انعقدت ظهر اليوم ندوة صحفية مشتركة بقصر الحكومة بالقصبة بين رئيس الحكومة يوسف الشاهد ونظيره الفرنسي برنار كازنوف تطرقا فيها إلى عراقة العلاقات الثنائية وأهمية مزيد دعمها وتطويرها خدمة للمصلحة المشتركة للبلدين في مختلف المجالات.
وأبرز رئيس الحكومة وفقا لما تم نشره في الصفحة الرسمية لرئاسة الحكومة أن زيارة نظيره الفرنسي مثلت فرصة سانحة لإجراء محادثات بناءة وصريحة حول العلاقات الثنائية وسبل توطيدها وتنويع مجالاتها لما فيه مصلحة البلدين والشعبين، مبينا أنه تم التطرق إلى مسألة التعاون الثنائي في مجال مكافحة الإرهاب والتوقّي من التطرف، فضلا عن تبادل وجهات النظر بخصوص الملفات ذات الاهتمام المشترك على الصعيدين الإقليمي والدولي.
كما أفاد يوسف الشاهد أن نسق تبادل الزيارات بين تونس وفرنسا عرف ارتفاعا بين كبار المسؤولين بالبلدين، مضيفا أن ذلك يقيم الدليل على متانة العلاقات الثنائية وسعي الطرفين لمزيد دعمها وتطويرها ومشيدا في هذا الإطار بإعلان فرنسا تحويل جزء جيد من الدين التونسي إلى مشاريع تنموية بقيمة 30 مليون يورو.
كما جدد رئيس الحكومة بالمناسبة رفض تونس لجميع أشكال التطرف واستعدادها لدعم التعاون في مجال مكافحة الإرهاب على الصعيدين الثنائي والدولي وذلك لقناعة تونس الراسخة بأن هذه الآفة لا تقتصر على دين بعينه أو على جنسية دون أخرى، مؤكدا في هذا الإطار على ضرورة تضافر جهود المجموعة الدولية لتقويض هذه الآفة ومصادر تمويلها.
وفي الشأن الليبي، قال رئيس الحكومة أن المحادثات مع نظيره الفرنسي تطرقت بالأساس إلى سبل دفع مسار التسوية السياسية للأزمة الليبية وفقا لمبادرة رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي وإعلان تونس للتسوية السياسية الشاملة في ليبيا مع التأكيد على ضرورة دفع الحوار بين الليبيين أنفسهم كخيار أوحد لعودة الأمن والاستقرار في هذا البلد.
وكان رئيس الحكومة ونظيره الفرنسي قد أشرفا قبيل ذلك على توقيع عدد من الاتفاقيات المالية وإعلانات النوايا تهم تحويل جزء من الدين التونسي إلى مشاريع تنموية بعنوان المستشفى الجهوي بقفصة ومشاريع تهم قطاعي التربية والتكوين المهني ومشروع تهيئة المحطة المركزية بساحة برشلونة وعدد من محطات المترو الخفيف وتمويل لفائدة الشركة التونسية لاستغلال وتوزيع المياه إضافة إلى عدد من مجالات التعاون التونسي الفرنسي المتعلقة بالتوقي من التطرف وتجديد الاعتمادات المخصصة لصندوق الخبرات ودعم القدرات وإجراء دراسات فنية لاستكشاف مشاريع وتبيان جدواها.
من ناحيته أكّد الوزير الأوّل الفرنسي برنار كازنوف أنّ زيارته التي تأتي في آخر عهدته هي رمزيّة بالأساس وتترجم التزام فرنسا بمواصلة دعم تونس الديمقراطيّة النّاشئة، وتدعيم جهودها لإستكمال مسيرتها في بناء انتقالها الاقتصادي والإجتماعي بعد أن نجحت في تحقيق انتقالها السياسي.
وقال الوزير الأوّل الفرنسي: “محاربة الإرهاب قضيّة مشتركة ومهمّة لتونس وفرنسا على حدّ السّواء، والتعاون بين بلدينا يجب أن يتواصل للقضاء على الإرهاب”، مضيفا: “هناك تقريبا 130 عمليّة مشتركة مبرمجة بين تونس وفرنسا في هذا المجال، و190 عمليّة قام بها البدان في نفس الإطار”.
وأفاد برنار كازنوف أنّ العلاقات بين تونس وفرنسا تعزّزت كثيرا خلال السنوات الماضية، وذلك نتيجة الأحداث التي حصلت في البلدين وأحدثت وعيا قويّا لا سيما من جانب فرسا التي قال إنّها ستكون دائما إلى جانب تونس لتعزيز أركان الديمقراطية.
وذكر الوزير الأوّل الفرنسي أنّ زهاء 1300مؤسسة فرنسية في تونس توفّر 140 ألف موطن شغل، وأنّ فرنسا ستبقي على حجم وارداتها من تونس في مستوى 4.2 مليار أورو، مؤكّدا أن بلاده ستكون في مستوى التزاماتها التي تعهّدت بها خلال المنتدى الدولي للإستثمار “تونس 2020″، مشيرا إلى أنّه تمّ تخصيص 14 مليار أورو للمساهمة في مشاريع استثمارية وتنموية ستشمل بالخصوص مجالات صناعية وفلاحيّة وتكنولوجية.
وأكّد الوزير الأوّل الفرنسي أنّه سيتمّ تحويل جزء من الدين الونسي، 30 مليون أورو الى مشاريع تنموية منها 20 مليون أورو لإنشاء مستشفى بقفصة، في حين ستنفق القيمة المتبقيّة في إنجاز مشاريع تخصّ الجامعات وأخرى تهمّ البنية التحتيّة في بعض الجهات الداخلية.
ونوّه برنار كازنوف بحضور الطلبة التونسيين في الجامعات الفرنسيّة الذين قال إنّ عددهم بلغ حدود 13 ألف وأنّهم يمثلون ثلثي الطلبة الأجانب في المؤسسات الجامعيّة الفرنسية في مختلف الاختصاصات، وهو عدد وصفه بالممتاز، قائلا إن ذلك يعكس أيضا تميّز الطلبة التونسيين.
وتحدّث المسؤول الفرنسي عن التعاون التونسي الفرنسي في المجال الثقافي وحرص البلدين على إثراء المعارف والإطلاع عليها من طرف التونسيين والفرنسيين مؤكّدا أنّه السبيل المثلى لنشر التسامح ومكافحة الأفكار المتطرّفة، وأكّد أن تونس وفرنسا تجمعهما قيم ومبادئ انسانيّة مشتركة لا يمكن أن تنكسر.
وأوضح الوزير الأوّل الفرنسي أنّه في ما يتعلّق بالتعاون في مجالي الاقتصاد والإستثمار فإنّ المهمّة أصبحت سهلة خاصّة بعد أن أضحت تونس تتوفّر على كلّ العوامل التي تجعل منها الوجهة المطلوبة التي تتوفّر على مقومات الجاذبية الاقتصاد، والتي تحفّز على الاستثمار، لافتا إلى ما تزخر به تونس من إرث تاريخي وتراثي هام يمكن استثماره أيضا لتعزيز الوجهة التونسية.
وقال برنار كازنوف إنّ الإصلاحات الكبرى التي تجريها تونس في الوقت الراهن من شأنها أن تحسّن مؤشرات النموّ وتعزّز ثقة شركائها الإقتصاديين وفي مقدمتهم فرنسا.
وفي ما يخصّ الملف السوري أكّد الوزير الأوّل الفرنسي على توافق الرؤى والمواقف بيت تونس وفرنسا على أنّ الحلّ السياسي في إطار منظمة الأمم المتحدة، ووفق مسار “جنيف” هو ما يجمع عليه الجانبان.