اعتبر نواب الشعب خلال الجلسة العامة الصباحية المنعقدة اليوم الخميس بباردو والمخصصة لمناقشة مقترح القانون المتعلق بتجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني أن المصادقة على هذا القانون سيكون بمثابة حجة جديدة على دعم تونس اللامشروط للشعب الفلسطيني في حربه المتواصلة منذ عقود ضد الكيان الصهيوني الغاصب، وتكريسا لأحكام دستور 2022 الذي يعتبر التطبيع مع الكيان الغاصب خيانة عظمى.
كما أكدوا أن دعم القضية الفلسطينية من قبل كل التونسيين ليس موضوعا للنقاش وأن تجريم التطبيع مع الكيان الغاصب هو مطلب شعبي جامع ، وفي المقابل لفت عدد من النواب إلى أن ذلك لا يمنع من أن القانون المعروض على التصويت اليوم يتضمن العديد من الأخطاء ويحتاج إلى مزيد تجويد الصياغة ويفرض الاستماع إلى الأطراف الرسمية المعنية بهذا القانون وفي مقدمتها رأي وزارة الخارجية.
وشددوا على أن القضية الفلسطينية وقضية المقاومة هي قضية عادلة وأن « كل المواثيق الدولية والأخلاق الإنسانية ومبادئ حقوق الإنسان التي يتشدقون بها (الغرب الداعم للكيان الصهيوني) تؤكد شرعية المقاومة، منتقدين تصريحا لأحد الإعلاميين الإسرائيليين أكد خلاله علمه أن المشروع المعروض على الجلسة لن يمر وسيعود إلى اللجنة البرلمانية.
وقال مقرر لجنة الحقوق والحريات محمد علي « إن تجريم التطبيع ليس بدعة بل هو موجود في بلدان عديدة من بينها اليمن والجزائر و العراق، و نحن لا نعلن حربا بل ندافع على حق فلسطين في تحرير أرضها »، مضيفا أن مناقشة هذا القانون في حد ذاته يعتبر ردا لاعتبار المقاومة وللشهداء التونسيين والفلسطينيين الذين سقطوا خلال كل معارك التحرير التي كانت الأراضي التونسية ميدانا لعدد منها في فترات من التاريخ ومن بينهم محمد الزواري وخليل الوزير وكل شهداء أحداث حمام الشط.
ومن جهته لفت عبد الرزاق عويديات رئيس كتلة الخط الوطني السيادي ( الجهة المبادرة) ، إلى أن تاريخ 2 نوفمبر يقابل « الذكرى المشؤومة لوعد بلفور بإقامة دولة لليهود » الذي قال « إنه كان تاريخ انطلاق الكارثة التي حلت بالأمة العربية جمعاء وغرس الجسم الخبيث في الوطن العربي »، مستعرضا مختلف المجازر التي ارتكبت في حق الفلسطينيين منذ سنة 1947 بداية بمذبحة بلدة الشيخ مرورا بمذابح كفر قاسم وخان يونس وتل الزعتر وصبرا وشاتيلا وصولا إلى المجزرة الحالية والتي ذهب ضحيتها حد الآن قرابة 9 آلاف شهيد أغلبهم من الأطفال والنساء .
وقال « نحن ندعم المقاومة ونؤيدها ونسندها ونشتبك إلى جانبها في نفس الخندق ضد العدو المغتصب للأرض العربية من النهر الى البحر، نحن لا نعترف بهذا لكيان الغاصب وإن اعترفت به الأمم المتحدة، لا صلح لا اعتراف لا تفاوض مع الكيان الصهيوني » داعيا كل النواب إلى المصادقة على مشروع القانون.
ودعا النائب محمود شلغاف (غير منتمي لكتل) إلى أن يقوم البرلمان بدوره من خلال دعوة كل الشركاء للضغط على حكوماتهم لرفع الحصار عن غزة والاتصال مع البرلمانات العربية المطبعة من أجل الضغط على حكوماتهم للتراجع عن التطبيع ومن أجل قطع العلاقات مع الكيان الصهيوني وكذلك من خلال الإتصال بوزارة الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج لاستدعاء سفراء الدول المساندة للكيان الصهيوني والاحتجاج على ما تقوم به بلدانهم من دعم للكيان.
واعتبر النائب الطاهر بن منصور (الخط الوطني السيادي) أن عرض هذ القانون جعل تونس تدخل مرحلة جديدة أصبحت فيها أدوات الفرز واضحة جدا ، « أن تكون مع العدو أو ضده وأن مرحلة أنصاف المواقف واللعب على الحبال والتخفي وراء الكلمات المنمقة قد انتهت »، موجها الحديث إلى من قال « إنهم قد صدعوا رؤوسنا بالعواقب الوخيمة لتمرير مشروع القانون » بأن « العالم اليوم أوسع مما تتوقعون وأن رقعة عالم الأحرار تتوسع كل يوم »
أما النائبة فاطمة المسدي (غير منتمية) فقد شددت على أن التضامن مع الفلسطينيين ودعمهم بالنسبة لكل التونسيين هو مسألة مبدئية ولا علاقة للأمر بمشروع القانون المعروض اليوم على الجلسة العامة لافتة إلى أن المشروع يتضمن العديد من الأخطاء الشكلية والضمنية ولا بد من مراجعته ».
وأضافت قولها « نحن أردنا الاستماع إلى كل الأطراف الموجودة في الحكومة والمعنية بهذا القانون حتى لا نصدر قانونا يعاقب التونسيين بل قانونا يعاقب المطبعين »، ونبهت إلى أنه لا بد من استفسار وزير الخارجية حول نقاط هامة وجوهرية بخصوص هذا القانون على غرار التأثير الممكن على يهود جربة على سبيل المثال.
وتساءلت أيضا حول مدى تأثير القانون على علاقات تونس مع بعض البلدان التي لها نقاط حدودية ومطبعة مع الكيان الصهيوني، وإن كانت تونس بموجب هذا القانون ستقطع علاقاتها الدبلوماسية معها.
وقالت « نحن قمنا بصياغة قانون بمفردنا ولا نعلم مثلا إذا كان الرياضيين التونسيين أو أي فئات أخرى من التونسيين سيتعرضون لعقوبات على خلفية هذا القانون، وإذا ما حدث ذلك بسبب خطأ كان من الممكن تداركه بمزيد من التعمق والنقاش فإننا يجب أن نتحمل مسؤوليتنا ».
وأضافت » هذه مسؤولية تاريخ كامل في تونس سنتحملها إذا ما أخطأنا في هذا القانون، نحن نطالب بتجريم التطبيع وهو مطلب لكل التونسيين لكن يجب أن يتم ذلك على قاعدة قانونية دقيقة، هناك أشياء خاطئة جدا ولذلك أطالب بالعودة للنقاش حول هذا القانون مع وزير الخارجية الذي عبر خلال تصريح تلفزي على قبوله للتعاون مع البرلمان لتمرير قانون يجرم التطبيع ».
وكان رئيس البرلمان ابراهيم بودربالة قد برر تأجيل الجلسة إلى تاريخ اليوم 2 نوفمبر 2023 ببروز معطيات جديدة وردت على مكتب المجلس تتعلق بضرورة إبداء النظرمن قبل المجلس الأعلى المؤقت للقضاء لتضمن النص المعروض لأحكام قضائية إلى جانب ملاحظات بخصوص عدم قيام لجنة الحقوق والحريات بالإستماعات الرسمية الضرورية في الدولة والتي يهمها القانون خاصة لتعلقه باختصاصات تنفيذية وكذلك ضرورة التدقيق في أحكامه.
وأضاف أنه قد تمت الإشارة إلى أن الصياغة المقترحة من اللجنة تحتاج إلى المزيد من التجويد حتى يتم التوفق في صياغة نص يستجيب لشروط ومتطلبات ومعايير الصياغة القانونية المعمول بها.
يذكر أن مقترح القانون المتعلق بتجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني « يهدف إلى الاستجابة إلى رغبة الشعب التونسي بمختلف مكوناته سواء من الرأي العام الوطني والمكونات السياسية ومكونات المجتمع المدني التي اجتمعت على معاداة الصهيونية ورفض التطبيع معه وعلى اعتبار أن العدوان على فلسطين يشكل في ذاته اعتداء على تونس انطلاقا من منطق عدم تجزئة الامن العربي »، حسب تقرير لجنة الحقوق والحريات.
وقد رفعت الجلسة الصباحية على أن تستأنف في حدود الساعة الثانية والنصف بعد الزوال.
وات