بعد ستين عاما على انتهاء الحرب الجزائرية، صادقت الجمعية الوطنية الفرنسية بـ122 صوتا الأربعاء على مشروع القانون الخاص بالاعتذار من الحركى الذين قاتلوا لصالح الجيش الفرنسي خلال حرب تحرير الجزائر (1954-1962).
ويذكر أنه في 26 جانفي، صادق مجلس الشيوخ الفرنسي بإجماع المصوتين على قراءة أولى لنص مشروع القانون.
والمشروع عبارة عن ترجمة قانونية لخطاب الرئيس إيمانويل ماكرون الذي ألقاه في 20 سبتمبر في قصر الإليزيه بحضور ممثلين للحركيين، ويمثل اختبارا لضمير فرنسا في مواجهة “مأساة الحركيين”.
ويواجه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في هذا السياق اتهامات من معسكر اليمين المتطرف كما من اليسار باستغلال هذا الملف لمغازلة الحركى الجزائريين وعائلاتهم من أجل التصويت لصالحه في الانتخابات الرئاسية القادمة.
وللمرة الأولى طلب رئيس الجمهورية “الصفح” في خطوة نادرة ومهمة في إطار النزاع الجزائري وهو موضوع لا يزال ساخنا على جانبي البحر الأبيض المتوسط.
ويسعى ماكرون عبر القانون إلى المضي أبعد من أسلافه منذ عهد جاك شيراك، عبر الاعتراف بـ”الدين” تجاه الحركيين وعائلاتهم الذين عاشوا إثر وصولهم إلى فرنسا في “ظروف غير لائقة”. وهو أول رئيس فرنسي طلب “الاعتذار” من الحركيين وعائلاتهم، في خطوة قل نظيرها بكل ما يحيط بحرب الجزائر التي لا تزال موضوعا شائكا على ضفتي المتوسط، مثل ما يؤكد التوتر الأخير بين باريس والجزائر على خلفية تصريحات الرئيس الفرنسي المثيرة للجدل حول الأمة الجزائرية.
خطوات رمزية وعملية
ويشمل مشروع القانون خطوات رمزية وأخرى عملية، ويعترف بـ”الخدمات التي قدمها في الجزائر الأعضاء السابقون في التشكيلات المساندة التي خدمت فرنسا ثم تخلت عنهم أثناء عملية استقلال هذا البلد”. وجند ما يصل إلى 200 ألف من الحركيين كمساعدين للجيش الفرنسي خلال الحرب بين عامي 1954 و1962.
كما يعترف النص بـ”ظروف الاستقبال غير اللائقة” لتسعين ألفا من الحركيين وعائلاتهم الذين فروا من الجزائر بعد استقلالها.
وينص مشروع القانون على “التعويض” عن هذا الضرر مع مراعاة طول مدة الإقامة في تلك الأماكن. ويشمل التعويض “المقاتلين الحركيين السابقين وزوجاتهم الذين استقبلوا بعد عام 1962… في ظروف غير لائقة، وكذلك أطفالهم الذين جاؤوا معهم أو ولدوا هنا”، وفق ما أوضحت مقررة مشروع القانون باتريسيا ميراليس المنتمية لحزب الرئيس “الجمهورية إلى الأمام”.
ورُصدت خمسون مليون يورو في مشروع موازنة العام 2022 لصرف التعويضات. وأضافت ميراليس “نقدر أنه يمكن تقديم ستة آلاف ملف اعتبارا من عام 2022، 2200 منها لقدامى المحاربين الحركيين وزوجاتهم وأراملهم”، وأوضحت أنها ستدافع عن تعديل “لدمج حالات معينة لا يشملها التعويض في النسخة الحالية”.
وفي 2018 تم إنشاء صندوق تضامن بقيمة 40 مليون يورو على مدى أربع سنوات لأبناء الحركيين.
فرانس24