كشف الائتلاف التربوي ان القيمة المالية التي تخصصها الدولة لفائدة التلميذ التونسي في المدارس العمومية لا تتجاوز 275 مليما (0,275 دينار) في اليوم وهي قيمة ضئيلة مقارنة بالارقام التي تخصصها البلدان المتقدمة.
واعتبر رئيس الائتلاف، كمال الميساوي، خلال ندوة حوارية حول « الاعلام وقضايا التربية والتعليم … تمويل التعليم الفرص المتاحة » ان هذا الرقم يعكس تمشي الدولة في التخلي تدريجيا عن التعليم كخيار استراتيجي وانسياقها نحو تحجيم دورها في ملف التربية والتعليم وتوجهها نحو « تبضيعه » واعتباره مجرد سلعة من سلع السوق الراسمالي.
واضاف ان هذا التمشي تجسد عبر جملة من الاجراءات اتخذتها على مراحل اهمها تراجع الميزانيات المرصودة لفائدة التربية والتعليم من حوالي ثلث ميزانية الدولة في السبعينات الى ما دون 12 بالمائة خلال العشرية الاخيرة والتخلي عن التعليم المهني والتقني المكلف ماديا مقابل التشجيع على بعث المؤسسات التعليمية الخاصة اذ تطورت عدد التراخيص المسندة بنسب مائوية تراوحت بين 500 و2000 بالمائة حسب المراحل مع تمكينها من شتى التشجيعات الجبائية والمالية والعينية.
واعتبر ان الوضع المتردي الذي تعيشه المدرسة التونسية اليوم، يفرض على الجميع طرح مقترحات عملية وواقعية تمكن من توفير الموارد المالية الضروروية لتجاوز المعوقات المالية العمومية التي ظلت دوما التعلة المعلنة من الجهات الرسمية والحائلة دون الشروع الفعلي في النفاذ الى عمق ملف التربية والتعليم والعمل على تطويره.
وكان الائتلاف اطلق خلال شهر فيفري حملة وطنية لتمويل التعليم، تمتد مبدئيا على مدى 3 أشهر، قابلة للتجديد، ترمي إلى توحيد جهود مختلف الفاعلين للضغط على الحكومة من أجل زيادة الانفاق ودعم الميزانية المخصصة لوزارة التربية، وحشد قوى المجتمع المدني لجمع التبرعات للانفاق على التعليم.
وبين عضو الجامعة العامة للتعليم الثانوي وعضو الائتلاف التربوي، احمد المهوك، ان الحملة التي تاتي تحت شعار « لننخرط جميعا في حملة تمويل التعليم وضمان ديمومته مرفقا عموميّا » تهدف إلى جمع اعتمادات مالية من أجل تحسين البنية التحتية المهترئة وفسح المجال من أجل إحداث نواد ثقافية وأنشطة رياضية.
واضاف ان الائتلاف يدعو الى تجنّب السياسات التّقشّفيّة المسلّطة على مرفق التعليم العمومي، والتاكيد على عمومية المنظومة التربوية ومجانية التعليم والزاميته، مشددا على ضرورة تحويل الحوار المجتمعي حول التعليم الى التزام وطني مركزه التمويل المحلي اساسا.
ومن بين الاجراءات التي يقترحها الائتلاف الترفيع في ميزانية وزارة التربية الى نسبة لا تقل عن 15 الى 20 بالمائة او من 4 الى 6 بالمائة من الناتج المحلي الاجمالية ورفع القيود عن تطوير اجور المدرسات والمدرسين وسياسة ايقاف الانتدابات بالاضافة الى تخصيص ما بين 15 الى 20 بالمائة من المعونات والقروض الخارجية الميسرة لتمويل التعليم.
كما اقترح الائتلاف عدد من الاجراءات لتعبئة تمويلات لفائدة قطاع التعليم من ذلك الغاء الديون الكريهة التي تم منحها باسم الدولة التونسية وتحويل جزء منها الى استثمارات في قطاع التعليم واقتطاع نسبة من مرابيح قطاع الثروات الطبيعية والمنجمية لفائدة التعليم، وتمكين القطاع من نسبة من الاداء على القيمة المضافة فضلا عن سن ضريبة استثنائية على غرار المعمول بها في المساحات التجارية الكبرى على كل المواد الاستهلاكية لفائدة قطاع التعليم.
كما اقترح فرض ضريبة استثنائية على بعض المنتوجات الكمالية والبنوك والمؤسسات المالية، ورصد ما يجب من اعتمادات لتعهّد البنى التّحتيّة وتوفير الوسائل والوسائط والتجهيزات الضرورية الضامنة لحسن سير العملية التربويّة.
ودعا كذلك إلى رفع القيود المتعلّقة بتخفيض كتلة الأجور مع تحسين واقع المدرّسات والمدرّسين الاقتصادي والاجتماعي، ووضع حدّ لسياسة وقف الانتداب في قطاع التربية والتعليم والقطع مع جميع أشكال التّشغيل الهشّة، موصيا بتحويل الحوار المجتمعي حول التعليم إلى التزام وطني محوره التمويل الدّاخلي أساسا وتخصيص نسبة لا تقل عن 15 إلى 20 بالمائة من ميزانيّة الدّولة أي ما يعادل من 4 إلى 6 بالمائة من الناتج الداخلي الخام لفائدة التّربية والتّعليم.
ولفت كمال الميساوي إلى أن المنتدى التربوي الثاني المزمع تنظيمه في بداية شهر ماي القادم سيتولى تقييم نتائج الحملة وسيتم على ضوئها، النظر في تمديدها إلى حدود تاريخ مناقشة قانون المالية لسنة 2024 (موفى سنة 2023).
يذكر أن الائتلاف التربوي التونسي تأسس سنة 2022.
وات