اتفاق باريس للمناخ: ما هو؟ لماذا يعتبر مهماً؟ وهل يمكن للولايات المتحدة الخروج منه؟

بعد طول ترقب، أعلن الرئيس الأمريكي أخيراً قراره الانسحاب من اتفاق باريس للمناخ مخلفاً مشاعر صدمة وغضب حول العالم وخاصة بين الدول الـ194 التي وقعت على الاتفاق التاريخي. هنا عودة على هذا الاتفاق الذي رعته فرنسا وكان يعتبر إنجازاً كبيراً لإدارة الرئيس السابق باراك أوباما.

ما هو اتفاق باريس؟

عقد في العاصمة الفرنسية في كان الأول/ديسمبر 2015 مؤتمر المناخ الذي سمّي “COP 21″، والذي أسفر عن نص اتفاق نهائي بعد أسبوعين من المفاوضات المكثفة بين العشرات من الوفود الدولية. وفي يوم 12 كانون الأول/ديسمبر، تم توقيع هذا الاتفاق التاريخي من قبل 197 بلداً. واعتبر هذا الاتفاق انتصاراً في جهود محاربة التغير المناخي لأنه يتضمن “تقييماً لمتوسط درجات الحرارة العالمية بأقل كثيراً من 2 درجة مئوية فوق المستويات التي كانت سائدة في فترة ما قبل الثورة الصناعية، كما يوصي بمواصلة العمل للوصول بالمتوسط إلى 1.5 درجة مئوية”. غير أن ما هو حاصل حالياً هو أن انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري تقود العالم نحو زيادة قدرها 3 درجات مئوية في درجات الحرارة العالمية. وهو ما يعتبر سيناريو كارثياً بحسب الخبراء الدوليين المعنيين بتغير المناخ. وينص الاتفاق على أن على كل بلد إعادة تقدير التزاماته في هذا الاتجاه كل خمس سنوات. المسألة الوحيدة التي يمكن اعتبارها سلبية في هذ الاتفاق هي أن التقييم الأول لن يكون إجبارياً إلا بعد عام 2025.

حدد اتفاق باريس كذلك هدفاً آخر وهو الوصول إلى مستوى صفري من الانبعاثات وذلك لتحقيق التوازن بين الانبعاثات من المصادر الصناعية من جهة وعمليات الامتصاص الطبيعي للانبعاثات الحرارية خلال النصف الثاني من القرن الواحد والعشرين. النقص الكبير في نص الاتفاق والذي واجه انتقادات واسعة كانت خلوه تماماً من عبارات “الوقود الأحفوري” و”النفط” و”الفحم” في الوقت الذي تعتبر فيه هذه الصناعات السبب الرئيسي لتغير المناخ وهي مسؤولة كذلك عن 65٪ من الانبعاثات العالمية لغازات الدفيئة.

وبعد أن صادق ما لا يقل عن 55 بلداً يمثلون 55٪ من انبعاثات الغازات الملوثة على ما جاء في اتفاق باريس، دخل هذا الاتفاق حيز التنفيذ في 4 تشرين الثاني/نوفمبر عام 2016، أي قبل أربعة أيام من انتخاب دونالد ترامب. يذكر أن دولاً مثل روسيا وتركيا وقطر وسويسرا وهولندا لم تصادق بعد على الاتفاق، بينما امتنعت دولتان فقط هما سوريا ونيكاراغوا عن توقيع الاتفاق من أساسه.

لماذا يعتبر هذا الاتفاق مهماً؟

لأنه أول اتفاق دولي بشأن تغير المناخ ذو طابع عالمي. وكذلك لأن الوضع المناخي العالمي بات يأخذ منحى ينذر بالخطر. وكان عام 2016 الأكثر حرارة منذ أن بدأت عمليات تدوين درجات الحرارة عام 1880. وحتى تتم السيطرة على الاحترار العالمي يتوجب أن تتم المحافظة على 80٪ من احتياطيات الوقود الأحفوري في باطن الأرض. وفيما لو احترمت الدول تعهداتها في اتفاق باريس سيجدون أنفسهم مجبرين على العمل على هذا الموضوع. أما عواقب تغير المناخ فهي دراماتيكية وتتجاوز ارتفاع درجات الحرارة إلى ارتفاع مستويات المحيطات وزيادة مستوى حموضتها وزيادة الكوارث المناخية وفقدان التنوع البيولوجي وتهديد الأمن الغذائي. ومن المقدر أن يعاني 600 مليون شخص من الجوع بسبب التغيرات المناخية بحلول عام 2080.

هل من الممكن الخروج من اتفاق باريس؟

هناك طريقتان للخروج من اتفاق باريس، الأولى وهي الأكثر بساطة تتلخص في عدم احترام الالتزامات المتعهد بها عند التوقيع على الاتفاق، فالمساهمات المالية للدول مثلاً غير مدرجة في الجزء الملزم من الاتفاق. وكانت الولايات المتحدة، ثاني أكبر ملوّث في العالم بعد الصين، قد وعدت في ظل إدارة أوباما بخفض الانبعاثات بنسبة 26٪ إلى 28٪ بحلول عام 2025 مقارنة مع عام 2005.

وهناك طريقة أخرى يبدو أن ترامب قد اختارها للخروج من الاتفاق وتكمن في الانسحاب تماماً على النحو الذي تسمح به قوانين الاتفاقية نفسها والتي تمنع الدول من الانسحاب لمدة ثلاث سنوات. وإذا أخذنا بالاعتبار أن الانسحاب في حد ذاته يستغرق عاماً إضافياً، فإن الولايات المتحدة بعد قرار ترامب لن تكون قادرة على الانسحاب فعلياً إلا في تشرين الثاني/نوفمبر عام 2020، وسيكون ذلك في اللحظة التي ستعقد فيها الانتخابات الرئاسية الأمريكية القادمة.

وأخيرا، ثغرة في اتفاق يمنع هذه الفترة، من اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (UNFCCC). منذ دخولها حيز التنفيذ في عام 1994، لا حاجة إلى الانتظار أربع سنوات المطلوبة. قرار أكثر تطرفا ولكن أيضا بشكل أسرع.

وكالات

تعليقات

عن Houda Karmani

شاهد أيضاً

قرابة 70% من قتلى حرب غزة من النساء والأطفال وفق تقرير للأمم المتحدة

استنادا على تحليل تفصيلي لعينة ممثلة للضحايا، كشف تقرير للأمم المتحدة أن النساء والأطفال يشكّلون …