أظهرت نتائج استبيان أجراه المعهد العربي لرؤساء المؤسسات في تونس لرصد مخاوف المستجوبين خلال السنتين المقبلتين والعشر سنوات المقبلة أنّ غالبية المشاركين يرون أن التباطؤ الاقتصادي وكذلك أزمة الدين العام يظلان التهديدين الرئيسيين الأكثر ترجيحا خلال العامين المقبلين لبلادنا.
كما يمثل خطر حدوث أزمة ديون مصدر قلق متكرر بين المشاركين، ويظهر ذلك في نتائج عامي 2022 و2023.
وقد نشر المنتدى الاقتصادي العالمي، أمس الأربعاء، الإصدار التاسع عشر من تقرير المخاطر العالمية، استنادا إلى هذا الاستبيان الذي أجراه المعهد في سبتمبر 2023، بوصفه شريكا رسميا للمنتدى، وذلك لتحديد ً المخاطر التي تشكل أخطر التهديدات لكل دولة في العالم، وفقا لأكثر من 11000 من رؤساء المؤسسات من 113 اقتصادا و 1490 خبيرا (أساتذة جامعيين، قطاع خاص، حكومة، مجتمع دولي ومجتمع مدني(.
ويعتبر المستجوبون من الدول الثلاث تونس والمغرب ومصر أن التباطؤ الاقتصادي هو من التهديدات الأكثر خطورة خلال العامين المقبلين. وتشترك هذه الدول أيضا في التصورات المتعلقة بعدد من المخاطر الأخرى (الديون العامة، التضخم وأزمة المياه(.
وبالنسبة لتونس فقط، تظهر هشاشة الدولة في أعلى 5 مخاطر للسنتين المقبلتين، مقارنة بهذه البلدان نفسها.
وتجدر الإشارة إلى أن التقرير يظهر أن تونس تلتقي في توقعات المخاطر لسنة 2024 مع خمس دول أخرى حول ثلاث مخاوف مهمة تتعلق بـهشاشة الدولة وبالتضخم والتباطؤ الاقتصادي، وهي فنزويلا والتشيلي والسنغال والبوسنة والهرسك والكويت.
أمّا في ما يتعلّق بالمخاطر العالمية الحالية فقد أبرز التقرير أن المخاطر المناخية تحتل مكانة بارزة في سلم المخاطر لعام 2024 وحتى خلال السنوات القادمة.
كما يسيطر القلق على المستجوبين حول استمرار أزمة غلاء المعيشة ومخاطر ترابط تبادل المعلومات الخاطئة أو المضللة التي تتم بواسطة الذكاء الاصطناعي وكذلك تفاقم الانقسام المجتمعي والهجمات السيبرانية كونها المخاطر المهيمنة على توقعات عام 2024.
ويرى المستجوبون أن مخاطر المعلومات المضللة التي يحركها الذكاء الاصطناعي تهيمن على التوقعات خلال السنتين القادمتين وأن الترابط بين نشر المعلومات الزائفة والاضطرابات المجتمعية سيحتلان المشهد العام، بينما تقترب مواعيد الانتخابات في عدة اقتصادات، بالإضافة إلى الظواهر المناخية الحادة والاستقطاب المجتمعي وانعدام الأمن السيبراني.
وبسبب النزاعات القائمة، من الممكن أن تؤدي التوترات الجيوسياسية الأساسية إلى عدوى الصراع.
ويبين التقرير دخول المخاطر الاقتصادية، مثل التضخم والتباطؤ الاقتصادي التصنيف العالمي، مع وجود حالة من عدم اليقين على المدى القصير خاصة في الولايات المتحدة والصين.
وعند مقارنة معطيات السنتين بمعطيات العشر سنوات، نلاحظ ارتفاع درجات أربعة مخاطر بيئية ستزداد سوءا خلال فترة السنوات العشر (تغير حاد في نظام الأرض، فقدان التنوع البيولوجي وانهيار الأنظمة البيئية، نقص الموارد الطبيعية والتلوث)، مما يشير إلى أن المستجوبين قلقون بشأن تزايد حدة هذه المخاطر على المدى الطويل، كما جاء في التقرير.
أما بالنسبة لـ “الهجرة غير الطوعية” فيُنظر إليها على أنها أكثر خطورة قليلًا على المدى الطويل.
ولمواجهة هذا المشهد المتغير، أوصى المنتدى الاقتصادي العالمي بضرورة تركيز الجهود المستمرة على بناء القدرة على الصمود على مستوى المنظمات والبلدان والمجتمع الدولي.
ويرى المنتدى إمكانية أن يلعب القطاعين العام والخاص دورا رئيسيا في تحقيق الفوائد للجميع، وأنّ هناك فرصا رئيسية للعمل يمكن اتخاذها محلًيا أو دولًيا، بشكل فردي أو جماعي، مما يؤدي إلى تقليل تأثير المخاطر العالمية بشكل كبير.
ويشمل ذلك، وفقا للمنتدى، إعطاء الأولوية للمستقبل والتركيز على البحث والتطوير، وهو ما يمكن أن يساعد أيضا في جعل العالم مكاًنا أكثر أماًنا.
وجاء في التقرير أنّ الإجراءات الجماعية التي يتخذها المواطنون والشركات والبلدان قد تبدو غير ذات أهمية في حد ذاتها، ولكن يمكنها تحديد البوصلة بشأن الحدّ من المخاطر العالمية.
ويظل التعاون واسع النطاق عبر الحدود ضروريا لمواجهة المخاطر التي من شأنها عرقلة أمن وازدهار البشرية، وفقا للتقرير ذاته .
هدى القرماني