محمد طالب: ضابط متقاعد بالجيش اللبناني
لليوم الثاني على التوالي، خرج السيد حسن نصرالله خطيباً بين جمهوره والحشود العاشورائية التي غصّت ملعب الراية في ضاحية بيروت الجنوبية، بعد ليلة على خروجه علناً ايضاً في قلب مجمع سيد الشهداء الذي دمّره العدو بين الجموع مشعلاً بخطاب ناري مشاعر مناصريه بكلمات مركّزة وهادفة وإرتجالية داعب بها ما بين أحشاء مناصري المقاومة ليلة مصرع الإمام الحسين، ليقتبص نصرالله منه الشجاعة لقول الحق والمضي قدماً بالاصرار عليه.
خرج نصرالله في اليوم التالي اي 10 محرم يوم عاشوراء الامام الحسين مرّة جديدة بين جمهوره، لاول مرة منذ عام 2006، حيث لم يعتاد مناصروه او غيرهم خروج السيد إلى العلن وفي وضع النهار ودون حماية أمنية كبيرة على المنبر لمرتين متتاليتين بيومين متتاليين، ليحتل نصرالله المشهد السياسي اللبناني والعربي بشكل عام ويرسل رسائل أساسية وهامة بنى عليها مشروع مرحلة وذلك بأقل من 30 دقيقة.
ماذا يعني خروج السيد في هذا الوقت؟
خروج السيد نصرالله بهذه الطريقة وفي هذه اللحظة التاريخية التي تعيشها المنطقة له مدلولات سياسية داخلية وإقليمية، وايضاً مدلولات إستراتيجية، تدل على ثقة النفس التي يملكها “السيد”، وتدل ايضاً على الثقة في الميدان، أي الميدان السوري الذي يشارك حزب الله فيه قتالاً ضد المجموعات الارهابية. فخروج “نصرالله” بهذا الشكل له أكثر من رسالة أهمها أن المتقدم في الميدان اليوم هو “محور المقاومة” وهو المقرّر، ونحن نملك المبادة.
طبيعة التحدي التي برز به السيد نصرالله مواجهاً خصومه كان واضحاً، فهو خرج في وقت كانت التهديدات بالتفجيرات في يوم عاشوراء عالية المستوى، والتهديدات لحزب الله كانت بارزة على الاعلام الذي عمل على إضعاف نفوس المشاركين، وايضاً رفع السقف الهجومي عليه وعلى حزبه. أراد “السيد” هنا الذي يحتل موقع “المنتصر” توجيه ضربات عديدة للعدو والخصوم فعمد على مدار يومين لالخروج علناً وبين جمهوره وإطلاق الخطابات النارية المبنية على أسس وحقائق وتنطلق من واقع وحقيقة داخلية يملكها، وتنطلق من إنجازات ميدانية حُققت بوجه الارهاب، ليوجه بذلك ضربة قاسية لخصومه، ويوجّه ورسائل تفيد بأن “حزب الله” اليوم الذي بات قوّة إقليمية بشكل صريح تقرّر مصير أنظمة ومشاريع، وتضرب مقتلاً أنظمة ومشاريع أخرى، هو اليوم من يملك مفاتيح الصراع، ومفاتيح الحل والحرب، ومن يريد أن يدخل في حرب مع الحزب عليه التفكير مالياً كثيراً قبل الدخول في هذه المغامرة، فكان السيد يوجه رسائل في كافة الجهات، للعدو الاسرائيلي الذي هدده علناً بحال قيامه بالتعدي على حقوق لبنان البحرية بما خص النفط، وايضاً ارسل تهديدات واضحة للارهابيين الذي عمدوا لنشر تهديداتهم على مدى أيام، منطلقاً ايضاً من الانجازات التي ضربة مشروعهم في سوريا.
رسالة هامة أخرى أطلقها السيد ايضاً، هي خروجه بين الالاف دون حماية عالية كما في السابق، وخروجه خطيباً بين مناصريه دون أي عازل زجاجي أمامه يقيه شرّ الرصاص إن حصل كما يفعل البعض، بل خرج تحت أشعة الشمس وتحت السماء الصافية في وضع النهار وبين الابنية العالية التي تكشفه بوضوح وبين الجموع يوجه الرسائل المدروسة لمدة 30 دقيقة تقريباً، بنبرة المنتتصر الواثق بنفسه، حيث دلت، وفق إختصاصيين إستطاعة “الحدث نيوز” التواصل معهم، دلت على هذه الثقة من خلال حركة جسد “السيد” ويديه خصوصاً التي حركها يثبات وبطريقة منظمة، خصوصاً رفع الاصبع بطريقة ثابتة وفي لحظات حماسية من خطابه، بما يعنيه هذا وفق الاختصاصيين، بأنه “جاد بما يقول، ويبني هذه الجديّة على ثقة عالية في النفس وإمكانية تحقيق ما يقول”.
ماذا تعني حركات جسد “السيّد” وحركات يده؟
يضيف هؤلاء الاختصاصيون بأن حركات جسد السيد الثابتة والمتناغمة مع خطابه شكلت تمثيلاً صادقاً ومعبراً عمّا يختلج في جسده، وجدّيته ما يتحدث عنه. وكانت حركات جسده تدل على عدم الخوف أو الارتباك كونه في العراء وبين جمهوره، وتدل ايضاً خصوصاً حركات رفع اليد وحركات الوجه المتناغمة مع الخطاب تدل على والشجاعة والمصداقية في الكلام الذي يتحدث عنه والثقة بما يقول، أما العينين الثابتتين تعني الاصرار على ما يتودّعد به والاطمئنان وتدل بأنه غيرمرتبك ينظر يميناً وشمالاً.
ويضيف هؤلاء بأن “السيد” ظهر عليه مراراً تثبيت جسده، ورفع يديه مع رفع سبابته مترافقه مع ثبات تحرّك وسط العين، وحركات عضلات الوجه التي تحركت مع حركات يده، وايضاً نبرة خطابه وما يتحدث عنه ولون بشرته التي كانت طبيعية، كلها تدل على تكلم الرجل من موقع المنتصر، المدرك، والمالك لزمام الأمور، حيث تناغمة هذه الحركات جميعها وتحركت سوياً مع كلماته، فتفاعل جسده والحركات كلها مع عبارات التهديد وعبارات الرسائل كدليل على الثقة بالنفس والاصرار والصدق بما يقول.
إذاً خروج السيد على مدار يومين كان له رسائل عديدة، من المؤكد بأنها أكدت للخصوم بأن هذا الرجل يتكلم من موقع المنتصر المدرك لابعاد ما حققه، وهم أدركوا بالتأكيد بأن هذا الرجل وخروجه كان تحدياً لهم أثار إستيائهم الذي عبّروا عنه من خلال الهجمة التي شنوها عليه بعد الخطاب مباشرة وهي مستمرة حتى اليوم، خصوصاً على الشاشات، حيث يريدون تشويه صورته التي خرج بها، اي صورة المنتصر الصادق التي ظهر بها السيد، وتحويلها إلى “ظهور من أجل إعطاء المعنويات لجمهورة”، فعلى العكس تماماً، تفاعل الجمهور معه ومع ظهوره على مدى يومين، يؤكد بأنهم (اي الجمهور) يملكون من المعنويات ما يمكن توزيعه على سكان لبنان وسوريا وأبعد من ذلك، ويملكون من الولاء لهذا السيد ونهجه ما لا يمكن أن يؤثر عليه نعيق من هذه الشاشة، او نهيق من الاخرى، فمشروع تشويه صورة السيد، كما صورة المقاومة قد سقط،،، سقط يوم خرج السيد كبطلاً بين الجموع، يخطب خطاب النصر الثاني القادم.