لطالما تطلع كثيرون في أسواق السياحة إلى رؤية الروبل الروسي عملة تداول بين الشركات المصرية والروسية المزودة للخدمات السياحية في المناطق السياحية الشهيرة داخل مصر، لتخفيف العبء على الجانبين، ولاسيما مع اندلاع أزمة الروبل الذي تعرض لضغوط أدت إلى خسارته نسبة مهمة من قيمته في أسواق الصرف بسبب العقوبات الغربية على خلفية الأزمة الأوكرانية.
لم يكتشف البعض حقيقة مهمة شهدتها الأسواق السياحية في مصر، وهي أن مدينة الغردقة المعروفة بكثافة استقبالها لأفواج السياحة الروسية، والمشروعات السياحية الروسية، ورحلات الطيران التي تحط على أراضيها، كان لها قصب السبق في تفعيل الروبل من تلقاء نفسها كعملة تداول بداخلها.عوضا عن الدولاراكتشفت وكالة “سبوتنيك” الروسية حقيقة تدور على أرض الواقع منذ سنوات، وهي أن “الروبل الروسي” بات عملة تداول نشطة في بعض مواقع مدينة الغردقة، عوضا عن تعاملات العملات الصعبة الأخرى، والأدهى من ذلك أن هناك سوقا موازية (السوق السوداء) باتت موجودة ورائجة إلى حد أن أسعاره باتت مثيرة للدهشة في الآونة الأخيرة، فالدولار الذي يحوم سعرصرفه في السوق الرسمية حول 60 روبل روسي، يصل إلى 90 روبلا في السوق السوداء.حفظ المدخراتوحقيقة الأمر تشير إلى أن استخدام العملة الروسية، الروبل، ليست وليدة الاشهر القليلة الماضية إبان أزمة الروبل، بل تتم منذ سنوات عدة من قبل السائحين الروس في المحال التجارية والمكاتب السياحية الصغيرة بالمنتجعات المختلفة على سواحل البحر الأحمر.كان ذلك للتسهيل على السائح، إذا أراد شراء سلعة ما وقد نفذ منه الدولار أو العملات الصعبة الأخري، المتعارف التعامل بها من قبل السائحين.الحقيقة الأخرى التي يشير إليها متعاملون في مدن البحر الأحمر، تكمن في أن من أوجد هذه الفكرة، في المقام الأول، كان العاملون الروس أنفسهم في تلك المحال التجارية، فقد جاءتهم فكرة البيع بالروبل الروسي من أجل تنفيذ عملية البيع، إذا تعذر وجود الدولار. وعلى الجانب الآخر يقوم هؤلاء العاملين بشراء الروبل، ويدفعون لأصحاب المحال بالجنيه المصري، وبالتالي يمكنهم حفظ مدخراتهم بالروبل الروسي بدلاً من الجنيه المصري حيث يعودون بها إلى بلادهم وقت الإجازات.ما المشكلة إذن؟المشكلة تكمن في أن عملية شراء الروبل تتم عن طريق سعر صرف يزيد بحوالي 30% عن سعر الروبل الحقيقي، أو أكثر في بعض الأحيان.أي أنه إذا كان سعر الدولار الأميركي في السوق الرسمي 60 روبل روسي، فقد نجده في المحال التجارية أو بعض المكاتب السياحية التي تقدم خدمات للزائرين الروس من 90 إلى 100 روبل مقابل الدولار.تبرز هنا جملة من التساؤلات أهمها؛ هل من الممكن أن يؤثر هذا السلوك على المقترحات والمفاوضات الجاري دراستها من قبل الحكومتين المصرية والروسية بشأن تداول الروبل؟وكيف يمكن الحد من هذه المعاملات كي تأتي بالنتيجة المرجوة منها، وهي التسهيل على السائحين الروس أثناء وجودهم في المنتجعات المصرية وقضاء إجازاتهم؟صعوبة التقنينحملت “سبوتنيك” تلك التساؤلات إلى رئيس الاتحاد المصري للغرف السياحية، إلهامي الزيات، الذي علق على ظاهرة السوق السوداء للروبل قائلاً “إن البازارات ومكاتب السياحة الصغيرة لا تعد مقياساً لأي شيء، حيث إنها تمثل جزءاً ضئيلاً جداً من المعاملات، علما بان مثل تلك المعاملات هي تجارة غير مشروعة”.واعتبر المسؤول المصري أنه “من الصعب أيضا تقنين أو التحكم في مثل هذه المعاملات داخل المحال التجارية والمكاتب السياحية الصغيرة”.واستبعد الزيات أن تتأثر الفنادق بتلك التعاملات “فالفنادق لها حد أدنى من التعامل بالجنيه المصري، وإذا أخذ روبل فلن يستطيع أن يغيره، حيث إننا لم نتوصل بعد إلى اتفاق بشأن الصفقات المتكافئة، التي كان معمول بها أثناء حقبة الاتحاد السوفياتي السابق.”وأكد رئيس الاتحاد للغرف السياحية أن مشروع التعامل بالروبل الروسي مازال تحت الدراسة، قائلا “إن هذا الفكر الجديد يتطلب بعض الوقت، إذ ان مثل هذا المشروع لا يخص قطاع السياحة فحسب، بل يهم القطاع التجاري أيضا ويتم عن طريق بنك وسيط”.رسالة طمأنينةوعلى صعيد المشروعات السياحية التي تم نقاشها أثناء مؤتمر دعم وتنمية الاقتصاد المصري “مصر المستقبل”، الذي استضافته مدينة شرم الشيخ، لفت الزيات إلى أنه “لم تكن هناك مشروعات سياحية كثيرة، ونحن لسنا في حاجة إلى مشاريع سياحية أخرى، فلدينا البنية التحتية الكاملة من الفنادق والمنتجعات، لكن لا شك أن قيام مشاريع تنموية أخرى سيساعد في استعادة السياحة، فنحن في حاجة إلى عودة السياحة العالمية”.واستدرك قائلاً”أستطيع أن أؤكد أننا حصلنا على تأييد عالمي كامل أثناء هذا المؤتمر، فانعقاد المؤتمر في مدينة شرم الشيخ، في حد ذاته، هو رسالة طمأنينة للعالم بأكمله “.
سبوتنيك