قال رئيس الحكومة المكلذف، الياس الفخفاخ إنّ الاولويات الاقتصادية المرسومه لحكومته تبقى غير كافية باعتبار ان المشاكل عميقة في جميع القطاعات، لذلك تم ضبط رؤية استراتيجية للاصلاح تعتمد على مقاربة تشاركية لتغيير منوال التنمية.
وأضاف الفخفاخ في بيان قدّمه أمام مجلس نواب الشعب، الثّلاثاء، في مسعى لنيل ثقته، أنّ هذه الرّؤية، التّي ستمكن من وضع البلاد على الطريق القويم، ترتكز على مخطّط للاستثمارات الاستراتيجية للمستقبل يتضمن محاور الانتقال الاقتصادي.
ويستند هذا المخطط على المشاريع الوطنية الكبرى “التي ستكون عماد العقد الاجتماعي الجديد وفرصة للانتقال الى دولة عصرية ذات دخل متوسط واقتصاد ذي قيمة مضافة عالية”.
ويتمثل المشروع الاصلاحي الاقتصادي الاول، في الاستثمار في الثّورة الرّقمية والمعلوماتية من خلال التّركيز بالخصوص على القفزات الصناعية والتكنولوجية التي يمكن ان تجعل تونس رائدة في هذا الاقتصاد الجديد.
وشدّد الفخفاخ في هذا الاطار، على ضرورة أن تدخل تونس في الثورة التكنولوجية باعتبار توفرها على القدرات البشرية العلمية والمناخية اللازمة لتحقيق تموقع جيد وخلق فرص شغل خلال الثلاثين سنة القادمة، معلنا أنّ هذا المشروع الوطني “سيكون بمثابة الدخول الحقيقي في القرن الحادي والعشرين وإدماج تونس في الثورة الصناعية الرّابعة وجعلها المحرك الاقتصادي الرئيسي للبلاد”.
واعتبر الفخفاخ ان الثورة الرقمية التي تحدث اليوم هي “فرصة تاريخية، فهي تعتمد على الكفاءات البشرية ولا تتطلب كثافة في الرسملة بالأضافة إلى كونها مفتوحة على كل العالم سواء من ناحية البحث او الإنتاج والتوزيع”، ملاحظا أنذ “ما يقارب 70 بالمائة من مواطن الشغل المستقبلية ستكون في مجال الثورة الرقمية”.
ويتعلق المشروع الاقتصادي الثاني في مخطط الحكومة المكلفة، بإنجاز النقلة الطاقية عبر الانخراط في الانتقال الطاقي خاصة ان تونس تستورد اكثر من 50 بالمائة من طاقتها بالعملة الصعبة، في الوقت الذي تتوفر فيه على حوالي 300 يوم مشمس في السنة “لذلك يجب استغلال الطاقة الشمسية لانتاج الطاقات المتجددة وفق استراتيجية متكاملة بما يمكن من تحقيق النقلة الطاقية”، وفق الفخفاخ.
وشملت ذات المشاريع، اصلاح المنظومة الفلاحية (المشروع الثالث اقصاديا)، من خلال وضع السياسات الفلاحية الشاملة عبر اعتماد مقاربة إصلاح شاملة قائمة على الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية والأمنية للفلاحة.
وأكّد الفخفاخ في هذا الصدد، أنذ “الوقت حان لوضع استراتيجية للحفاظ على الموارد المائية وتطويرها”.
ويخص المشروع الوطني الاقتصادي الرّابع، الاندماج الطّوعي داخل القارة الافريقية، من خلال ضبط استراتيجية شاملة للنّفاذ إلى أسواق إفريقيا جنوب الصحراء عبر تطوير علاقات تونس الدّبلوماسية والاقتصادية والثقافية.
وسيتم في هذا الاطار البحث عن فرص التصدير لكلّ ما يتم صناعته في تونس من منتوج وخدمات وتشجيع رجال الاعمال على الاستثمار في إفريقيا ودعمهم ومرافقتهم حتى تكون تونس بوابة العالم للقارة الافريقية، وفق الفخفاخ.
الياس … الحكومة متناسقة وستكون في خدمة البلاد
قال المكلف بتشكيل الحكومة الياس الفخفاخ خلال تقديمه لفريقه الحكومي في جلسة منح الثقة المنعقدة اليوم الأربعاء بقبة البرلمان، ” إنها حكومة متناسقة، أردناها تشبه التونسيين والتونسيات ويرون أنفسهم فيها، وستكون في خدمة البلاد ولا تخدم مصالحها الخاصة، وتبذل اقصى جهودها لتحقيق الإصلاح المنشود”.
وأبرز أن الحكومة متكونة من فريق مجهز ومجند لتثبيت دولة القانون، وتجسيد مضمون الكرامة، وفتح الأفاق المستقبلية وإرجاع الأمل، وتتكون من مناضلين وحقوقيين ومستقلين مشهود لهم بالكفاءة والنزاهة ونظافة اليد،وهو ما من شأنه أن يخلق ديناميكية إيجابية تقوي العمل الحكومي وتزيد في نجاعته.
وبين الفخفاخ أن الحكومة التى حملت شعار “حكومة الوضوح واعادة الثقة”، تتضمن ولأول مرة منذ الإستقلال امرأة على رأس وزارة سيادة (وزارة العدل)، ملتزما بمزيد تقوية تمثيلية المرأة في مراكز القرار. واضاف أن ضم الحكومة لمسؤولين سياسيين من الصف الأول، يعتبر دافعا لإستقرارها ويساهم في تحميل الأحزاب السياسية مسؤوليتها أمام الشعب.
واعتبر أن “التنوع السياسي وتعدد الأحزاب داخل الحكومة الذي قد يبدو للبعض تناقضا ومصدرا لتعطيل للعمل الحكومي، هو انعكاس للتنوع السياسي داخل مجلس نواب الشعب”، مؤكدا ان الفريق الحكومي له قناعة راسخة بإمكانية تحويل هذا التنوع إلى عنصر إضافة و إثراء ونجاعة في العمل الحكومي وذلك حين يضع مصلحة تونس العليا فوق كل اعتبار.
وأكد المكلف بتشكيل الحكومة، أن الثورة كشفت أخطاء الماضي وأعطت البلاد فرصة ثمينة للإصلاح، معتبرا أن الثورة كانت لحظة مفصلية في تاريخ تونس وكانت أيضا لحظة حاسمة للتواصل المنشود بين ما تألقت به تونس خلال فترة الاستقلال وما بقي في الوجدان من شموخ منجزات الدولة الوطنية من جهة، وبين ما تتميز به تونس اليوم من تفرد بتأسيس حياة سياسية قوامها الحرية والعدل وعلوية القانون والكرامة من جهة أخرى.
وشدد في هذا الشان على أن تونس اليوم بحاجة لهذا الجسر الرمزي والمعنوي والحيوي الذي يربط بين لحظة التأسيس ولحظة التجديد، بين أجيال ناضلت من أجل السيادة الوطنية ومقاومة الجهل والفقروالأمية، وأجيال ناضلت ولازالت تناضل من أجل الحرية والعدل والكرامة وكل أشكال القهر، والتمييز، والتهميش واللامساواة.
فى المقابل أعرب الفخفاخ عن خشيته من أن تواجه الحكومة عراقيل في صورة عدم دعمها من مجلس نواب الشعب أو من الطبقة السياسية قائلا ” للأسف يمكن أن يبقى طموح الحكومة حبرا على ورق إذا لم يكن مجلس نواب الشعب المحرك الأساسي للعمل الحكومي ” مضيفا ان “الطبقة السياسية اليوم محل لوم من طرف التونسيين وهذا ما نتفهمه”.
واكد ان الحكومة ستقوم في صورة منحها الثقة بدورها وبواجبها أمام مجلس نواب الشعب من خلال توفير الإمكانيات المادية والبشرية لتقوية العمل التشريعي والرقابي الذى سيمكن من تحسين الأداء الحكومي والتسريع بظهور نتائجه على حياة التونسيين والتونسيات إلى جانب تقوية فكرة المساءلة.
واعرب عن التزامه بالعمل مع رئيس الجمهورية ومع البرلمان وممثلي الاحزاب السياسية في إنسجام وتكامل في إطار احترام الدستورلتحقيق المصلحة العليا للوطن، مجددا الالتزام بمزيد تطوير علاقات تونس الدولية مع شركائها في أوروبا وافريقيا وكل أنحاء العالم بما ينفع جميع الأطراف بعدالة مع الالتزام بالمعاهدات والمواثيق الدولية.
وات