أكد المعهد العربي لرؤساء المؤسسات أنّ إغلاق معبر رأس جدير خلال الفترة الممتدة من شهر مارس إلى جويلية 2024 وعدم استرجاع حركته كالسابق مع فترات انتظار طويلة بسبب الوضع الأمني غير المستقر على الجانب الليبي، كان له تداعيات اقتصادية واجتماعية هامة، خاصة في الجنوب التونسي الذي يعتمد بشكل كبير على التجارة عبر هذا المعبر.
ودعا المعهد، في ورقة له تضمنت قراءة في تداعيات إغلاق معبر رأس جدير على الاقتصاد الوطني، إلى إيجاد حلول بالتنسيق مع السلط الليبية لتسهيل عملية المرور عبر المعبر، وضمان انسيابية الحركة التجارية، بما يعزز التعاون الاقتصادي بين البلدين.
وكانت تونس قد وقعت اتفاقا أمنيا مع حكومة الوحدة الوطنية الليبية يوم 12 جوان الفارط لإعادة فتح المعبر تدريجيا.
وذكر المعهد أنّ الخسائر خلال فترة إغلاق المعبر قدّرت بحوالي 180 مليون دينار من إيرادات الصادرات، وأنها قد تصل إلى قرابة الـ 300 مليون دينار مع موفى 2024، في حال لم يسترجع المعبر نسقه السابق، واستمرت فترات الانتظار الطويلة.
وأضاف المعهد أنّ هذا الإغلاق قد أثّر كذلك على المؤسسات التي تعتمد على هذه السوق للتصدير، خاصة في قطاعات مثل مواد البناء وتحديدا الإسمنت، والمواد الفلاحية (الفواكه)، والمستحضرات الأخرى مثل الشامبو وحفاضات الأطفال.
كما أدى إغلاق المعبر أيضا وفق المصدر ذاته إلى تعطل حركة السلع والبضائع التي تمر ببعديها الرسمي والموازي، وأثّر ذلك على المستهلكين الذين يعتمدون على هذا النوع من السلع، مما خلق فراغًا في السوق بسبب قلة العرض وزيادة الطلب، وهذا النقص دفع بدوره إلى ارتفاع الأسعار.
وأشار المعهد العربي لرؤساء المؤسسات إلى أنّ الصادرات التونسية نحو ليبيا قد تطورت بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة، حيث ارتفعت بحوالي 55 بالمائة بين سنة 2017 و2023، بزيادة من 1195 مليون دينار، لتصل إلى 2650 مليون دينار.
وأضاف أنّ تونس، وفي إطار تعزيز الفرص التصديرية، تتطلع لتجاوز حجم صادراتها الـ 4860 مليون دينار (قرابة الـ 1.6 مليار دولار) بحلول سنة 2025.
ويُعتبر معبر رأس جدير مصدراً مهماً للصادرات، حيث بلغ حجم الصادرات التونسية عبر هذا المعبر البري بحوالي 479 مليون دينار سنة 2022، وارتفع ليصل إلى 480 مليون دينار سنة 2023، أي قرابة الـ 18 بالمائة من مجموع الصادرات، وفقًا لبيانات وزارة التجارة وتنمية الصادرات.
ويقدّر حجم التجارة الموازية عبر هذا المعبر نحو تونس، بحسب تقرير للبنك الدولي، بحوالي 600 مليون دينار سنويا، وتشكّل تجارة الوقود النشاط المهيمن حيث تمثل 10 بالمائة من قيمة المبيعات و30 بالمائة من الأرباح.
ويعدّ الوقود والأدوات المنزلية والأجهزة الكهربائية والمعدات والملابس والفواكه من أبرز البضائع التي تمرّ عبر هذا المعبر.
ورغم مساهمة هذا الاغلاق في السيطرة على التجارة الموازية والتهريب في الجنوب التونسي والغرب الليبي، إلّا أنه فتح المجال للتجارة الموازية والتهريب عبر الحدود الجزائرية.
ويكبّد إجمالي التجارة الموازية والتهريب خسارة في الإيرادات بقرابة الـ 1200 مليون دينار كان يمكن للسلط التونسية تحقيقها، بحسب تقرير للبنك الدولي.
وللتغلب على هذه التحديات، اعتبر المعهد العربي لرؤساء المؤسسات أنّ تعزيز التعاون بين كلّ من تونس وليبيا أمر حتمي لضمان استمرار حركة التجارة بشكل آمن ومستدام، بالإضافة إلى ضرورة تحسين البنية التحتية، وإنشاء منصات إلكترونية لتسريع الإجراءات الديوانية وتقليل البيروقراطية، وتقديم حوافز للمؤسسات الصغرى والمتوسطة الناشطة في الجنوب التونسي للاستثمار في المنطقة لتفادي آفة الاقتصاد الموازي.
هدى القرماني