حسين طليس
كابوس المجموعات المتطرفة التي فشلت في اتمام مهمتها في سوريا، يؤرق أمريكا، وجودها في المنطقة أو عودتها من حيث أتت، في حال تابع الجيش السوري ملاحقتهم وتحريره للأراضي التي سيطروا عليها ودفعهم خارج سوريا، أو في حال السعي جديّا لحل سلمي للأزمة السورية، في كلا الحالتين على الغرب أن يُعد العدة للتعامل مع هذه المشكلة.. ويبدو أنه قد بدأ.
بعد أن قطعت المعونات العسكرية واللوجستية عنهم، وجاهرت بخوفها من زيادة التطرف في سوريا، وهي التي سبق أن خذلتهم في وعدها مساندتهم عبر شن عدوان على سوريا، ها هي تبدأ بإتلاف أدوات الجريمة التي ارتكبت بحق سوريا. هذه المرة لم تكن خطوة أمريكا مباشرة ضد المسلحين، بل ضد الأدوات التي تم إستخدامها لدعم و تمويل هؤلاء المسلحين، حيث وضعت إسمين جديدين على لائحة الإرهاب الخاصة بها، وذلك بسبب دعمهم وتمويلهم للمتطرفين المسلحين في سوريا، لكن اللافت في الأمر أن هذه الأسماء تعود لشخصيات حقوقية تتعامل مع المجتمع الدولي و تزعم انها تعمل في جمعيات دولية ترعى حقوق الإنسان، الأمر الذي يكشف عن حجم التدخل الخارجي في سوريا وفنونه إضافة الى تعدد الجهات والأيادي التي تعبث بالأمن السوري وإستقرار هذا البلد.
صحيفة الواشنطن بوست، كشفت عن ضلوع جمعيات خيرية رسمية في قطر بتمويل تنظيم القاعدة بملايين الدولارات في سوريا. وأشارت الصحيفة الى أن واشنطن قد قامت بإدراج كل من القطري عبدالرحمن النعيمي (59 عاماً) واليمني عبدالوهاب الحميقاني، على قائمة الإرهاب الخاصة بها، وذلك بعد أن عملا كممولين لتنظيم القاعدة، وسخّرا ملايين الدولارات لصالح جماعات إرهابية في كل من سوريا والعراق.
وقد عمل كل من هاتين الشخصيتين مع الأمم المتحدة وتعاونا مع جمعيات حقوقية عالمية، فالنعيمي هو بروفيسور في إحدى الجامعات القطرية ورئيس منظمة الكرامة لحقوق الإنسان ومركزها جنيف والتي تنسق مع الأمم المتحدة وتتعاون مع جمعيات حقوقية عالمية، وكان رئيس إتحاد كرة القدم في قطر وعضو مؤسس لجمعية الشيخ عيد بن محمد آل ثاني الخيرية. أمّا الحميقاني فهو أحد الأعضاء المؤسسين لـجمعية “الكرامة” ومستشار في جمعية خيرية قطرية، كما أنّه واحد من المؤسسين لحزب “إتحاد الرشاد” المحافظ الذي شارك في مؤتمر الحوار الوطني الذي تمّ تأسيسه في مرحلة الربيع العربي لتقديم نصائح إلى الحكومات في الإصلاح السياسي والإقتصادي.
الصحيفة أكدت نقلاً عن مسؤولين أمريكيين أن الإرهابيين في سوريا يتلقون دعماً خاصاً من أفراد مقتدرين في الخليج بالإضافة إلى الدعم الرسمي من قبل تلك الدول الذي بدأ في التقلص، الا أن الدعم الخاص لا يزال قائماً خاصة من قطر والكويت. وتابعت الصحيفة أن “إدارة أوباما تتواصل بشكل مستمر مع هاتين الدولتين للعمل على وقف التبرعات الخاصة بالجهاديين، مع العلم أنّ تقنيات جديدة تُستخدم تشمل “تويتر” ووسائل التواصل الإجتماعي مما يصعب عملية رصد التبرعات.” وتأتي خطو واشنطن الأخيرة بالتزامن مع الإضاءة على دور شخصيات وجمعيات عربية بدعم عناصر متشددة وجماعات مقاتلة في سوريا، بالإضافة الى السياسات التي تعتمدها لوقف تدفق مسلحين من مواطنيها الذين يسعون للقتال في سوريا.
واشنطن ليست الوحيدة التي بدأت بتدارك الأمور واتخاذ خطوات للحد من خطر المرتزقة الأجانب في سوريا مستقبلاً، فبريطانيا هي الأخرى ولنفس المخاوف و الأسباب بدأت بإتخاذ خطوات مختلفة لكنها أكثر حزماً، حيث قامت وزيرة الداخلية تيريزا ماي بسحب الجنسية البريطانية من 20 مقاتلا بريطانياً في سوريا. واستخدمت ماي صلاحياتها في سحب الجنسية من هؤلاء كونهم يتمتعون بجنسية أخرى غير الجنسية البريطانية معتبرة أن “الجنسية البريطانية ليست حقاً لهم بل شرف، ووزارة الداخلية ستسحب الجنسية البريطانية من أولئك الأشخاص الذين تشعر بأن سحبها منهم يخدم المصلحة العامة.”
يأتي ذلك بالتزامن مع صدور تقارير تفيد بأن أكثر من 200 جهادي بريطاني يقاتلون حالياً في سورية، وفق تقديرات الأجهزة الأمنية، وقد قتل جهادي بريطاني خلال مشاركته في المعارك في شمال سورية الأسبوع الماضي ليكون بذلك القتيل البريطاني الثاني الذي يسقط خلال قتاله هناك.
بالموازاة مع هذه التقارير، كشفت احصائية أعلن عنها التيار السلفي الجهادي في الأردن (UPI)، حجم الخسائر التي منيت بها الجماعات المسلحة في سوريا، بالإضافة الى حجم التدفق التي تشهده سوريا للمقاتلين من الخارج حيث بلغ عدد القتلى العرب في صفوف هذه المجموعات حتى الآن 9936 عنصراً توزعوا على عدد كبير من دول أكثرها عربية حيث بلغ عدد القتلى التونسيين 1902 مقاتل، ليبيا 1807، العراق 1432، و202 أردني و800 من فلسطيني الداخل (المخيمات الفلسطينية في سوريا) والخارج. وأشارت الإحصائية إلى أن عدد القتلى اللبنانيين بلغ 828 عنصرا ومصر 821 عنصرا، والسعودية 714، واليمن 571، والمغرب 412،الجزائر 274، الكويت 71، الصومال 42، البحرين 21، سلطنة عمان 19، الإمارات 9، قطر 8، السودان 3، موريتانيا 1 ودول القوقاز وألبانيا نحو 30 عنصرا ” . وأوضحت الإحصائية أن هؤلاء القتلى معظمهم ينتمون لـ “جبهة النصرة لأهل الشام ” و لـ”دولة العراق والشام الإسلامية (داعش)” .
سلاب نيوز