوعا ما يوجّه الطاقات التونسية في اتجاه غايات الدول الأوروبية، غير أن تونس لا يمكنها الا أن تدافع على حدودها وتطبيق قوانينها الداخلية.
واكّد وزير الداخلية أن تونس دولة لا يمكنها أن تستقبل عددا من المهاجرين يفوق طاقتها في استيعاب هؤلاء على المستوى الإقتصادي والاجتماعي، و لا يمكن لها أن تفتح الباب إلى مسألة أخرى يحاولون الزج بها فيها وهي أن تكون دولة استقبال ودولة راعية للهجرة.
وأوضح أن الهجرة غير النظامية اليوم تمس كافة الدول الإفريقية خاصة منها إفريقيا الشمالية وكذلك دول البحر المتوسط، وتطال أيضا الدول في القارة الأمريكية وان?لترا، إضافة إلى وجود هجرة بينية بعنوان التدفقات البشرية بالنسبة للأشخاص الذين يعانون من أوضاع غير مستقرة في الشرق الأوسط
كالهجرة تجاه لبنان وتركيا، وتلك التي طالت الأوكرانيين في اتجاه هولندا وأوروبا وهجرة ومواطني يوغسلافيا أيام الحرب.
وقال « إنّ عدم الاستقرار في دول جنوب الصحراء الافريقية والساحل الإفريقي يؤدي إلى صعوبة العيش لمواطني هذه الدول التي يتجه شبابها نحو هجرة غير إنسانية وغير طبيعية جرّاء تخريب المؤسسات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية لهذه الدول التي صارت في وضعية صعبة نتيجة عدم ايفاء العالم بالتزاماته تجاهها من حيث المساعدة الإنسانية والتقنية وتوفير الكفاءات للنهوض بأوضاعها الاقتصادية والاجتماعية مما ادّى إلى هجرة عنيفة باتجاه الشمال ».
وأكّد أنّ التزايد غير المسبوق في عدد المهاجرين الوافدين على المسالك غير القانونية لدول شمال إفريقيا منذ سنة 2016 في اتجاه أوروبا يجعل تونس في وضعية الدولة التي تتحمّل عبء كبيرا والحال أنها في وضعية اقتصادية واجتماعية صعبة يعرفها الجميع ويشعر بها
التونسي قبل أي مواطن اخر.
وقال إنّ الدولة التونسية ومنذ البداية أعلنت صرختها واعتبرت أن هذه الهجرة لا يمكن التصدي لها الا بمعالجة أسبابها، وذلك عبر تضافر كل جهود العالم وتوافق كل الدول من أجل إيجاد حلول للقضاء على أسبابها أي توفير ظروف العيش الكريم في البلدان منشأ هذه الهجرات لاكتفاء المواطنين بدولهم والاستقرار في أراضيهم .
وبين الفقي انّ القوانين الداخلية التونسية واضحة وتمنع الهجرة غير النظامية وتعتبرها تؤدي إلى اختلاطات غير مسموح بها مع جرائم أخرى كجرائم المخدرات والإرهاب والاتجار بالبشر والاتجار بأعضاء البشر والإساءة للسلوك العام الانساني تجاه بعض الاقليات، مشيرا إلى انّ تونس بها مهاجرين قانونيين من مالي والكوديفوار والسينغال والتشاد وكذلك من ليبيا والجزائر والمغرب وسوريا وأوروبا ومن كل أطياف العالم لكنها في وضعيّة صعبة اليوم ومن غير الممكن لها استيعاب كم من الأفارقة المهاجرين من جنوب الصحراء والساحل بطريقة غير نظامية.
وحول حزمة المساعدات الأوروبية قال « إنّ جزءا هاما منها متفق عليه قبل إبرام الإتفاقية الأخيرة التي هي بروتوكول إعلان نوايا ويعترض عليها جزء من الاتحاد الأوربي لكن أساسا هذه الإتفاقية، ستأخد طريقها »، مؤكّدا في الآن نفسه أنّ حزمة المساعدات التي تم الإعلان عنها لم يتم المرور الى تنفيذها بعد.
وبخصوص الوفد الأوروبي الذي تم رفض دخوله تونس قال الفقي » إنّهم أربعة نواب يعملون بشكل مستقل انخرطوا في الحملة الموجهة ضد السلطات التونسية في إطار عملية تشويه واسعة ضد الدولة التونسية وسياسيات الحكومة التونسية تجاه المهاجرين الأفارقة ، وقدموا الكثير من المغالطات واستقبلوا الكثير من الأشخاص الذين أساؤوا الى سمعة تونس في إطار حسابات سياسية ضيقة، وهؤلاء برمجوا بطريقة مستقلة واعتبروا انفسهم ضيوفا دون علم مسبق للسلطات التونسية وبالتالي ليس مرغوب في وجودهم على الأراضي التونسية حتى وان عاودوا الكرّة مرةّ ثانية ».
اما بالنسبة لوفد مفوّضية الاتحاد الأوروبي الذي يعتزم التوجه إلى تونس وتمّ تأجيل زيارته فقد أشار إلى انّ البيان واضحا ويطلب التأجيل من أجل تدارس النقاط التي يجب التفاوض حولها في شكل اتفاق، موضّحا أنّه لا يمكن الحديث عن خلاف باعتبار انّ الاتفاق حديث ولم ير النور بعد ولم يقع المرور الى تفعيله وعلى الأوروبيين ان يكونوا أكثر مرونة في التعامل مع هذا الاتفاق الذي يعد مذكرة تفاهم أي اتفاق مبدئي يرسم طريقة التعاطي بين تونس والاتحاد الأوروبي في مسائل التعاون الثنائي بالنظر إلى أنّ تونس شريكا مميزا لأوروبا وبالتالي لا بدّ من إعطاء الدولة التونسية « جرعة » من المساعدات التي تخول الخروج من حالة الركود الاقتصادي الذي تعيشه، مؤكّدا في الآن نفسه انّ البروتوكول جاء من أجل إعطاء دفع للتسريع في تنفيذ الاتفاقات القديمة على غرار المساعدة المتفق عليها في خصوص دعم الميزانية للسنوية للدولة التونسية.
ووقعت تونس والاتحاد الاوروبي يوم 16 جويلية 2023 مذكرة تفاهم حول « الشراكة الاستراتيجية والشاملة بين تونس والاتحاد الاوروبي »، وقد سبق ذلك مطلع جوان 2023 التوقيع على بيان مشترك بين تونس والاتحاد الأوروبي، وذلك بمناسبة اللقاء الذي جمع رئيس الجمهورية، قيس سعيّد برئيسة المفوضية الأوروبية ورئيسة مجلس الوزراء الإيطالي والوزير الأول الهولندي.
وتضمن ذلك البيان بالخصوص الاتفاق على العمل على « حزمة شراكة شاملة »، تعزيزا للروابط التي تجمع الجانبين لما فيه المصلحة المشتركة للطرفين.
وتغطي الشراكة الشاملة تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية وبعث شراكة في مجال الطاقة المستدامة والتنافسية والهجرة والتقارب بين الشعوب.
وات