يتوجه رئيس الجمهورية قيس سعيد، اليوم الثلاثاء، إلى الصين في زيارة دولة بخمسة أيام تلبية لدعوة من الرئيس الصيني “شي جينبينغ”، وفق ما ذكرته رئاسة الجمهورية أمس الإثنين في بلاغ.
وسيشارك الرئيس سعيد، وفق ذات المصدر، كضيف شرف في الجلسة الافتتاحية للاجتماع الوزاري العاشر لمنتدى التعاون العربي الصيني الذي سينعقد يوم 30 ماي 2024 ببيكين.
وكانت وزارة الخارجية الصينية أعلنت، الإثنين، أن رؤساء تونس ومصر والإمارات وملك البحرين سيزورون الصين الأسبوع الحالي بدعوة من الرئيس الصيني “شي جينبينغ” وسيحضرون حفل افتتاح المؤتمر الوزاري العاشر لمنتدى التعاون الصيني العربي، وفق ما نقلته وكالة الأنباء الصين الجديدة “شينخوا” عن المتحدثة باسم الوزارة.
وسيجري “شي جينبينغ” محادثات مع رؤساء الدول الأربعة “لتبادل وجهات النظر حول العلاقات الثنائية والقضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك”، وفق ما ذكره “دينغ لي” نائب وزير الخارجية، في مؤتمر صحفي في بيكين.
وتتطلع تونس إلى دعم شراكتها مع الصين في عدة ميادين لتشمل على وجه الخصوص مختلف المجالات الواعدة وذات القيمة المضافة.
وكان الرئيس سعيد التقى في جانفي الماضي بوزير الشؤون الخارجية الصيني “وانغ يي”، وأكّد له تطلع تونس إلى إرساء شراكات واعدة وبرامج تعاون جديدة مع الصين في عدّة ميادين، على غرار الصحة والفلاحة والرياضة والبنية التحتية والطاقات المتجدّدة.
وتلقى رئيس الدولة مؤخرا دعوة من نظيره الصيني للمشاركة في الدورة المقبلة لمنتدى التعاون الإفريقي الصيني التي ستلتئم في شهر سبتمبر 2024 ببيكين.
العلاقات الديبلوماسية
احتفلت تونس والصين مفتتح العام الحالي (2024) بالذكرى الستين لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين.
وكان الاحتفال مناسبة أبرز فيها الجانبان النتائج المثمرة للتعاون الثنائي منذ إقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، وأكدا الحرص على دعم الشراكة في مختلف المجالات، وبناء توافق أوسع.
وتعد تونس من أول البلدان الإفريقية التي ربطت علاقات دبلوماسية مع الصين (1964) وكانت ضمن قائمة البلدان التي صوّتت لفائدة قرار الأمم المتحدة عدد 2758، الصادر في 25 أكتوبر 1971، الذي تم بموجبه الاعتراف بحكومة جمهورية الصين الشعبية كممثل وحيد للشعب الصيني.
وشهدت العلاقات بين البلدين خلال السنوات الماضية حركية ديبلوماسية ومشاورات سياسية أفضت إلى توقيع بيكين على مذكّرة تفاهم بخصوص انضمام تونس، عام 2018، إلى مبادرة “الحزام والطريق”.
وكانت الصين اقترحت هذه المبادرة في عام 2013 بهدف تعزيز الترابط والتعاون على نطاق واسع يمتد عبر القارات، وذلك بالخصوص عبر تطوير وإنشاء طرق تجارية وممرات اقتصادية تربط أكثر من 60 بلدا.
وكان نائب أمين عام الحزب الشيوعي الصيني ” جيو فنكي” أكد لدى زيارته مؤخرا (ماي 2024) إلى تونس أن المشاركين حاليا في المبادرة الصينية “الحزام والطريق” يمثلون ثلاثة أرباع دول العالم و32 منظمة دوليّة.
واستمرت الحركية الدبلوماسية بين تونس والصين، لاسيما عبر تبادل الزيارات بين مسؤولي البلدين، من ذلك زيارة كاتب الدولة للشؤون الخارجيّة إلى الصين للمشاركة في أشغال الدورة الثالثة لمنتدى الحزام والطريق للتعاون الدولي (16-18 أكتوبر 2023) وزيارة رئيس الرابطة الصينية للتفاهم الدولي ونائب رئيس اللجنة الدائمة للمجلس الوطني لنواب الشعب الصيني “جي بينجكسوان” ( ديسمير 2023).
كما زار تونس المبعوث الخاص للحكومة الصينية المكلف بالشرق الأوسط (جويلية 2023) وكذلك نائب وزير اللجنة الوطنية للصحة الصيني (أوت 2023)، فضلا عن زيارة لوزير الخارجية الصيني “وانغ يي” في جانفي 2024.
التعاون الاقتصادي
في الجانب الاقتصادي، ووفق معطيات وزارة الشؤون الخارجية، أبرم البلدان بين عامي 1961 و2023 ستين (60) اتفاقية في مجالات مختلفة، مثل التعاون العلمي والتكنولوجي والمياه والسدود وتكنولوجيات المعلومات والثقافة والشباب والرياضة والزراعة والطاقة والصحة.
وتعد الصين رابع شريك تجاري لتونس بعد فرنسا وإيطاليا وألمانيا، وهي إلى غاية سنة 2019 أهم سوق آسيوية للسياحة التونسية ببلوغ عدد السيّاح الصينيين الذين زاروا تونس 32 ألف سائح.
ويعمل البلدان على استرجاع حيوية هذه السوق بعد تأثيرات جائحة ” كوفيد “، إذ قررت الصين إعادة إدراج تونس ضمن الوجهات المعترف بها رسميا للسياح الصينيين في شهر أوت 2023 وموافقة تونس في شهر سبتمبر 2023 على طلب الجانب الصيني إعادة العمل بقرار إعفاء السياح الصينيين من تأشيرة الدخول إلى التراب التونسي.
وتجمع تونس بالصين عديد البرامج المشتركة لدعم البنية التحتيّة والخدمات الصحّية في المناطق ذات الأولويّة من خلال البعثات الطبية الصينيّة إلى تونس وإنجاز مشروع المستشفى الجديد بصفاقس وتعزيز المهارات والقدرات لدى مهنيّي الصحّة في مختلف الاختصاصات.
ويعود التعاون بين تونس والصين في المجال الصحي إلى سنة 1973، إذ مكنت البرامج المنجزة طيلة السنوات الماضية، والمتمثّلة أساسا في إرسال فرق طبية صينية إلى تونس وتوزيعها على عدد من المستشفيات الجهوية، من تبادل الخبرات ذات الصّلة بين البلدين ومن توفير الخدمات الطبية والمتابعة الصحية بالمناطق الداخلية.
كما يشمل التعاون الثنائي أيضا مجال تكنولوجيات الاتصال والمعلومات وكلّ ما يتعلّق بالبحث والتجديد وبناء القدرات وتكوين الموارد البشرية وتطوير استعمالات التكنولوجيات الرقمية، إضافة إلى الأمن السيبرني وسلامة البيانات والاقتصاد الرقمي وتبادل الخبراء والخبرات
ومنحت الصين تونس عدّة هبات مكّنت من إنجاز عدد من مشاريع البنية التحتية على غرار مبنى الأرشيف الوطني والمركب الثقافي والرياضي بالمنزه السادس ومبنى الاكاديمية الدبلوماسية المموّلة بهبة قدرها 30.6 مليون دولار /85 مليون دينار وهو مشروع تمّ تسليمه شهر مارس 2022 وتدشينه بتاريخ 15 جانفي 2024 إضافة إلى المستشفى الجامعي بصفاقس.
كما عزز البلدان علاقات التعاون من خلال مؤسسات عديدة، بينها منتدى التعاون الصيني الإفريقي ومنتدى التعاون الصيني العربي.
وكان رئيس الجمهورية قيس سعيد شارك في أشغال القمّة الأولى لمنتدى التعاون العربي الصيني المنعقدة في الرياض (السعودية) بتاريخ 9 ديسمبر 2022، وكانت له مقابلة مع نظيره الصيني بحث فيها معه سبل النهوض بالتعاون بين البلدين على المستوى الثنائي.
وتأسس منتدى التعاون الصيني العربي سنة 2004 لتعزيز الحوار والتعاون بين الصين والدول العربية في المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية ومختلف القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.
كما يمثل منتدى التعاون الصيني الإفريقي إطارا مؤسساتيا للتعاون الاقتصادي وكان تأسس سنة 2000 بمبادرة مشتركة من الصين والدول الإفريقية بهدف تعميق التعاون لتحقيق التنمية الاقتصادية ومواجهة تحديات العولمة.
وتعزّزت العلاقات التونسية الصينية أيضا عبر جمعيّة الصداقة البرلمانية التونسية الصينية، التي تعمل على تعزيز التقارب ودفع مجالات التعاون في مختلف المجالات.
وفي هذا السياق، انعقدت يوم 13 ماي الحالي جلسة عمل بين وفد من مجلس نواب الشعب ووفد رفيع المستوى من الحزب الشيوعي، الذي أبدى استعداد بلاده الكامل لدفع التعاون في مجالات متنوّعة، ترجمة لمساعي البلدين نحو مزيد الازدهار والتطوّر.
وات