كشف مدير عام الهندسة الريفية واستغلال المياه بوزارة الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري، عبد الحميد منجّة، خلال حلقة نقاش حول تأقلم المؤسسة مع التغيرات المناخية، نظمها المعهد العربي لرؤساء المؤسسات في اختتام الدورة 38 من أيام المؤسسة، السبت 7 ديسمبر 2024، بأحد نزل مدينة سوسة، عن أهم ملامح استراتيجية المياه في أفق 2050 والتي أعدتها الوزارة مع الأخذ بعين الاعتبار التغيرات المناخية.
وشدّد منجة على ندرة المياه ببلادنا مذكّرا أنّ حصة الفرد الوحد لا تتعدّ 450 مترا مكعبا في السنة وبأنّ السنوات الأخيرة قد شهدت تأثيرات متسارعة لتغير المناخ على تونس ومن أهم تمظهراتها ارتفاع درجات الحرارة ما أدّى بدوره الى تراجع التساقطات ومرور البلاد بثماني 8 سنوات من الجفاف.
ولفت منجة إلى أن إيرادات السدود خلال هذا الموسم لم تتجاوز 32.5 بالمائة ما يعادل 111 مليون متر مكعب من مجموع 330 مليون متر مكعب، المعدل العام المتعارف عليه.
وبالإضافة الى تراجع التساقطات نجد تغيرا في زمن الأمطار وفي المناطق التي نزلت بها وهو ما يستوجب، وفقه، إعادة التفكير في زراعات أخرى أكثر تأقلما مع تغيّر المناخ وفترات التساقطات.
وتتركّز أهم توجهات الوزارة على تحلية مياه البحر لتأمين التزود بالماء الصالح للشرب نظرا لقلة التساقطات مع ضرورة التحكم في الطلب على المياه وتحقيق معادلة بين الطلب والوفرة حتى لا تكون الكلفة عالية جدا على المجموعة الوطنية خاصة وأنّ تقنية التحلية مكلفة من ناحية الطاقة.
ومن التوجهات الأخرى التي ذكرها المسؤول بوزارة الفلاحة إعادة استخدام المياه المستعملة المعالجة والرفع من درجة التصفية والتي ستمكننا من تحقيق الأمن الغذائي خاصة بزراعة الأعلاف والحبوب والأشجار المثمرة.
وبيّن منجة أنه يتوفر لدينا ما يقارب 300 مليون متر مكعب من المياه المستعملة المعالجة لا نستغل منها، بصفة مباشرة وغير مباشرة، سوى 20 بالمائة في أقصى الحالات وتتطلّع الوزارة إلى بلوغ نسبة استخدام لهذه المياه تصل إلى 80 بالمائة مع سنة 2050.
وذكر منجة أنه سيقع حثّ الصناعيين على إعادة رسكلة المياه بنفس الوحدة الصناعية، وهو ما يعرف بالاقتصاد الدائري للمياه، ما يمّكنهم من اقتصاد 80 بالمائة من استهلاكهم للمياه.
وقال منجّة أنّ الوزارة أعدّت خطة من المنتظر أن ينطلق العمل بها بداية من الخماسية 2026-2030 مشيرا الى انتفاع 11500 هكتار من تحويل المياه المستعملة المعالجة بمحطات التطهير جنوب مليان والعطار حتى منطقة الزريبة بزغوان وكذلك انتفاع 17 ألف هكتار بتونس الكبرى الشمالية بالمياه المعالجة من محطات سبرانة شطرانة 1 و2 والشابية والحسيان.
وبالإضافة إلى استخدام المياه المستعملة المعالجة هناك توجه للوزارة نحو تحلية المياه الجوفية في القطاع الفلاحي للمحافظة على غراسات الزيتون خاصة بمنطقتي الساحل وصفاقس ومن المنتظر أن يقع سقي حوالي 74 ألف هكتار بهذه المياه حسب الخطة الموضوعة.
ويقول منجة أنه مع كل هذه التوجهات لا بد من التحكم في الطلب بالحد من الكميات الموزعة التي تجعلنا لا نتجاوز كمية 125 لترا للفرد الواحد وهذا التحكم سيكون عبر التشجيع على التجهيزات المقتصدة في الماء على المستوى المنزلي وعلى مستوى الوحدات السياحية، منوها بتشجيعات كبيرة توفرها الدولة لهذه الغاية، وإعادة تدوير المياه في نفس الوحدة السياحية أو الوحدة الصناعية فضلا عن التوجه نحو الزراعات الأكثر مردودية كالزراعات العمودية والأقل استهلاكا للمياه وذات القيمة التسويقية العالية.
وتطرّق منجة كذلك إلى مسألة التشجيع على تخزين مياه الأمطار لافتا إلى قانوني المالية لسنتي 2023 و2024 الذين أقرا قروضا دون فائدة للخزانات المائية على المستوى الحضري لتخفيف العبء على الشبكة العمومية.
وبالتوازي مع كل هذه الإجراءات تحدّث منجة عن برنامج للرفع من كفاءة الشبكات المائية للشركة التونسية لاستغلال وتوزيع المياه من شبكات النقل والتحويل وشبكات التوزيع وإضافة إلى الانطلاق في تجربة جديدة وهي الاعتماد على العدادات الذكية والتحكم في الدفق في المؤسسات التي يكون فيها استغلال جماعي للمياه مثل المبيتات وكذلك التدقيق المائي الاجباري الذي سيقع تحيينه وتعميمه على كبار المستهلكين بالنسبة للمياه الصالحة للشرب وكذلك الموجهة للريّ.
هدى القرماني