إعداد: معز بسباس (متفقد رئيس بالإدارة الجهوية للديوان الوطني للملكية العقارية بالمنستير)
ديباجة
مواكبة للقوانين الجديدة في القانون العقاري و خاصة في مادتي التسجيل و التحيين ، تم التطرق إلى جميع النصوص القانونية التي نظمت المادة العقارية في تونس انطلاقا من قانون غرة جويلية 1985 و إحداث المجلس العقاري المختلط وصولا إلى القانون عدد 67 لسنة 2008 المؤرخ في 03 نوفمبر 2008 و الذي أقر مبدأ الطعن بالتعقيب في أحكام التسجيل العقاري و القانون عدد 67 لسنة 2009 المؤرخ في 12 أوت 2009 و الذي أقر مبدأ الطعن بالإستئناف في أحكام التحيين الصادرة عن المحكمة العقارية و لقد تناولت بالبحث هذا القانون الأخير لدقة صياغة فصوله الإجرائية.
مكن المشرع التونسي في التنقيح الأخير بقانون عدد 34 لسنة 2001 للفصول المتعلقة بطبيعة الأحكام الصادرة في مجال التحيين الذي كان يعد من الأحكام الباتة التي لا تقبل الطعن لا بالإستئتناف و لا بالتعقيب و لا بالمراجعة و لا بأي وسيلة أخرى من إمكانية الطعن بالتماس إعادة النظر إلا أنه تطبيقا للقانون الحديث الصادر بتاريخ 12 أوت 2009 مكن المتداخلين و المعترضين و الغير و المكلف العام بنزاعات الدولة و كل شخص تضرر من الحكم الصادر بالتحيين سواءا كان طرف في النزاع أو لم يكن طرفا شرط توفر المصلحة فيه في أجل شهرين إبتداءا من تاريخ إدراج الحكم بالسجل العقاري فصل 28 (جديد) : الأحكام الصادرة في مادة التحيين تطبيقا لهذا القانون تقبل الطعن بالأستئناف ممن له مصلحة سواء كان طرفا في الحكم المستأنف ، طالبا أو معترضا أو متداخلا أو لم يكن طرفا فيه و ذلك في أجل يبتدأ من يوم صدور الحكم بالتحيين و ينتهي بانتهاء ستين يوما من تاريخ إدراج هذا الحكم بالسجل العقاري . من الطعن بالإستئناف لدى دائرة إستئنافية بالمركز الأصلي للمحكمة العقارية بواسطة محام لدى الإستئناف أو بواسطة المكلف العام بنزاعات الدولة و قد أقر المشرع وجوبية التنصيص في عريضة الدعوى الإستئناف على هوية الطرف المستأنف و صفته أن كان طالبا في الأصل.
ان إقرار مبدا الاستئناف لأحكام التحيين قد كرسه المشرع صراحة صلب القانون الجديد دون ايحاء او دلالة ضمنية فقد الغى مقتضيات الفصل 28 من قانون القديم و عوضه بصفة معاكسة و جعل للطعن إمكانية غير مشروطة في حين كانت قبل التنقيح الأخير تخضع لشروط الواردة بالفصل 28 قديم و هذا ما يمكن اعتباره تجديدا صريحا و دقيقا و بالتالي أصبحت الاحكام العقارية احكام نهائية بالأساس يمكن الطعن فيها.
الفصل 29 (جديد): يرفع الاستئناف لدى دائرة استئنافية بالمركز الأصلي للمحكمة العقارية بتونس متألفة من قاض من الرتبة الثالثة رئيس و من قاضين اثنان من الرتبة الثانية عضوين ممن لم يسبق لهم المشاركة في الحكم المستأنف و يمكن ان يكون القاضيان من الرتبة الثانية من غير القضاة التابعين للمركز الأصلي لهذه المحكمة عند الاقتضاء.
هذا الفصل أعطى بشكل صريح دور الدائرة الاستئنافية للمحكمة العقارية واختصاصها حيث نص على انها تبت في مطلب التحيين و في الطلبات الجديدة و هو ما يعني ان المحكمة تعد النظر في مطلب التحيين كما لو لم يصدر أصلا و نلاحظ ان هذا الاستئناف مستحدث بشكل خاص في المادة العقارية.
ان الطعن في المادة العقارية يؤدي الى تأجيل تنفيذ الحكم المستأنف الى حين صدور كم الاستئناف وإعادة النظر في كافة العناصر موضوع الاستئناف و كان الحكم لم يصدر أصل و انقضاء اجل الاستئناف او صدور حكم استئناف يؤدي الى وصف الاحكام المتعلقة بذلك بأحكام باتة لا تقبل الطعن بالتعقيب و ذلك بالرجوع للفصل 32 جديد الذي نص صراحة و تبت الدائرة الاستئنافية في المطلب و تأذن في جميع الحالات بالتشطيب على القيد الاحتياطي المتعلق ب الاستئناف و تكون احكامها باتة و لا تقبل الطعن بالتعقيب و لا بأية وسيلة أخرى.
كما نلاحظ ان المشرع قد وضع شروط للقائم بعريضة الاستئناف متطابقة لنفس شروط المفروضة على طالب التحيين باختلاف الخطية المالية فالمحكمة ستعيد إعادة كل ما قامت به دائرة الرسوم المجمدة او قاضي السجل العقاري ففيما تتمثل شروط الطعن بالاستئناف.
تنقسم الشروط القانونية الى صفين منها ما يتعلق بالشروط الشكلية وأخرى موضوعية فبالنسبة للشروط الشكلية فتنقسم بدورها الى شروط متعلقة بالأطراف وأخرى تتعلق بالطعن بالاستئناف فقد نص الفصل 28 جديد ان الاحكام الصادرة في مادة التحيين تقبل الطعن بالاستئناف من كل من تتوفر فيه المصلحة سواءا كان ذلك طرفا في الحكم أي ان يكون طالب أي مقدم مطلب التحيين او كان معترضا فالاعتراض اجراء يهدف الى المنازعة في الحقوق موضوع المطلب و المطالبة بحقوق ما بالنسبة للمتداخل فهو اجراء يهدف الى حفظ الحقوق و طلب ترسيمها كما أتاح هذه الامكانية الى الغير ممن اثر الحكم التحيين في حقوقهم و اما بالنسبة للشروط المتعلقة بالطعن بالاستئناف يرفع الطعن لدى الدائرة الاستئنافية بالمركز الأصلي للمحكمة العقارية بواسطة محام لدى التعقيب او محام لدى الاستئناف او المكلف العام بنزاعات الدولة و تتضمن عريضة الاستئناف هوية الطرف المستأنف وصفته ان كان طالبا في الأصل او معارضا او متداخلا او طرفا جديدا و عدد الحكم المستأنف و تاريخه و نصه و المحكمة التي أصدرته.
و تكون العريضة مشفوعة بما يفيد تأمين مبلغ ثلاثين دينارا بعنوان خطية تسلط على المستأنف ان رفض استئنافه و يعفى من هذا التامين المكلف العام بنزاعات الدولة و المسعفون بالإعانة العدلية و على محامي المستأنف ان يقدم الى كتابة الدائرة الاستئنافية او الى الدائرة نفسها بالجلسة المعينة لها القضية مذكرة في بيان مستندات استئنافه مرفوقة بنسخة من الحكم المستأنف.
وعلى المستأنف ضده اذا أراد الجواب ان يقدم بواسطة محام مذكرة في دفاعه و مؤيداته بعد اطلاع محامي الطاعن عليها. اما بالنسبة للشروط المتعلقة بآجال الطعن فقد نص المشرع صلب الفصل 28 جديد اجل شهرين ابتداءا من تاريخ ادراج الحكم بالسجل العقاري و تطبيقيا فلم يذكر فقه القضاء العمل بهذا الاجراء لحداثته و لعدم وجود تطبيقات في ارض الواقع.
اما بالنسبة للشروط الموضوعية فقد مكن المشرع طلب الطعن بالاستئناف كل من تتوفر فيه شرط الصفة و شرط ان تكون الطلبات متعلقة بالرسم العقاري موضوع التحيين و لا يشترط على الطاعن توفر العناصر التي كانت مفروضة في الفصل 28 قديم اما في صورة اكتساب الغير حسن النية و مبرر ذلك ان المشرع اقر بوجوبية التنصيص بالرسم على الحكم بالسجل العقاري و التنصيص على ان هذا الحكم قابل للاستئناف من كل من له مصلحة الى نهاية اجل شهرين من تاريخ ادراج الحكم بالسجل و بالتالي فبالرجوع الى قواعد تحرير العقود نجد صلب الفصول 377.377 مكرر على ضرورة اطلاع المحرر كل من يرغب في التعامل مع العقار بالحالة القانونية للرسم العقاري و بوجود موانع للترسيم من عدمها كما ان المشرع قد فرض على إدارة الملكية العقارية بعدم اجراء اية عملية ما لم يفد بعدم الاستئناف للحكم المطعون فيه و بالتالي فان كل العمليات الواقعة في شان الرسم العقاري موضوع مطلب التحيين يعتبر صاحبها سيئ النية و لا يمكنه المطالبة بحقه و لا يمكنه مواجهته بالترسيمات التي أدرجت في صالحه بالرسم العقاري علما انه يفترض فيه العلم للواجب المحمول عليه و على محرر العقد كما ان المحرر سيمتنع كليا عن تحرير العقد و الا فانه سيعتبر مخالفا للقانون فهو ملزم في هذه الحالات بعدم القيام بعمل المتمثل في عدم تحرير العقد و كذلك لا يمكن التعامل مع العقار اذا كان هناك قيد احتياطي مدرج بالرسم العقاري موضوعه مطلب استئناف ان تم استئناف الحكم المطعون فيه و اما في صورة عدم القيام بالطعن فبمجرد انتهاء الاجل المحدد لإمكانية القيام بالاستئناف يمكن التعامل مع العقار و يصبح عندئذ حسن نية.
مآل الحكم الصادر بالتحيين
ان الطعن في حكم التحين يؤدي الى تعهد دائرة الاستئناف بالمحكمة العقارية بتونس التي تنظر فيه مطلب الاستئناف و كذلك في الطلبات الجديدة التي يمكن ان يقدمها الأطراف و ذلك تطبيقا للفصل 32 (جديد) الذي نص صراحة على :تنظر الدائرة الاسئنافية في مطلب الاستئناف و كذلك في الطلبات الجديدة التي يمكن ان يقدمها لها الأطراف بشرط ان تكون مرتبطة بالرسم العقاري موضوع التحيين. و تاذن دائرة الاستئناف الى إدارة الملكية العقارية بتقييد المطلب قيدا احتياطيا حتى لا يقع تعامل مع العقار ما من شانه ان يعقد الأمور و يصعب العملية التي يرمي اليها المشروع التونسي و تاذن أيضا بالاستدعاء الخصوم للجلسة. يقع اعلام الخصوم المعنين بواسطة أعوان السلطة الإدارية الذين يقتطعون وصلا منها الى الصادر منه الاعلام و تضاف الى ملف العقار نسخة من ذلك الاعلام مع الاعلام بالبلوغ و ذلك قبل ثمانية أيام على الأقل من يوم الجلسة المشار اليه بالاعلام الا انه بالنسبة للمطالب المقدمة قبل 12 اوت 2009 تلزم بتطبيق قانون عدد 34 لسنة 2001 المتعلق بالتحيين أي ان المقدمة قبل قانون 12 اوت 2009 لا تقبل الطعن لا بالتعقيب و لا بالاستاناف و لا باي
وسيلة أخرى و يمنكن الطعن فيها بالتماس إعادة النظر مع وجوبية توفر شروطه القانونية و يسري عليهم احكام قانون 2001.
نلاحظ ان القانون الجديد المنقح لقانون 2001 ليس له اثر رجعي فهو مخصص للطلبات المقدمة ابتداءا من تاريخ صدوره و تبت دائرة الاستئناف في المطالب المطعون فيها بالاستئناف.
و تاذن الدائرة الاستنافية بما تراه صالحا من الوسائل التحضيرية كالاختبار و البحث و التوجه على العين و التحرير على الأطراف.
ففي هذه الحالة نلاحظ ان المشرع مكن المتقاضين في المادة العقارية من التقاضي على درجتين فالاستئناف في القانون العقاري و تطبيقا للفصل 32 جديد فقرة 4 الذي نص صراحة على ” وتنظر الدائرة الاستئنافية في الصعوبات التي تحول دون تنفيذ احكامها طبقا للإجراءات الواردة بالفصل 25 من هذا القانون كما تنظر في اصلاح الغلطات المادية الواردة باحكامها او في الأمثلة باقامتها طبقا للإجراءات المنصوص عليها بالفصل 26 من نفس القانون. و تاذن الدائرة الاستئنافية بما تراه صالحا من الوسائل التحضيرية كالاختبار و البحث و التوجه على العين و التحرير على الأطراف.من خلال هذا الفصل (32) جديد نستنتج ان الاستئناف في المادة العقارية متقارب مع الاستئناف في القانون المدني فدائرة الاستئناف تنتصب كجهاز قضائي يعيد النظر من جديد في اصل النزاع و بواسطة قضاة اخرين ممن لم يسبق لهم النظر سابقا في المطلب كما انها تقوم بنفس الإجراءات التي أدت الى الحكم المطعون فيه و تنظر كذلك في أسباب الطعن لتحدد طريقة معالجتها فتنظر في الصعوبات التشكيلية و الصعوبات الموضوعية اما بالنسبة للصعوبات الشكلية فتتمثل أساسا في التغلاط المادية التي يمكن ان تتسرب الى الحكم التي تكون متعلقة بالحالة المدنية او الحساب او الأرقام الحاصلة في حكم التحيين او في الأمثلة الهندسية و تصدر اذنا بإصلاح الحكم او المثال او ترفض الإصلاح على ان تقدم تعليلا كاملا لسبب عدم الإصلاح و عندما تبت دائرة الاستئناف في احكامها تصبح باتة لا تقبل الطعن و لا تقبل الطعن بالتعقيب و لا باي وسيلة قانونية أخرى ان احكام المحكمة العقارية في ما يتعلق باستئناف حكم التحيين لم تفقد صبغتها الباتة فالحكم بالاستئناف في المادة العقارية لا يوجب المرور بالطعن بالتعقيب و ذلك ان دائرة الاستئناف ستحكم طبق الوثائق المقدمة اليها .
و تبت الدائرة الاستئنافية في المطلب و تاذن في جميع الحالات بالتشطيب على القيد الاحتياطي المتعلق بالاستئناف و تكون احكامها باتة و لا تقبل الطعن بالتعقيب و لا باي وسيلة أخرى .