قرّرت الجلسة العامة للبرلمان، مساء اليوم الثلاثاء، إعادة مقترح مشروع تنقيح قانون الإنتخابات والإستفتاء في الجزء المتلق بالترفيع في العتبة، عند الإنتخابات التشريعية، إلى لجنة النظام الداخلي والحصانة والقوانين البرلمانية والقوانين الإنتخابية.
وبعد نقاش مطوّل على إثر مداخلات النواب، صوّتت الجلسة (حضرها 118 نائبا)، لفائدة هذا المقترح ب 106 أصوات، في حين احتفظ 11 نائبا بأصواتهم واعترض نائب واحد، بما حال دون المرور لمناقشة مختلف فصول المشروع المقترح (5 فصول) والذي تقدّمت به حركة النهضة وطلبت فيه استعجال النظر.
وكان ممثلو لجنة النظام الداخلي والحصانة والقوانين البرلمانية والقوانين الإنتخابية، أكدوا في ختام النقاش العام والذي امتد لحوالي 8 ساعات، أن اللجنة بصدد النظر حاليا في النظام الداخلي للبرلمان.
أما جهة المبادرة، فاعتبرت على لسان النائب عن حركة النهضة، بلقاسم حسن، أن التقدم بالمبادرة التشريعية هذه إلى البرلمان “ليس من قبيل المناورة كما أن طلب إرجاعها إلى اللجنة البرلمانية المعنية ليس مناورة أيضا”، موضحا أن الغرض من اقتراح تنقيح قانون الإنتخابات هو “ممارسة حق دستوري وتشريعي” ومضيفا أن طلب الارجاع مردّه “تفهم وتفاعل مع ملاحظات الجميع لفسح مجال أوسع للحوار”.
وقال محمد القوماني إن كتلته (النهضة)، بادرت بالتقدم بمقترح تعديل هذا القانون الأساسي “ربحا للوقت وتحسبا لإمكانية إعداة الإنتخابات” في إشارة إلى البرلمانية.
ولاحظ أن مبادرة وضع عتبة بنسبة 5 بالمائة، لم ترفضها أو تتقدم بتعديلها أيّ كتلة برلمانية إلى اللجنة المعنية، مشددا على أن العتبة ليست موضوعا خلافيا وأن مشروعية المقترح المقدم من كتلته مازالت قائمة.
وكان النواب واصلوا قبل ذلك تفاعلاتهم مع هذا المقترح، وسط تباين وخلافات بين ممثلي الكتل النيابية.
فقد اعتبر أسامة الخليفي (كتلة قلب تونس) أنه لو كانت هناك عتبة بـ5 بالمائة في قانون الإنتخابات “لما كانت هناك أحزاب تزايد اليوم” على حزبه الذي قال “إنه البديل عن الرداءة وعن الإئتلاف الحاكم الذي توجد خلافات بارزة بين مكوناته”.
أما نواب الكتلة الديمقراطية فقد شدّدوا على ضرورة أن يتم تعديل قانون الإنتخابات، إثر حوار وطني شامل يتم خلاله أيضا الإستماع إلى الخبراء وممثلي الأحزاب والفاعيلين في المجتمع المدني.
إذ اعتبر لسعد الحجلاوي أن جهة المبادرة، عند تبريرها لاعتماد العتبة، استشهدت بعديد التجارب، دون الحديث عن السياقات المتصلة بتلك التجارب، معتبرا أن “الهدف من إقرار العتبة في عديد الدول، كان لإقصاء أطراف معينة”.
أما زميله في الكتلة ذاتها، زهير المغزاوي، فدعا إلى “ضرورة الإتفاق على مكافحة الفساد في النظام الإنتخابي وتمويل الأحزاب والجمعيات والحد من السياحة الحزبية والجرائم الانتخابية وتنظيم عمليات سبر الآراء”، معتبرا أن مراجعة القانون الإنتخابي يجب أن تسبقها عملية تقييم وحوار حقيقي.
بدوره اعتبر فرحات الراجحي، عن الكتلة الديمقراطية أيضا، أن “مجرّد إقرار العتبة لن يحقق التوازن في الحياة السياسية، بل يجب أن يتبعها إصلاح قانون الأحزاب والجمعيات وتنظيم مؤسسات سبر الآراء ومنع التداخل بين الإعلام والسياسة والعمل الجمعياتي والعمل السياسي”.
في المقابل أوضح الصحبي عتيق (كتلة النهضة)، أن الأرقام التي أوردها حزبه في وثيقة شرح الأسباب، استقاها من تقرير الهيئة العليا المستقلة للإنتخابات، مشيرا إلى أنه أثناء انتخابات 2019، تم تسجيل مليون صوت ضائع كما أنه من بين 1506 قائمات تقدمت للانتخابات التشريعية، لم تحصل 1322 قائمة على أي مقعد.
وأضاف أن المجلس النيابي الحالي يتضمن 31 كيانا سياسيا وأن إقرار العتبة سيقلّص من عددها إلى 18 كيانا “وبالتالي فإن الحديث عن الإقصاء وعن انتفاء التعددية، لا أساس لها من الصحة”.
وقالت فريدة العبيدي إن حركة النهضة تعتبر أنه بالإضافة إلى العتبة فإن القانون الانتخابي يحتاج إلى مزيد التعديل وأن إعادته إلى اللجنة من شأنه أن يفسح المجال أمام تعديلات أخرى لإصلاح القانون برمته معتبرة أن في عدم إقرار العتبة إهدار للمال العام.
وأضافت أن العتبة كانت ضرورية في السياق الانتقالي، باعتبار أن المرحلة التأسيسية تستوجب مشاركة جميع الأطياف السياسية في كتابة الدستور، مشيرة إلى أنه حان الوقت إلى إقرارها لمعالجة التشتت الحزبي.
بدورها أشارت أمال الورتتاني (كتلة قلب تونس) إلى ضرورة الترفيع في العتبة، “لتفادي عدم الإستقرار”، داعية اللجنة إلى إعادة النظر في مشروع القانون برمته.
يُذكر أنّ عددا من رؤساء الكتل البرلمانية اتفقوا صباح اليوم الثلاثاء، أثناء اجتماع تنسيقي قبيل انطلاق الجلسة العامة المخصصة للنظر في مشروع تنقيح قانون الإنتخابات والإستفتاء على ضرورة إرجاع هذا المشروع الذي تقدّمت به حركة النهضة إلى لجنة النظام الداخلي وذلك لمزيد مراجعته والنظر فيه دون الإقتصار على النقطة المتعلّقة بالترفيع في العتبة بنسبة 5 بالمائة.